ارتفاع أرصدة القمح بميناء دمياط إلى 184 ألف طن    من غزة ولبنان إلى العراق والبحر الأحمر.. تحذيرات من اندلاع صراع متعدد الجبهات في الشرق الأوسط    التعادل 1-1 يحسم قمة السنغال ضد الكونغو الديمقراطية فى أمم أفريقيا    رئيس المركز الأوكراني للحوار: كييف تراقب بقلق تحركات ترامب قبل لقاء القمة مع بوتين    أكبر مفاجآت كأس مصر.. الأهلي يودع البطولة بخسارة مفاجئة أمام وي    أندية برازيلية تتحرك لخطف جناح النصر في يناير    قبل نوة عيد الميلاد.. سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة وانخفاض درجات الحرارة بالإسكندرية    تعرف على موعد عزاء وجنازة المخرج داود عبدالسيد    اليابان ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    رونالدو يقود النصر لاكتساح الأخدود بثلاثية في دوري روشن    وزير الشباب ومحافظ القاهرة يشهدان ختام نهائي دوري القهاوي للطاولة والدومينو    عبدالحليم قنديل: الملك فاروق كان "ملك كوتشينة" وسلّم سيادة مصر ل6 دبابات إنجليزية    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    محافظ أسيوط يتفقد عملية التصويت بلجان الدائرة الثالثة بجولة الإعادة (فيديو)    إبراهيم عيسى يصل العرض الخاص لفيلمه الجديد الملحد    باحثة فلكية: 2026 سنة الحصان النارى وحظوظ للجميع بدرجات متفاوتة    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    شعبة المستوردين: المشروعات القومية تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والأرز في مصر    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    ترامب يطالب بكشف "الملفات السوداء" لإبستين ويتهم الديمقراطيين بالتورط    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    ياسين منصور يسلط الضوء على دور العقارات والسياحة المتكاملة فى تعزيز الاقتصاد المصرى    زواج نيللي كريم وشريف سلامة.. شائعة أم حقيقة؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    علاج حرقة المعدة المستمرة بالمنزل، ومتى تتحول إلى مرض مزمن؟    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    انطلاق مباراة بنين وبوتسوانا بأمم أفريقيا 2025    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    تطورات الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    محافظ البحيرة: رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة الطقس غير المستقر    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ايام فى السودان عبقرية أهلنا في الجنوب
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 27 - 11 - 2009

لأن أهلنا في شمال الوادي لا يعرفون الكثير عن اهلهم في جنوب الوادي، والعكس صحيح، ولأن السودان يستحق أن نعرفه، وأن نصالحه وأن نمحو الإساءات التي تسبب فيها بعض إعلامنا المنفلت وغير المسئول بعد مباراة أم درمان، أكتب عن بعض أيام عشتها في السودان لعلها تكون مدخلا لفهم هذا البلد الذي تجمعنا به روابط يجب ألا نسمح بتمزيقها أبدا.
في عام 1997 وبعد أشهر قليلة من المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس بابا والتي نفذتها عناصر إسلامية مصرية متطرفة انطلقت من الخرطوم بدعم وتخطيط من جناح داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان شدت الرحال إلي الخرطوم في مهمة صحفية هدفها الكتابة عن رؤية شاهد عيان لما يحدث في السودان ولمستقبل هذا البلد الذي يمر بمخاض صعب. سافرت السودان بحب وليس كما يفعل المراسلون الأجانب الذين يفتشون عن السلبيات ويختلقون الأزمات، وضعت عيني علي الناس البسطاء الذين تعاملت معهم من قبل في القاهرة والخرطوم.. كيف يعيشون.. ما هي أمالهم وأحلامهم ورؤيتهم للمستقبل.. وبعكس مراسلين صحفيين آخرين يقيمون في فنادق خمس نجوم أقمت في أحد فنادق السوق العربي وهي منطقة تجارية شعبية في قلب العاصمة تشبه كثيرا العتبة وفنادقها الرخيصة.
في فنادق الخرطوم وعلي نيلها الجميل لن تري سوي مشاهد سياحية.. ووجوه معظمها أجنبية، اما في الفنادق الشعبية فيأتي المواطنون من جميع أرجاء السودان، لقضاء شهر العسل للمتزوجين حديثا او البحث عن فرصة عمل، أو تاجر جاء ليتبضع او لتصريف بضاعته.. أو لقضاء حاجة في مصلحة حكومية في بلد كان لا يزال مركزيا رغم تقسيمه إلي ولايات.
أبناء جنوب السودان أول من لفت نظري لوجودهم بكثرة في الخرطوم، حيث العمل والأمن والبعد عن الحرب الأهلية التي كانت حامية الوطيس في الجنوب والشرق بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان التي نجحت قبلها بعام في استقطاب المعارضة الشمالية وإقناعها بالاشتراك في الحرب ضد الحكومة.
كان السؤال الذي ألح علي عام 1997 ولا يزال بعد مرور 12 عاما هو: كيف أثرت الحرب الأهلية المستعرة علي الطبيعة والشخصية الوطنية السودانية؟ بعد استقلال السودان في عام 1956 بدأت إرهاصات التوتر في الجنوب، وسرعان ما تحولت إلي حركة إنفصالية حملت اسم "أنانيا"، ومنذ 53 عاما لم تتوقف الصراعات والحروب سواء بين الدولة ومعارضيها أو بين القبائل المتناحرة والمتخاصمة، كما بدأت أزمة دارفور الحالية، لكن الغريب أنه بعد كل هذه السنوات من العنف لا تزال الشخصية السودانية تحافظ علي سماتها العامة من حيث حب الحياة والبعد عن العنف.. وهو أمر نادر الحدوث في مثل هذه الحالات.
في حرب فيتنام الشهيرة بدأ الأمريكيون الحرب ضد فيتنام الشمالية في عام 1965 لمدة تسع سنوات فقدوا خلالها 57 ألف قتيل ونحو 159 ألف مصاب، لكن هذه الحرب تركت تأثيرات نفسية واجتماعية لن تنمحي بسهولة عن الشخصية الأمريكية وعانت أجيال عديدة من الأمريكيين من هذه الحرب، وهو أمر تكاد تلحظه العين الخبيرة في مواطني أي بلد تخوض حربا.
ورغم أن الحرب في جنوب السودان أدت إلي مقتل وتشريد نحو مليوني مواطن، لا تكاد تلحظ أي تغييرات جذرية في الشخصية السودانية، وربما تكمن هنا عبقرية الشخصية السودانية.. فالسودانيون محبون للحياة، حتي في عز الأزمة لا يتنازلون عن حياتهم ولا يسمحون للأيام العصيبة وللزمن بالتدخل في مسارات الحياة وطبع الشخصية السودانية بالعنف الذي يؤدي إليه حمل السلاح لسنوات.وبينما كانت الحرب في عام1997 دائرة في جنوب وشرق السودان كانت الكازينوهات والمتنزهات الممتدة بطول شاطئ النيل الساحر في العاصمة المثلثة تمتلئ بالناس، البعض منهم فقد ابنا أو زوجا أو شقيقا في الحرب، لكن السودانيين المحبين للأرض السمراء والذين طبعهم النيل بعد تهذيبه بحنيته وخيره، خلعوا عباءة الحزن وتناسوه ورفعوا شعار فلتمض الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.