استكمالاً للحديث عن أهمية التعليم الفني والتدريب المهني الذي يشكل إحدي أهم حلقات الوصل مع سوق العمل، فإننا نجد أنه حظي باهتمام متزايد في الخطاب السياسي وبرامج الحكومة وانعكس ذلك في خطط وبرامج تمثل آليات تنفيذية لترجمة الاستراتيجية إلي ورش عمل تتابع وتقيم من خلال الآليات المتبعة في ديوان وزارة التعليم ومكاتبها في المحافظات الذي يتم من خلاله يتم إجراء التعديلات المناسبة والمعززة لقدرة المنظومة المواكبة للتطورات المتسارعة التي تنعكس آثارها علي التعليم الفني والتدريب المهني قبل غيره من أنواع ونظم التعليم الأخري. وتشير معطيات الواقع في مصر إلي أن عدد المدارس الثانوية الفنية قد ارتفع من 839 مدرسة في عام 1981 إلي 1868 مدرسة عام 2005 بزيادة مقدارها 123٪؛ أي مايزيد علي الضعف خلال تلك الفترة، مع العلم بأن الزيادة في إجمالي مدارس التعليم قبل الجامعي بلغت 108.5٪ خلال نفس الفترة، كما ارتفع عدد الفصول به بنسبة 179٪ في مقابل زيادة مقدارها 104.5٪ لفصول التعليم الثانوي العام، ومن هنا يبدو جلياً اهتمام وزارة التعليم بالتعليم الفني، وهو ما تعكسه الزيادة في المدارس والفصول الخاصة بهذا النوع من التعليم أكثر منها في مدارس التعليم العام. كما لاحظ الزيادة في مدارس التعليم الصناعي بصفة خاصة عنها في بقية التخصصات، حيث بلغ مقدار الزيادة في مدارس التعليم الفني الصناعي ما يقارب خمسة أضعاف خلال نفس الفترة، فبلغت الزيادة 431٪، مقابل 182٪ للتعليم الزراعي، و37٪ للتعليم التجاري. وهناك اتجاه لإنشاء عدد 10 مدارس فنية سنوياً، بواقع (5 مدارس ثانوي صناعي- 3 مدارس ثانوي زراعي- 2 مدرسة ثانوي فندقي)، وتولي وزارة التعليم اهتماماً بالغاً بقضية نسبة تلاميذ مدارس التعليم الثانوي العام والفني، فهناك هدف تسعي بشدة لتحقيقه ألا وهو تحقيق نسبة 1:1 بين طلاب التعليم الثانوي العام والفني، فالنسبة الحالية هي 37.7٪ لتلاميذ التعليم الثانوي العام، مقابل 62.7٪ لتلاميذ التعليم الثانوي الفني، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تم تحويل عدد 205 مدارس تعليم فني تجاري إلي مدارس تعليم ثانوي عام؛ حيث إن خريجي مدارس التعليم الفني التجاري لا يتمتعون بالمهارات أو القدرات التي يتطلبها سوق العمل. وعليه فإن الاستثمار بالتعليم الفني والتدريب المهني يعد استثماراً من أجل المستقبل، لأن التغيير أصبح السمة البارزة في ديناميكية الحياة المعاصرة والثورة التقنية الراهنة، رغم أنها مازالت في بدايتها إلا أنها قد اكتسبت التغيير كصفة للتسارع تحت تأثير ضخامة زخمها وشمولية تأثيرها، إنه الإيذان بعصر جديد يصبح فيه التقدم التقني ليس مجرد أداة للتغيير فحسب، بل قاعدة للهيمنة علي الصعيد الدولي، لأن المعارف والمهارات تشكلان محركات النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي.