مفتي الجمهورية يؤدي صلاة الجمعة في العاصمة الماليزية برفقة رئيس الوزراء    وزير الدفاع والفريق أحمد خليفة يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    مصطفى حسني يدعو شباب جامعة القاهرة إلى الحرص في اختيار أقرانهم    مستقبل وطن ينظم مؤتمرات حاشدة لتشجيع المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب| فيديو    البابا تواضروس: أدعوكم أن تتعرفوا على بلادنا مصر بتاريخها العريق وحضارتها الممتدة    "واديكو" تطلق مشروعين لتحسين بيئة العمل ورفع الكفاءة الإنتاجية للفوسفات    استقرار أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    وزير النقل يشدد على ضرورة تحسين الخدمة بالقطارات واتباع تعليمات التشغيل    أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق المحلية اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025    رئيس الرقابة المالية يستعرض تطور مؤشرات الأداء والإصلاحات التي نفذتها الهيئة    سلوفاكيا: لن نخصص ولو سنتا واحدا لدعم أوكرانيا عسكريا    جيش الاحتلال يزعم استهداف مسؤول الشؤون اللوجستية في قيادة جبهة الجنوب في حزب الله    "حماس" تسلّم جثتي إسرائيليين مساء اليوم    الاحتلال يطلق الرصاص الحي على عائلة فلسطينية بالخليل    بيسكوف: العقوبات الأمريكية ستكون بلا جدوى كسابقاتها    فراس العجارمة: الخلافات الفلسطينية ليست جديدة لكنها اليوم أمام مفترق تاريخي حاسم    بالملايين، نجم الزمالك السابق يعلن التنازل عن مستحقاته المالية للنادي    انطلاق أول تجربة للتصويت الإلكتروني في انتخابات الأندية ب الزهور (صور)    رباعي ريال مدريد يعود للمشاركة في المران كاملاً    الوداد المغربي يتعاقد مع حكيم زياش    الداخلية تكشف حقيقة بلطجة شخص على قائدي السيارات بالوراق    فيديوهات خادشة ووقائع تحرش.. ضبط متهم آثار غضب السوشيال ميديا    بحوزتهم طن مخدرات.. الداخلية تكشف تفاصيل مصرع 4 عناصر شديدة الخطورة    وفاة والد محمد عاشور رئيس القطاع التجاري لمدينة الجونة ودفن الجثمان بالمنصورة    رفضت عرضا مغريا من إسرائيل، من هي المطربة صابرين النجيلي بعد تعرضها لأزمة صحية؟    من التمر إلى الزيتون.. رحلة النباتات المباركة بين العلم والإيمان    "الصحة" تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    فى اليوم العالمي، ماهو شلل الأطفال وأسبابه وأعراضه وطرق الوقاية منه    في جولة ليلية مفاجئة، نائب وزير الصحة يحيل مدير مستشفى حلوان العام للتحقيق    ترامب: لن نطلب موافقة الكونجرس لشن هجمات على عصابات المخدرات    مؤتمر سلوت عن الخطأ الصغير وحاجة كيركيز وجاكبو لتواصل أفضل    محمد وهبي - مُعلم خجول أصبح بطلا للعالم.. ورحلة خاصة ل فهم اللعبة واكتشاف المواهب    الجدل يتجدد في أمريكا حول إلغاء التوقيت الصيفي واعتماد توقيت دائم    فيديوجراف.. أنشطة وزارة الإسكان خلال الفترة من 18 إلى 23 /10/2025    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    أمن القاهرة يوجه ضربات حاسمة لعصابات السرقة    "الداخلية" ضبط 13 شركة ببني سويف للنصب علي راغبي السفر إلي الخارج    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء المصرية إلى شمال سيناء    نائب وزير الصحة يوجه بإحالة مدير مستشفى حلوان العام إلى الشئون القانونية    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    إعدام 187 كيلو مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك خلال حملات تموينية في أسوان    جذوره تعود لآل البيت.. من هو إبراهيم الدسوقي بعد تعليق الدراسة أسبوعًا بسبب مولده؟    