استمرارا للموقف الموحد الذي بدت عليه مصر منذ أحداث مباراة مصر والجزائر في أم درمان بالسودان الشقيق استغرب عدد من الدبلوماسيين المصريين وسفراء بعض الدول لدي القاهرة ما أقدمت عليه القيادة الجزائرية وشعبها "البلطجي" الذي رد جميل دعم مصر لها علي مرأي ومسمع من العدو قبل الصديق بضرب أبنائها بالسيوف والأسلحة البيضاء والسوداء وتخويفهم وإرهابهم عقب لقاء أم درمان فضلا عن الاعتداء علي آخرين مصريين وممتلكاتهم علي أرض الجزائر دون أن تتحرك قيادة أو تنفيذيون وتمادي الأمر وسط عدة تصريحات للخارجية المصرية تدعو فيها الحكومة الجزائرية للحفاظ علي أرواح وممتلكات المصريين وكان المؤسف أن هذه التصريحات لم تقابلها أي استجابة سواء برد فعل أو تصريحات مماثلة حتي أقدمت مصر علي اجراء هو الأعنف تجاه دولة عربية عندما استدعت مصر سفيرها لدي الجزائر للتشاور بعد أن استدعت وزارة الخارجية السفير الجزائري مرتين للاحتجاج. السفير سيد أبوزيد مساعد وزير الخارجية للشئون العربية "سابقا" عبر عن أسفه للتداعيات التي أحدثها "رعاع" - علي حد وصفه - الجزائر علي علاقات البلدين التي كانت تتميز بالخصوصية عبر تاريخها ما دفع مصر للدخول في أكثر من معركة وأكثر من مواجهة بسبب دعمها الدائم لهذا البلد فلولا هذا الدعم ما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي عام 6591 وأيضا لولا الدعم المصري ما كان للثورة الجزائرية أن تستمر وأن تحرر هذه الأرض مشيدا بقادة الجزائر السابقين الذين علموا حجم مصر ودورها وقدروها حق قدرها مثل الرئيسين بومدين وبن بيلا. وأكد أن الجزائر القت بنفسها في مستنقع باختلاقها الأزمة الحالية وافتعالها الكثير من الملابسات التي صحبتها واستخدامها خريجي السجون و"البلطجية" في الاعتداء علي أبناء مصر. وأكد أن ما حدث كان مخططا ولم يأت وليدا للصدفة شارك فيه قيادات جزائريين ارتمت في أحضان الاستعمار الغربي والدوائر الصهيونية والدولة الضئيلة الحجم والأفعال المسماة "قطر" والتي تنتهز هذه الفرص للنيل من مصر متوهمة أنها يمكنها أن تضعف قواها وأدوارها وهو هدف في حد ذاته لهذه الدولة رغم أن التاريخ والجغرافيا لا يؤهلانها لذلك. وحول موقف عبدالعزيز بوتفليقة رئيس الجزائر قال أبوزيد إنه إذا افترضناه قائدا للجزائر فصمته محتمل لأحد أمرين أولهما وأقواهما أن يكون شارك بنفسه في الاعداد المسبق لهذا المخطط لكسب شعبية علي حساب التضحية بعلاقته بمصر خاصة بعد أن تدهورت هذه الشعبية وسعي قوي أخري داخلية لمنافسته واعتلاء السلطة وثانيهما أن يكون بوتفليقة قليل الحيلة ولا حول له ولا قوة أمام جنرالات الجيش وهذا أمر خطير حيث إنه لابد أن تكون واجهة أي دولة أمام العالم هي صاحبة الكلمة المسموعة. من جانبه أكد السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية بمجلس الشوري أنه لا شيء يقال بعد الخطاب المهم الذي القاه الرئيس حسني مبارك أمام مجلسي الشعب والشوري فلقد جمع كل شيء بقوله إن كرامة المصريين من كرامة مصر وأشاد بسيوني بالمعالجة الحكيمة التي تقوم بها القيادة المصرية وردود الأفعال المحسوبة والمدروسة بدقة مؤكدا أن هذه الحنكة والحكمة ساهمت في عدم التورط بردود أفعال انفعالية ذات أهداف غير مرجوة مشيرا إلي أن تقدير الموقف غلب عليه النظر إلي المصالح الوطنية والقومية مع التأكيد علي عدم الرضي وادانة