لا شك لدي في وطنية رجل الأعمال نجيب ساويرس، ولا في أسرة ساويرس بالكامل بداية من الأب أنسي والأبناء نجيب وناصف وسميح، لكن التصريحات المتتالية منذ بداية أزمة الاستحواذ علي موبينيل بين شركتي فرانس تليكوم وأوراسكوم تليكوم فيها الكثير من المبالغة والشعارات الوطنية التي تخاطب الشارع أكثر مما تعبر عن موقف حقيقي لأن الأزمة في حقيقتها تتعلق بالأموال وهي كثيرة وبالمليارات. بالأمس وحسب "الوفد" قال نجيب ساويرس إنه يخشي أن تفعل معه الحكومة كما فعلت مع الفنان محمود المليجي في فيلم الأرض، وتقوم بسحله كما حدث مع محمد أبو سويلم، أنا شخصيا أحترم نجيب ساويرس وأراه نموذجا لرجل الأعمال الناجح، بالمقاييس العالمية، فهو مستثمر كبير في مصر، لكنه في نفس الوقت أحد أبرز المستثمرين في العالم في مجال الاتصالات والمقاولات، وهو يتحرك دائما وراء الربح والمكسب في أي مكان وهذا لا يعيبه لأن رأس المال ليس له وطن. لكن حكاية نجيب أبو سويلم تحتاج إلي إعادة نظر، فإذا كانت عائلة ساويرس تستثمر في مصر من أجل سواد عيوننا فلماذا باعت شركة المصرية للأسمنت التي كانت تمتلكها لشركة لافراج الفرنسية في صفقة بلغت أكثر من 12 مليار دولار، شملت أيضا حصة لأوراسكوم في لافراج العالمية وتعيين ناصف ساويرس عضوا في مجلس الإدارة.. أليس الأسمنت سلعة استراتيجية مهمة.. ومربحة كانت تستدعي الحفاظ عليها وطنية بدلا من بيعها للأجانب؟ من حق نجيب ساويرس الدفاع عن موبينيل ورفض استحواذ فرانس تليكوم عليها، سواء كان هذا الاستحواذ بحكم دولي أو بقرار مصري، فمن حقه الدفاع عن مصالحه وأمواله وأرباحه خاصة أنها شركة المحمول الأولي في مصر من حيث عدد المشتركين ونسبة الأرباح السنوية التي تحققها، وهي أيضا واحدة من ثلاث شركات محمول تمتلكها أوراسكوم تليكوم الأعلي أرباحا في عائلة أوراسكوم مع جازي الجزائرية وشركة المحمول الهندية.. وربما لو قال لنا انه يدافع عن مصالحه وأرباحه ما لامه أحد فهذا حقه وينبغي الدفاع عنه.. وهذه أمواله ومكاسبه ومن حقه حمايتها. لكن موضوع الوطنية والشركة المصرية ومحمد أبوسويلم وفيلم الأرض مبالغة كبيرة من نجيب ساويرس، قد يكسب منها شعبية في الشارع، وقد يستعملها من بين أوراقه التفاوضية، لكن من الواجب أيضا التذكير بأن إعلانات المصرية للأسمنت المملوكة لأوراسكوم أصبحت تقول بعد بيعها للفرنسيين "المصرية أصبحت لافراج"! في مصر رجال أعمال وطنيون كثر، يستثمرون في بلادهم، ويفتحون بيوت الناس، ويساهمون في تدوير عجلة الاقتصاد القومي، ولا يتهربون من مسئوليتهم الاجتماعية، لكنهم في نفس الوقت يتعاملون مع "البيزنس" باعتباره عملا يؤدونه باحترافية بعيدا عن الشعارات والمزايدات. أتمني من كل قلبي احتفاظ أوراسكوم تليكوم بنصيبها في موبينيل، حتي تظل شركة مصرية فرنسية مشتركة كما هي الآن، وألا تصبح أجنبية بالكامل، كما أتمني المزيد من النجاح لنجيب ساويرس فهو وعائلته فقد أحدثوا حراكا اقتصاديا في مصر.. لكن دعونا نتعامل مع الأشياء بمسمياتها الحقيقية.. بدون نضال أو وطنية في أمور لا علاقة لها بالوطنية بالمرة!