الإعلام والحرمان بذاكرتي عدت إلي المرحلة الأولي من الثانوية العامة، حيث دراسة مبادئ علم الاقتصاد الذي عرف الحاجة بأنها شعور بالحرمان يلح علي الفرد مما يدفعه لاستهلاك وحدات إضافية من السلع أملاً في تحقيق الإشباع. والحاجة تنشأ عن الرغبة التي تعرفها الفلسفة الكلاسيكية بأنها بحث عن تحقيق وضع يتصور الفرد أنه مصدر إشباع ومن ثم فهي مصحوبة بالشعور بالحرمان وما إن يتحقق الوضع حتي تنشأ الرغبة من جديد في تحقيق مستويات أكبر من الرفاهية وإلا يكون الإحباط. اللافت أن الدراما التليفزيونية في رمضان التي تجاوزت 50 عملاً تغيب عن الواقع وتبالغ في مشاهد الثراء الفاحش من خلال تصوير الفيللات والسيارات الفارهة ومستوي المعيشة المرتفع للعدد الأكبر من أبطال الأعمال مما يزيد من الرغبة الاستهلاكية لدي المشاهدين بل ويشعر الطبقات المتوسطة بحالة من الإحباط. ففي مسلسل الرحايا الذي يجسد بطولته الفنان نور الشريف يظهر الصعيد في حالة اقتصادية تفوق الواقع، يأتي ذلك في الوقت الذي توجه فيه خطط التنمية في مصر إلي محافظات الصعيد باعتبارها الأكثر فقرًا كما يظهر العمل دون الخوض في فنياته حالة الثراء الاستهلاكي وتتجاهل العمل الإنتاجي الذي وصل بأبطال العمل إلي هذه الحالة من الثراء. مسلسل "ابن الأرندلي" الذي يجسد فيه الفنان القدير يحيي الفخراني شخصية محام قادر علي قلب الحقائق ومتداخل مع رجال الأعمال يثير هو الآخر رغبة وشعورًا بالحرمان لدي قطاعات من الجماهير خاصة المحامين، حيث يعكس مستوي معيشة مرتفعًا لطبقة لا تمثل نسبة كبيرة من المحامين وإن كانت موجودة. والمؤسف أن الإعلام تجاهل الطبقة الوسطي فعندما تذكرت السينما ساكني العشوائيات والطبقة التي تعيش تحت خط الفقر وضعتها في صورة بالغة السواد، حيث بحور الدماء التي يفجرها البلطجية مثل إبراهيم الأبيض وغياب القانون. فالتطرف في العرض بات هو الغالب، فإما التجاهل التام أو صورة سوداوية أو ناصعة البياض وغابت الموضوعية والصورة الواقعية التي تعكس أزمات الطبقة الوسطي ذات الأغلبية. بل وزادت من شعورها بالحرمان والفشل في إشباع الرغبات وعندها يأتي الإحباط. [email protected]