30 ديسمبر عام 2006 هو تاريخ الليلة التي بدأ فيها الكابوس الذي عاشته الباحثة الإيرانية- الأمريكية البارزة هالة إسفندياري مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز "وودرو ويلسون الدولي"،ذلك الكابوس الذي استمر طيلة ثمانية أشهر هي مدة بقائها في السجون الإيرانية -وبالتحديد سجن "إيفين" سيئ السمعة- من أجل التحقيق معها في تهمة عرفت فيما بعد بإنها التهمة الإيرانية التقليدية؛ "محاولة قلب نظام الحكم". هذه هي القصة التي تسردها السيدة هالة إسفندياري في الكتاب الجديد الذي يحمل عنوان "سجني، موطني.. قصة امرأة في سجن إيران" والذي وضعته خصيصا لتعبر عن معاناتها وألمها في البلد التي نشأت فيها ولتروي مأساتها بمفرداتها الخاصة التي تعبر عن مدي القسوة والظلم والمعاناة التي يتعرض له السجناء في إيران. وتحكي إسفندياري آسفة تفاصيل ذلك اليوم المشئوم عندما كانت في طريقها إلي مطار طهران لتستقل طائرتها العائدة لواشنطن بعدما انتهت من زيارة والدتها والاطمئنان عليها،وفي الطريق انحرفت سيارة الأجرة التي تستقلها وهجم عليها ثلاثة رجال ملثمين ومسلحين وسرقوا بعضا من أمتعتها وجواز سفرها. وتقول السيدة إسفندياري إنها اعتقدت في البداية أن ما حدث كان مجرد حادث سرقة إلا أنها اكتشفت فيما بعد أنه مدبر كي لا تغادر إيران ولتستطيع الشرطة التحفظ عليها واحتجازها قبل أن تستجوب بعد ذلك علي مدي ثمانية أشهر استجواباً قاسياً ركز فيه المحققون علي برنامجها في المركز الأمريكي الدولي. كذلك تقول السيدة هالة إن الشيء الذي كان يؤلمها أكثر من الإرهاق الجسدي والإرهاب وطول مدة الاحتجاز والمعاملة غير الإنسانية التي لاقتها هو الضغط النفسي الذي كان المحققون يمارسونه عليها والذي كان يشعرها بيأس قاتل ومرارة رهيبة،وقد كان هذا الضغط النفسي يتمثل في إبعادها عن خبر يخص عائلتها أو يخص الجهود المبذولة من أجل الإفراج عنها،فهذا وحده أشعرها بتخلي العالم عنها وهو ما زاد من قسوة الإحساس بالغربة والوحشة والظلم. كذلك تصف السيدة هالة شكل الغرفة الضيقة شديدة الإضاءة والتي لم تكن تطفأ حتي في ميعاد النوم،وكذلك تروي كيف كان المحققون يتناوبون للتحقيق معها علي مدي ثماني ساعات متواصلة يكون وجهها فيه متجهاً للحائط مباشرة. عدم ثبوت التهمة بجانب الضغوط الأمريكية كانوا سبب الإفراج عن السيدة هالة وذلك في أواخر أغسطس 2007،وهو تاريخ انتهاء الإذلال علي حد وصفها. بخروج السيدة هالة من السجن تنتهي القصة المؤلمة التي تكشف فيها معاناة الإنسان في الدول الاستبدادية التي تقهر الحريات وتنتهك الإنسانية، وتقول السيدة هالة إنها علي الرغم من سنوات عمرها التي تجاوزت الستين لم تكن تدرك شيئا عن الألاعيب السياسية القذرة التي تمارسها الدول لفرض سياسات معينة،لكنها تعترف بأنها تعلمت الكثير من الأشياء التي ستبقي في روحها ندوبا لا تنتهي وجروحاً لا تلتئم من بلد اعتبرته ذات يوم وطناً.