المواقع الإلكترونية تتعرف دوما علي الجهات التي تتعامل معها: هل هي آلات ترسل البريد المتطفل أم أنها من قبل إنسان يتصفحها؟. إلا أن هذا الأمر أصبح صعبا عندما نجحت الآلات في محاكاة الانسان. ما فات جعل صحيفة الواشنطن بوست الامريكية، تتساءل عمن هو موجود خلف جهاز الكمبيوتر، وخلف الإيميلات المرسلة لنا، قائلة: هل أنت إنسان حي أم برنامج كومبيوتر؟! يوما بعد يوما، يصبح من الصعب التعرف علي ذلك علي شبكة الإنترنت. وفي الفترة الأخيرة نجحت بعض البرامج الكومبيوترية في اجتياز بعض الاختبارات الموجودة علي مواقع الانترنت للتعرف علي ما إذا كان من يرتادها إنسانً من البشر أم مجرد برنامج علي الكومبيوتر يحاكي تصرفات البشر. تقول الواشنطن بوست: مؤخرا تمكنت برامج الكومبيوتر من اجتياز أحد هذه الاختبارات الموجهة الي الناس علي موقع علي شبكة الإنترنت، فقد تعرف البرنامج علي الحروف المشوهة الموجودة في الاختبار، ومن ثم تمكن من عمل حساب بريد إلكتروني علي موقع هوتميل وأرسل من خلاله عددا من الرسائل الدعائية، طبقا لما أوردته شركة ويب ساينس الأمنية التي تمكنت من اكتشاف هذا الأمر. ويأتي هذا الهجوم عقب هجمات مماثلة ضد خدمة البريد الإلكتروني التي تقدمها مايكروسوفت وخدمة جي ميل علي موقع جوجل. أضف إلي هذا، فقد أعلنت الشركة الأمنية منذ أكثر من أسبوع عن وقوع هجوم مماثل علي خدمة المدونات علي جوجل. يقول ستيفان تشينيت، مدير مختبرات الأمن في اويب ساينسب، التي تقع في مدينة سان دييجو بولاية كاليفورنيا الأمريكية: نلاحظ منذ عام أن الاختبارات التي تهدف للتمييز بين الإنسان وبرامج الكومبيوتر يتم استهدافها كثيرا، ويزداد مستوي هذه الهجمات يوما بعد يوم. وتهدف هذه الهجمات إلي إرسال رسائل دعائية مثل بعض الرسائل التي تروج لعقار الفياجرا أو ساعات رولكس.. إلخ. وبعد اجتياز هذه الاختبارات، سيكون من السهل علي من يقوم بإرسال هذه الرسائل الدعائية التسجيل في خدمة البريد الإلكتروني علي المواقع وإرسال إعلانات دعائية من خلال تلك المواقع. وتقدر فريس ريساتش أن يكلف ذلك الاقتصاد الأمريكي نحو 42 مليار دولار سنويا. وكان العالم البريطاني ألان تورينج قد اقترح عام 1950 تصميم عمل آلة للتأكد من أن من يقومون بإجراء محادثة عن طريق الهاتف أو في التلفاز هم من البشر. وقد أصبح لقضية التمييز بين الإنسان وبرامج الكومبيوتر دور أكبر في عصر الإنترنت. فأي شخص يريد أن يشترك في خدمة البريد الإلكتروني علي أحد المواقع أو عمل مدونة مجانية، عليه أن يجتاز هذه الاختبارات البسيطة للتأكد من أن مستخدم الخدمة من البشر حقا: ويكون علي مستخدم الخدمة التعرف علي عدد من الأحرف المشوهة. ومن المفترض أنه يستحيل علي برامج الكومبيوتر التعرف علي هذه الأحرف في الوقت المخصص لذلك، لكن يسهل ذلك نسبيا علي الإنسان. ويقول تشينيت: خدمة البريد الإلكتروني أو المدونات المجانية مثل الذهب الذي يسعي وراءه عدد من الأشرار. والسبب هو ضعف احتمالية قيام برامج تصفية الإعلانات الدعائية بمنع الإعلانات التي يتم إرسالها عن طريق هذه الخدمات المجانية. وكان موقع ياهو، الذي كان يعاني من عدد من برامج الكومبيوتر التي تقوم بالاشتراك في خدمة البريد الإلكتروني المجانية، من أوائل المواقع التي صنعت النماذج الأولي من هذه الاختبارات. وأطلق الموقع علي هذا الاختبار كلمة كابتشا، وهي تعني اختبار تورينج العام للتمييز بين الكومبيوتر والإنسان. لكن سرعان ما تمكن بعض المتخصصين في علوم الكومبيوتر من التغلب علي هذا الاختبار، ووضعوا برامج علي أجهزتهم يمكنها التعرف علي هذه الأحرف. ولتطوير هذه الاختبارات، قام موقع ياهو بتغيير الأحرف، فبدلا من أن تشير إلي كلمة بعينها، أصبحت مجموعة من الأحرف العشوائية ومن ورائها خلفية مشوشة. ويعلق جريج موري، وهو أحد العلماء الذين تمكنوا من حل اختبار الكابتشا القديم: أعتقد أن بإمكاننا التغلب علي الإصدار الحديث من الكابتشا، فقط نحن لم نحاول أن نقوم بذلك. ويضيف موري، وهو الآن أستاذ في علوم الكومبيوتر في جامعة سيمون فارسر في مدينة فانكوفر، أن العديد من الطلبات تأتيه ممن يقومون بإرسال الرسائل الدعائية طلبا لعمل برنامج يمكنه حل الكابتشا لكنه يرفض. ومع هذا، فإن آخر هجوم رصد علي الكابتشا لم يكن من قِبل بعض الأكاديميين، إنما من قِبل مرسلي الرسائل الدعائية. وقد رصدته الشركة الأمنية ويب ساينس، التي لديها العديد من أجهزة الكومبيوتر في كل أنحاء العالم كطعم لجذب مثل هذه الهجمات. وقد وردت تقارير عن هجمات علي خدمة جي ميل التي يقدمها موقع جوجل وخدمة لايف ميل التي قدمتها مايكروسوفت في فبراير 2008. وفي هذا الوقت كان من الصعب التعرف علي ما إذا كانت هذه الاختبارات قد اجتازتها برامج كومبيوتر أم بعض الروس الذين يحصلون علي مرتبات صغيرة أم كلاهما. فقد وجدت صفحة علي الكومبيوتر تعرض باللغة الروسية مبالغ مالية لمن يرغب في العمل علي حل هذه الاختبارات. لكن بسبب سرعة حل الاختبار ومعدل تكرار هذا الهجوم ونسبة الخطأ الكبيرة في حل الاختبارات أحس البعض في ويب ساينس، أن من يقف وراء ذلك هي أجهزة كومبيوتر وليسوا بشرا.وعندما سئلت الشركة عما إذا كان قد حدث هجوم علي الكابتشا الموجود علي موقع جوجل، قالت: ما زلنا نعتقد أن هناك آدميين متورطين في هذا الأمر.