في أحيان كثيرة ألجأ إلي هذا المثل.. حين أريد أن أقول إنه ليس علي أن أعمل وفقاً لأجندة الآخرين.. وليس علي الآخرين أن يفرضوا علينا جداول أعمالهم. وأما المثل المقصود.. فهو أن لدي الأمريكيين لعبة لطيفة اسمها البيسبول.. يقوم فيها لاعب بإلقاء كرة صغيرة مطلوب من لاعب آخر أن يلتقطها.. بينما علي اللاعب المنافس أن يضربها بعيداً.. بحيث يجري ويدور حول الملعب قبل أن يستعيدها غريمه. وفي حياتنا العامة.. الصحفية والسياسية.. توجد نماذج عديدة لهذه اللعبة.. وقد تقبل أن تنزل الملعب لتجاري من قرر أن يلقي لك الكرة.. وقد تقرر أن تتركه يلعب وحده.. خصوصا إذا لم تكن هذه المباراة المعروضة مدرجة في أي جدول وأي مسابقة.. بل هي جزء من حالة الفوضي العامة التي يريدها أصحاب الكرة الأمريكية. وأشهر مثال حالي هو ذلك الذي يقوم به الكاتب محمد حسنين هيكل.. وأقل منه شهرة تلك الترشيحات التي راحت تشغلنا بها بعض الصحف الخاصة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأما حسنين هيكل فلنا معه جولات متنوعة.. سابقة.. وكل ما يجري اليوم يثبت أمرين: الأول أنه أُلعبان كما وصفته وشرحت الوصف قائلاً: إنه في اللغة يعني كثير اللعب.. وإن كنت أحمد الله أن الرد عليه اليوم لم يعد مقصوراً علي.. أو علي بعض الزملاء.. وكان بعض الناس يرون أن كلامه مقدسا لا يقبل المس. وفي هذا السياق.. أشير إلي أن كثير اللعب الأُلعبان لم يقدم جديداً هذه المرة.. حتي في مجلس أمنائه المقترح.. فمن جانب كان هو نفسه قد اقترح من قبل فكرة مجلس المستشارين.. ومن جانب آخر كان عبدالحليم قنديل قد اقترح مجلس الأمناء بنفسه.. ومن جانب ثالث كان الدكتور يحيي الجمل قد اقترح نفس الفكرة بصياغة مختلفة وقت التعديلات الدستورية. والمعني أن كرة البيسبول التي يلقيها الأخ العائد من انصراف كاذب قديمة.. ومكررة.. وبالية.. ولم يعد حتي في جعبته إبداع.. ولم يعد في اختلافه تجديد.. وتلك طبيعة الأمور.. إذ من أين يأتي بجديد.. والقماشة بلوت.. والغزل تفكك.. والمعين نضب والدائرة ضاقت.. ولم يعد يسمع إلا نفسه كان الله معه. وأما مسألة تلك الترشيحات المتناثرة من حولنا بأسماء مختلفة فهي موضوع يخص أصحابها.. ومصر حرة.. ومواطنوها أحرار.. ومن بين مقومات حريتي ألا أنشغل بما ينشغل به كل شخص عن له في أي لحظة أن يقول أي شيء.. فليقل.. هو حر لن نلعب معهم بيسبول ونجري وراء كراتهم الطائشة. ولكنني أريد أن أتوقف عند أمرين مهمين تفجرهما تلك اللعبة المتكررة.. وهما لهما علاقة بمقال كتبته هنا يوم الخميس حول الأدوار التي تلعبها الصحافة الخاصة. هذه الكرات لم يكن ليكون لها مظهر بدون حرص الصحافة الخاصة علي أن تقوم بدخول الملعب.. وليس فقط مراقبته ومتابعته.. الصحافة الخاصة شريك في هذه المعمعة وتقوم بما تقوم به من خلال خطط وتدبيرات لا يمكنني مثلاً أن استبعد الحوار الذي نشرته صحيفة المصري اليوم للأُلعبان كثير اللعب حسنين هيكل عن أنه صار يجلس بصفة مستمرة في نادي العاصمة الذي يملكه مالك الجريدة صلاح دياب.. والذي يعالج الآن ومنذ بعد العيد في مستشفي بالولايات المتحدة. تلك الترتيبات في نادي العاصمة.. وغيرها لابد أن تستوقفنا.. خاصة أن الجريدة لم تكتف بنشر حوار.. بل راحت تبني عليه وتضيف إليه.. وتستطلع آراء من اعتبرتهم نخبة.. وتخصص محررين لإبقاء الأمر دائراً.. ولجعل التربة غير جافة.. وهذا دور تلعبه مقابل دور يلعبه آخرون بكرة الترشيحات. ومن حق هيكل أن يجلس أينما يشاء.. وأن يصطحب في تلك الجلسات حوله من يريد.. البلد حر.. ومن حق الصحف الخاصة أن تمارس ما تشاء من قدر ال العبث.. إنها تفعل هذا دون حاسب أو رابط.. وتلك مسألة مللنا من شرحها.. وإن كنا لن نتوقف.. غير أن علينا.. ومن حقنا أن نرصد ما يجري وأن نسلط الضوء عليه.. وأن نشير إلي أبعاده دون أن نلعب البيسبول. هذا الذي يجري يشير مجدداً إلي طبيعة الملهاة الفوضوية التي تصطنعها الصحافة الخاصة.. وإذا كنا نقول: إن الحرية تمنع أي أحد من أن يتخذ ضدها أي إجراء غير قانوني.. فإن من الواجب أن نشير إلي التعضيد الذي تجده تلك الصحف من منابر فردية.. تتبع الحكومة بصورة أو أخري.. معلومات أو إعلانات.. أو حتي دعم شفوي.. ضمني وسري ومكشوف.. فإذا كان الداعمون يدركون حقيقة ما يفعلون.. فسوف تكون تلك مصيبة.. وإذا لم يكونوا يعلمون فإننا نعلمهم بطريقتنا الحالية لعلهم ينتبهون إلي المخاطر.. ويدرأونها. أما وقد سجلت ملاحظاتي تلك حول فخ البيسبول.. فإنني أعود من غد إلي الاهتمام بالأمر الذي يجب أن ننشغل به هذه الأيام.. وهو: كيف يمكن أن يستفيد الناس من مؤتمر الحزب الوطني المقبل؟ باعتباره حزب الأغلبية.. الذي أراد لاعبو البيسبول أن يقرروا له جدول أعماله. [email protected] www.abkamal.net