الاعتداءات الجزائرية علي المصريين. وشدد بسيوني علي أن الاستثمارات المصرية في الجزائر لن تكون قيدا علي مصر في تحركاتها في سبيل الحفاظ علي هيبتها وكرامتها فهذه الاستثمارات ليست أكبر من الكرامة المصرية ولا كرامة المصريين. وحول دور الجامعة العربية الاشبه بالصامت ازاء الاعتداءات الجزائرية قال رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية بمجلس الشوري إن الجامعة لا تملك سلطة اجبار دولة عربية عضو فيها علي شيء معين ويفرض نفسه دائما عليها الانقسامات والآن يجب علي الجامعة أن يكون لها دور إيجابي في رد كرامة المصريين الذين امتهنت كرامتهم وحصول مصر علي تعويضات مناسبة عن الخسائر والتلفيات التي تعرضت لها المنشآت المصرية في الجزائر خاصة بعد تيقن الكثير أن هناك ايادي خفية تغوص أعماق الأزمة التي لا يمكن لعاقل أن يدعمها. وبرأ بسيوني الحكومة السودانية من أي تحالفات مع الجزائر ضد مصر مشيدا بموقفه الذي فوجئ به دون أن يكون هناك وقت كاف للاستعداد له. وعلي صعيد سفراء الدول لدي القاهرة أكد د.عبدالولي الشميري سفير اليمن بالقاهرة ومندوبها بالجامعة العربية أن المباراة ليست فاتحة للقدس ولا محررة لفلسطين وفي النهاية ما هي ألا تسلية ورياضة ومتعة وليست معركة سياسية ولا حربية بين شعبين ولقد شهدت الجزائر دعما مصريا من سلاح ومال ولمصر أيضا الفضل في تأجيج ثورتها ضد الاحتلال الفرنسي، مؤكدا أن مصر تهب النفيس والغالي في دعم كل العرب بمن فيهم اليمن والجزائر. ومن واقع معيشته بمصر أكد السفير أن ما حدث لا يعد إهانة لمصر فمصر عظمية أرضا وشعبا وتاريخا ولا يستطيع أحد أن يوجه لها أي اهانة ويحق لها الاحترام والتقدير من المحيط للخليج بما ليدها من جميل علي الدول العربية ومن يعتقد غير ذلك فهو اعتقاد جهال لا يعرفون التاريخ ولا الحضارة المصرية وفي حاجة إلي محو أميتهم وأؤكد أن مصر في سماء لا ينال منها شيء فلها زعامة الدول العربية وصاحبة الصدارة ليس بارداتها ولا بإرادة الدول الرافضة لها بل اراد الله لها هذا وحمل القدر هذه المسئولية عليها. وحول تجاوزات وسائل الإعلام الجزائرية أشار إلي أنها استطاعت تأجيج الأزمة ليفر الناس إليها ويلفتوا نظرهم عن أزمة أخري مؤكدا أن كل من يقف خلف هذه التجاوزات جهلة ويلعبون بالنار ويسعون إلي زعزعة الاستقرار. أما علي محمود ماريه القائم بأعمال سفارة ليبيا قال إننا أشقاء وعرب نحن ماذا فعلنا لنحولها إلي حرب بوسائل الإعلام بين البلدين فالجزائر ومصر أشقاء وماذا فعلنا لسفن الإسرائيلية التي تفتش علي للسفن العربية في البحر المتوسط وعن تأخر الجامعة العربية قال لماذا تتدخل فهم أشقاء وعرب. أما عبدالله حسن السفير الصومالي ومندوبها بالجامعة العربية فقال أن مصر هي القوة الكبري ويمكن لهذه المشكلة أن تحل بالطرق الدبلوماسية الهادئة فمصر دعمت الجزائر في أحيان كثيرة ويجب أن تنتهي هذه الزوبعة والمسألة علي نار هادئة مؤكدا أنه لا يبرأ إسرائيل من الضلوع في هذه الأزمة. إلي ذلك قال السفير رشيد حمد الحمد سفير الكويت بالقاهرة إن ما حدث يؤثر في العلاقات الثنائية بين مصر والجزائر والمنظومة العربية ككل، وحث السفير الكويتي علي معالجة الأمور بالحكمة والمناقشة الواضحة مع الاحتفاظ بكل طرف بحقه والتأكيد علي دور مصر كشقيقة كبري تحتضن كل الدول العربية ولا تنظر لأمور أقل منها.