وصف الناقد السينمائي سمير فريد الروائي مصطفي ذكري "بالقاسي في حكمه علي محفوظ"، لتشبيهه أديب نوبل في كتابه "علي أطراف الأصابع"، بديكنز وتولستوي قائلا: "أعمالهم تصلح لطلبة المدرسة الثانوية، وأن وصفة محفوظ للقراء وصفة ساذجة". حاول فريد في الندوة التي أقامتها "دار العين" لمناقشة الكتاب، أن يجد السبب الحقيقي الذي يدفع ذكري لإصدار هذا الحكم فقال: "ربما يرجع ذلك لحالة التمرد التي يمارسها الأبناء تجاه الآباء"، وأخذ فريد يدافع عن محفوظ واصفا إياه بالداهية والصموت تجاه ما لا يعجبه، وأكد أنه لم يتنازل يوما عن رأيه بل إنه" كان يحمي إبداعه من بطش السلطة"، ورغم ذلك فقد لاحظ فريد وجود تأثر في كتاب ذكري بكتاب "أحلام فترة النقاهة" لمحفوظ، وقال:"وهناك فقرة عن علاء الأسواني لم أفهم إن كانت إعجابا أم سخرية؟". لم يقتصر حكم ذكري علي نجيب محفوظ فقط، بل إن فريد أكد أنه يحمل نفس الأحكام القاسية تجاه رموز كبيرة في مجال الأدب والسينما واصفا إياهم بمتوسطي القيمة كالروائي المصري إدوار الخراط والسوداني الطيب صالح والمخرج المكسيكي جونزالس صاحب فيلم "بابل"، واستنتج فريد وجود علاقة ضعيفة بين المؤلف والأدب العربي مقارنة بالأدب الأجنبي الذي يحبه بدون ذكري بدون موضوعية. وصف فريد "علي أطراف الأصابع" بالسيرة الذاتية، التي تختلف عن كتابات السيرة الذاتية التقليدية بأنها تؤرخ للعقل والروح، كما وصف مؤلفه بالعبثي الذي يؤمن بفكرة اللاجدوي، وأشاد بلغة الكتاب التي تسعي لإيجاد جمالياتها الخاصة بعيدا عن المعاني أو الدلالات التي تقصدها، واعتبر أن هذه اللغة أثر متطرف من آثار فترة ما بعد الحداثة، وسجل فريد في إطار حديثه اعتراضه علي وصف اللغة بالفصحي مسترشدا بمقولة يحي حقي" إن اللغة تركيب وليست كلمات". كما أشاد فريد بفهم مصطفي ذكري العميق بالسينما في كتابه، واعتبره الكاتب العربي الأول الذي استطاع أن يحقق فكرة العلاقة بين الأدب والسينما، من خلال اللغة، وليس بالمعني السطحي الذي يقول أن العلاقة تكون بكتابة عمل أدبي وتحويله لفيلم سينمائي. يذكر أن مصطفي ذكري لم يحضر الندوة، مما اعتبره سمير فريد اتساقا مع نفسه ومبادئه في الحياة، كما أشار الروائي إبراهيم فرغلي لهذه المبادئ في مقال نشر بجريدة "النهار" وقرأت منه الدكتورة فاطمة البودي بعض الفقرات، جاء فيها:"لا يشارك مصطفي ذكري في أي طقس اجتماعي: لا أعراس، لا جنازات، لا واجبات اجتماعية عائلية علي أي مستوي...وبين المناسبة والأخري قد تمر شهور، لا يخرج خلالها ذكري من البيت". رغم أن ذكري اتسم حكمه علي نجيب محفوظ، في الوقت الذي أصدر فيه إبراهيم فرغلي رواية عن نفس الدار تحت اسم "أبناء الجبلاوي" تتناول كارثة اختفاء كتب صاحب نوبل، فإن ذلك لم يمنع فرغلي من التأكيد علي قيمة ذكري الكبيرة قائلا في المقال: "تختلف أو تتفق مع ذكري ونصه، لكنه يظل نموذجا فريدا في الكتابة العربية المعاصرة".