كانت فرحتها فرحتين فرحة زفاف نجلها حسن وفرحة زفاف سيناء عائدة إلي حضن الوطن فرحة النصر واستعادة الكرامة. علت زغاريد الحاجة فاطمة في حفل الزفاف لتمس القلوب الراقصة ابتهاجاً بالنصر، لكن ذلك القلب الفرحان لم يخل من القلق علي فلذة القلب البكر أحمد عبدالعاطي الذي كان في ميدان العزة والكرامة قبل اتمام الزفاف بساعات قليلة جاء خبر استشهاده فأصرت أن تزف نجلها الأصغر إلي عروسه فيما وقفت أمام القبر في يوم تالِ تزغرد ونجلها الأكبر يواري الثري..أم الشهيد قالت إبني لم يمت ابني شهيد سيعيش مدي الدهر لكن في عالم آخر رحل عن عالمنا من أجل أن نعيش نحن رافعي الرءوس مكتملي الكرامة تحية إلي أم الشهيد وإلي دماء شهداء مصر الأبرار. في مثل تلك الأيام من كل عام نشتم نسيم أكتوبر الذي يفوح عطراً نشعر بنشوة الانتصار نلمح شموخ الأبطال نتدارس أسباب النصر نستمع لقصص البطولة والفداء. جيل كامل لم يعاصر الحرب المجيدة لكن قطاع منه عايشها من قصص الأباء والأجداد الذين قاتلوا علي الجبهة شعر بهم يفتخرون بما أنجزوه، الوطنية تتدفق من شرايينهم يذكرون البطولات والدماء التي سالت والأصدقاء الشهداء .. انتصار السادس من أكتوبر خلف لنا الدروس المستفادة التي ينبغي علينا أن نعيها ونستعين بها علي أزمات واقعنا المعاش. الإرادة والثقة في القيادة هو الدرس الأول فرغم التشكيك في قوة الجنود المصرية وقيادتهم عقب نكسة 67 جاء نصر 73، العلم والعمل هما الأكثر أثرا وليس الحناجر ففي الوقت الذي كانت تطلق خناجر المشككين قذائفها كان العرق يسيل علي الجبهة تمهيدًا ليوم النصر فالأوطان لا تحررها الحناجر والشعارات . العلم والخداع واختيار التوقيت وتضليل أجهزة المخابرات العالمية قام علي دراسات علمية وخطط دقيقة بدأت بدراسة الطقس والمد والجذر في القناة والمعرفة الدقيقة بالآخر.. تكتيكات الحرب الإلكترونية فمتي نعلي العلم ونقهر الخرافة ونسمو بالعقل الجمعي بالعلم ترقي الأمم. توحيد الجبهة الداخلية وتوظيف الطاقات والإمكانيات لتحقيق هدف قومي.. ترشيد الاستهلاك وتكثيف الإنتاج إنكار الذات من أجل الصالح العام.. أين هذه القيم الآن؟ - إنكار الذات لم يكن فقط في الداخل المصري بل توحدت جبهة العرب وكان الدعم السياسي والاقتصادي فهل لفلسطين أن تنال حقها وجبهتها الداخلية ممزقة ما بين فتح وحماس وهل للعرب أن يستعيدوا مجدهم وصغار الدول تعبث بالموقف العربي من أجل مصالح وأهداف ذاتية. تحية إلي الرئيس مبارك قائد الضربة الجوية الأولي المقاتل من أجل السلام وتحية إلي رو ح الرئيس الشهيد أنور السادات صاحب قرار الحرب والسلام ومناشدة للقائمين علي المنظومة التعليمية لتضمين تاريخ حرب أكتوبر للمناهج الدراسية في الفصول الدراسية من السنة الأولي بالمرحلة الابتدائية وحتي النهائية بالجامعة فما أصعب أن يحرم مصري من عبق تاريخنا المجيد. كانت الأزمات المدرسية والاحتفالات تقام في ذكري انتصارات أكتوبر واليوم لدينا شباب لا يعي شيئًا عن هذا التاريخ فمن الخطأ أن يقتصر ذكر أكتوبر علي أيام معدودة كل عام.