يشيع البعض أن الرئيس الأمريكي الشاب باراك أوباما أصبح ضعيفًا وبالتالي عاجزًا أو غير قادر علي تنفيذ الكثير مما وعد به الأمريكيين والعالم كله، وأنه صار بطة عرجاء رغم عدم مرور سوي قرابة التسعة أشهر له في البيت الأبيض، وهو الوصف الذي يطلق عادة علي كل رئيس أمريكي في الشهور الأخيرة عن فترته الرئاسية الثانية وليست الأولي! هؤلاء يدللون علي ذلك بعجز الرئيس الأمريكي علي إلزام نتانياهو بمجرد تجميد مؤقت لمدة عام للاستيطان وليس إلغاء هذا الاستيطان وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية التي اقيمت بشكل غير شرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يدللون أيضًا علي ضعف الرئيس الأمريكي بأنه لم يفعل شيئًا تجاه المراوغات الإيرانية وإحراجهم له بتجاهل يده الممدودة لهم بالحوار وعدم الرد عليه إلا بشكل غير مباشر من خلال قبول طهران العودة إلي التفاوض مع مجموعة الست التي تضم بين أعضائها الولاياتالمتحدة، ووضع شروط لهذا التفاوض أهمها استيعاد الملف النووي الإيراني منه! كذلك يدلل هؤلاء علي ضعف الرئيس الأمريكي بإخفاق سياسته في أفغانستان الآن.. فالانتخابات الرئاسية زورت لمصلحة كرزاي علي غير رغبة واشنطن التي كانت تفضل منافسه عبدالله، والدفع بمزيد من القوات لم يوقف هجمات طالبان التي زادت أكثر وأكثر حتي باتت العاصمة كابول مهددة بالسقوط في أيديهم، في وقت لم يعد أوباما قادرًا علي الدفع بمزيد من القوات الأمريكية بسبب معارضة النواب الديمقراطيين لذلك. يضاف إلي مظاهر ضعف الرئيس الأمريكي التي يجمعها من يعتقدون أنه صار بطة عرجاء في بداية حكمه تراجعه أمام الروس واستجابته لمطلبهم الخاص بوقف تنفيذ خطة الدرع الصاروخية الأمريكية التي كان يصر عليها سلفه بوش، رغم أنه لم يحصل من الكرملين علي ثمن لهذا التنازل بالموافقة علي تشديد العقوبات علي إيران. أما في الداخل فإن ضعف الرئيس الأمريكي تعددت مظاهره ابتداءً من عجزه علي تمرير مشروعه للتأمين الصحي واضطراره إلي تعديل بعض بنوده، وانتهاءً بالتحديات الهائلة التي يواجهها في فرض قيود وضوابط علي سوق المال الأمريكية لرفض أقطاب وول ستريت ذلك، مرورًا بتقلص شعبيته إلي حد كبير إلي درجة أنه فقد خلال الخمسة أشهر الأخيرة عشر نقاط دفعة واحدة في استطلاعات الرأي. ولا أحد بالقطع يشكك في مظاهر ضعف الرئيس الأمريكي هذه.. لكننا مع ذلك لا نستطيع أن نحكم عليه بأنه صار بطة عرجاء، وأصبح عاجزًا عن فعل شيء.. فهو رغم كل هذه الصعوبات والتحديات مازال متمسكًا بأفكاره وسياساته داخل أمريكا وخارجها.. هو لم يعلن تخليه عن فكرة حل شامل ودائم للصراع العربي الإسرائيلي، ولا عن منع الإيرانيين من صنع سلاح نووي، ولا علي الاحتفاظ لأمريكا بقوة ردع في شتي مناطق العالم، ولذلك هو لم يتنازل عن مشروع الدرع الصاروخية إنما قام بتعديله بنشر الدرع الصاروخية بحرًا في منطقة الشرق الأوسط والمتوسط وليس أرضًا في منطقة أوروبا الشمالية، وهو ما يراه آخرون يتيح لواشنطن نشرًا أوسع لهذه الدرع وأكثر فعالية.. ولا هو قرر الانسحاب من أفغانستان مثلما يفعل في العراق. أما في داخل أمريكا فإنه مازال يواجه ما أسماهم أصحاب المصالح الخاصة سواء في وول ستريت أو شركات التأمين. إننا لا نستطيع أن نقول إذن إن أوباما صار بطة عرجاء.. ولكنه ربما بحكم التحديات أصبح بطة غير عرجاء.. أي سيكون مضطرًا للتحرك بخطوات البطة البطيئة لا خطوات الغزالة السريعة!