هل لو ذهب صحفي مصري إلي إسرائيل لتغطية أحداث مهمة تجري هناك وتقابل مع مسئولين إسرائيليين.. هل يعتبر ذلك تطبيعا رغم أن هذا الأمر من صميم عمل الصحفي؟! وهل لو التقي صحفي مصري بمسئول إسرائيلي زار القاهرة مثلا وحصل منه علي تصريحات خاصة.. هل يعد هذا تطبيعا أيضا؟ وهل لو أفردت الصحف المصرية صفحات نقلا عن الصحافة الإسرائيلية لمعرفة الواقع الإسرائيلي من الداخل وكيف يفكر الإسرائيليون.. هل تكون تلك الصحف في وضع اتهامات بالتطبيع؟! أسئلة كثيرة أوجهها إلي نقابة الصحفيين لعلني أجد لديها جوابا منطقيا ومقنعا بعد أن قامت الدنيا ولم تقعد لمجرد أن الدكتورة هالة مصطفي رئيس تحرير مجلة الديمقراطية استقبلت شالوم كوهين سفير إسرائيل لدي القاهرة بمكتبها الكائن في مبني مؤسسة الأهرام حيث خرج رافضو التطبيع يسنون سنون أقلامهم معلنين احتجاجهم الشديد علي هذه الزيارة رغم علم جهات سيادية بهذه المقابلة مسبقا.. وفي نفس السياق عقد مجلس نقابة الصحفيين اجتماعا طارئا لبحث هذا الأمر الطارئ وخرج بقرار استدعاء الدكتورة هالة للتحقيق وهناك البعض الذي طالب بإحالتها إلي مجلس تأديب!! الحدث إذن هو أن صحفية مصرية ورئيس تحرير مجلة تعني بالديمقراطية وليست بالموضة مع كامل احترامي لمجلات المرأة التقت في مكتبها بالسفير الاسرائيلي المعتمد والزيارة تبدو أنها زيارة مجاملة لتوديع كوهين قبل رحيله إلي إسرائيل بمناسبة انتهاء مهام عمله في مصر.. وهالة مصطفي هنا تمثل نفسها ولا تمثل مؤسسة الأهرام بدليل أنها استقبلته داخل مكتبها.. فأين الجريمة إذن؟! سؤال أطرحه بهدوء علي مجلس نقابة الصحفيين ليفكر في الأمر بشيء من المنطق وبدون انفعال.. المتهمة صحفية مصرية مهتمة بالشئون الدولية مدانة باستقبال السفير الإسرائيلي داخل مكتبها والزيارة في مجملها تبدو شخصية.. هل يعتبر ذلك في عرف نقابة الصحفيين "تطبيعا"؟! وماذا لو كانت أجرت معه حواراً يحكي فيه مثلا انطباعاته عن مصر قبل رحيله إلي بلده.. هل سيختلف الوضع هنا وتنجو هالة من التحقيق؟! الموضوع في نظري بسيط ولايستحق ردود الافعال التي صارت أقوي من الفعل نفسه.. وعلي نقابة الصحفيين المدافع الأول عن حرية التعبير أن تفكر في الأمر بهدوء وروية حتي لاتجد نفسها متهمة ذات يوم بانتهاك حرية التعبير!! تبقي نقطة في غاية الأهمية.. هل فكر أحدنا مثلا قبل أن نملأ الدنيا احتجاجا وصراخا أن تكون زيارة كوهين مدبرة بتخطيط إسرائيلي محكم لتفتعل أزمة مع المثقفين في مصر لتخرج تلك الاحتجاجات إلي العالم فتقلل من فرص فوز فاروق حسني باليونسكو وكلنا يعلم دور الجماعات اليهودية ومدي تأثيرها علي أوروبا.. ألم أقل لكم دعونا نفكر في الأمر بشيء من الهدوء.. صدقوني.. الحكاية ليست هالة مصطفي!! بل أكبر من هالة مصطفي!!