كارثة مأساوية تعيشها مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، فى ظل تصاعد عمليات القتال، بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، واحتدام المعارك التى حولت شوارع المدينة إلى ساحات مواجهة، ما دفع إلى تزايد التحذيرات الدولية من أزمة إنسانية وشيكة فى الإقليم المضطرب، فضلًا عن الموقف المصرى الذى برز مجددًا كصوت عقل يدعو إلى وقف نزيف الدم وإسكات صوت البندقية فى بلد أنهكته الحرب والانقسام. تحركات مصرية لاحتواء الأزمة وفى ضوء احتواء الأزمة، جرى اتصال هاتفى بين الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين فى الخارج، ومسعد بولس، كبير مستشارى الرئيس الأمريكى للشئون العربية والشرق الأوسط والمستشار الرفيع المستوى للشئون الإفريقية، لبحث تطورات الأوضاع فى كلٍّ من السودان وليبيا. وبحسب ما صرح به السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، فإن الجانبين أكدا خلال الاتصال أهمية التوصل إلى وقفٍ فورى ودائم لإطلاق النار فى السودان، وضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية، بما يصون مقدرات الشعب السودانى ويحقق تطلعاته فى الأمن والاستقرار. ووفقًا، لبيان وزارة الخارجية السودانية فإن قوات الدعم السريع خططت لإبادة جماعية عبر حصار وتجويع سكان الفاشر لعامين ونصف العام، ووصفت ما يجرى بأنه مجزرة مروعة وجرائم إرهابية ضد المدنيين العزّل. كما ندد الاتحاد الإفريقى بالفظائع وجرائم الحرب المرتكبة فى الفاشر، فيما دعا مستشار الرئيس الأمريكى للشئون العربية والإفريقية مسعد بولس قوات الدعم السريع إلى حماية المدنيين، محذرًا من أن استمرار الصراع قد يفتح الباب أمام تقسيم السودان. حصار خانق وأوضاع مأساوية وتشهد مدينة الفاشر منذ أسابيع حصارًا خانقًا فرضته قوات الدعم السريع، ما أدى إلى نفاد الإمدادات الغذائية والطبية، وانقطاع الكهرباء والمياه فى معظم الأحياء، حيث أفادت منظمات أممية بأن آلاف العائلات ما زالت محاصرة داخل المدينة، فيما يتزايد عدد الجرحى دون إمكانية إسعافهم بعد تضرر المستشفيات وغياب الأدوية، ووفق تقديرات الأممالمتحدة فإن أكثر من 700 ألف مدنى محاصرون فى الفاشر ومحيطها، ناهيك عن أن تقارير الأممالمتحدة تؤكد أن أحداث الفاشر الأخيرة فتحت الباب أمام موجة نزوح جديدة باتجاه الحدود التشادية، ما يفاقم الأزمة الإنسانية فى إقليم دارفور. فى السياق ذاته، وصف ساطع الحاج، رئيس الحزب الناصرى - تيار العدالة الاجتماعية بالسودان، ما يحدث فى الفاشر بأنه «كارثة عسكرية وإنسانية وسيادية بكل المقاييس»، مشددًا على أن الممارسات الوحشية التى صاحبت اجتياح المدينة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. «الحاج» يؤكد فى تصريحات خاصة لجريدة «روزاليوسف» أن ما جرى فى الفاشر قد يمنح قوات الدعم السريع موقعًا جغرافيًا، لكنه لن يمنحها شرعية سياسية أو قانونية أو أخلاقية، مطالبًا بوقفٍ فورى لإطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات إلى المدنيين المتضررين، تمهيدًا لاستئناف العملية السياسية الشاملة التى تعيد للسودان مسار السلام والدولة المدنية. تفشى الأوبئة والأمراض أيضًا، يوضح الدكتور سامى سليمان حسن طاهر، منسق الكتلة المدنية للسلام والتنمية بالسودان، أن الأوضاع الإنسانية فى إقليم دارفور ومدن الفاشر ونيالا وحتى الأبيض بلغت مستوى بالغ السوء، مشيرًا إلى أن البلاد تشهد كارثة إنسانية شاملة مع تفشى الأوبئة والأمراض وسط المدنيين. «طاهر» كشف فى تصريحات خاصة لجريدة «روزاليوسف» عن أن السبيل الوحيد لوقف نزيف الدم المستمر هو تكوين جبهة مدنية عريضة تضم جميع مكونات الشعب السودانى الرافض للحرب. من جانبه، يقول الصحفى والمحلل السياسى السودانى عزمى عبدالرازق: إن مدينة الفاشر تعيش كارثة إنسانية مروعة مع تواصل اعتداءات قوات الدعم السريع ضد المدنيين، مشيرًا إلى أن الأوضاع بلغت حد الإبادة الجماعية فى ظل انقطاع الاتصالات وصمت المجتمع الدولي.