بينها «مؤتمر الذكاء الاصطناعي واجتماع فولبرايت».. الحصاد الأسبوعي للتعليم العالي (تفاصيل)    إصابة شاب في تصادم سيارة بسور استراحة محافظ مطروح    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    بعثات أثرية فرنسية وإيطالية تواصل أعمالها فى مناطق آثار الفيوم    أبراج تشارك حياتها الخاصة مع متابعيها على السوشيال ميديا.. أبرزهم برج الحمل    الوزير: افتتاح مصنع جديد في صناعة الضفائر الكهربائية للمركبات قريبا    أوسكار رويز يطير للإمارات 4 نوفمبر لحضور مباريات السوبر المصرى    مجلة فوربس: رئيس الرعاية الصحية ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بالشرق الأوسط لعام 2025    خطة مانشستر يونايتد لضم نجم نوتنجهام فورست    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    فردوس عبدالحميد: كنت خجولة طول عمري والقدر قادني لدخول عالم التمثيل    قيادي بتيار الإصلاح الديمقراطي الفلسطيني: الحضور الدولي في شرم الشيخ يعزز فرص الاستقرار    بعد «أقدم ممر فى التاريخ» و«موكب المومياوات».. مصر تستعد لإبهار العالم مجددًا بافتتاح المتحف المصرى الكبير    مهند في ورطة، بيان من محامي شقيقة كيفانش تاتليتوج بعد ضجة أنباء اعتقالها بتركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«باليه كليوباترا».. يقتفى أثر ملكة مصر بخطواته وطقوسه الكلاسيكية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 08 - 02 - 2024


«لا أوصى ابنتى التى ستلى العرش من بعدى أن تكون إله لشعبها تستمد سلطتها من قداسة الألوهية بل أوصيها أن تكون حاكمة رحيمة عادلة»..من وصايا نوت إله السماء لابنتها إيزيس امتدت تلك الوصية لتعيها أذن «كليوباترا» الواعية.. توليت العرش بعد صراعات وحروب ومغامرات ومكائد سياسية وعاطفية متبعة سبل أجدادها وأمها إيزيس إلهة المعرفة والعدل والحكمة.. اعتبرت كليوباترا «إيزيس» أما لها تستمع لنصائحها بقلبها وحدسها حتى أنها جاءت لتنبئها باقتراب موعد مقتل يوليوس قيصر! امرأة ممتلئة بالأحداث والفكر والعلم والمعرفة، نموذج من النساء لا يمكن اختزاله فى مجرد امرأة عاشقة، نموذج يصعب تكراره، امرأة ملهمة لكل مبدع يتناولها فى السياق الفنى الذى يراه مناسبا فى صورة سينمائية أو مسرحية أو حتى فى دراما راقصة.. أحيت فرقة باليه أوبرا القاهرة «كليوباترا» إخراج أرمينيا كامل على خشبة المسرح الكبير بأجساد راقصيها على أنغام موسيقى المايسترو محمد سعد باشا الذى ألفها خصيصا ولعبها بقيادته مع فريق أوركسترا وباليه أوبرا القاهرة، هذه المرأة الغنية مكتملة الأنوثة والتكوين العقلى والوجداني، جاءت حاضرة بقوة ليرسمها فريق الباليه ويقتفى أثرها عبر التاريخ بخطوات بلاريناته الوئيدة وفلسفته وطقوسه الكلاسيكية الرفيعة. تنذر الطبول وقرع الدفوف فى المقطوعة الموسيقية ببداية العرض بأننا على موعد مع دراما حرب..دراما غير عادية مفعمة بالمغامرات والغموض والإثارة والمكائد.. للوصول إلى سدة الحكم، نجح المايسترو محمد سعد باشا فى تأليف موسيقى تحمل روح مصرية أصيلة تستنشق مع أنغامها رحيق مصر القديمة، تنذر بوقوع أحداث جسام، وعلى الرغم من انتماء العمل الفنى لأحد أشكال الفنون الغربية مثل الباليه وعزف الأوركسترا بحيث وضع فى إطار درامى لفن شديد الاستثناء والخصوصية، نوعان من الفنون من أصل ثقافى غربى إلا ان الرجل نجح فى الخروج من فخ التغريب وذهب بنا إلى روح مصر القديمة فى عصور ما قبل الميلاد، أبدع بالسرد الموسيقى منذ اللحظة الأولى لأحداث حكاية كليوباترا آخر ملوك البطالمة قبل الاحتلال الرومانى على مصر وأدخلنا فى عالمها السحرى الكبير. نزاع طويل دار بين كليوباترا وشقيقها بطليموس الثالث عشر على حكم مصر بعد وفاة والدهما بطليموس الثانى عشر، انتزع أخيها منها الحكم وهربت من الإسكندرية لكنها عادت متخفية بعد علمها بوجود يوليوس قيصر الذى جاء من الإسكندرية لحل النزاع بينهما، انتهى الحل بوقوع قيصر فى حب كليوباترا، انجبت ابنهما قيصرون وتخلص قيصر من شقيقها لتنفرد وحدها بالحكم، يقتل يوليوس قيصر غدرا وتسود الفوضى فى روما حتى ينتصر اتباعه أوكتافيوس وأنطونيوس وتنحاز كليوباترا إليهما وتعدهما بالإمدادت العسكرية ثم يطلب مارك أنطونيو لقائها فى طرسوس، تعد له سفينة فاخرة تبارى المؤرخون فى وصف فخامتها وبهائها واحتوائها على أنواع شتى من العطور والبخور اقامت له حفل استقبال ضخم، احتوى على أشهى الأطعمة والخمور ورقص وغناء وموسيقى، أسرت قلبه وعقله ووقع فى شباكها مهملا مسئوليات الحكم فى روما مما دفع اوكتافيوس للانقلاب عليه وهزيمته فى موقعة أكتيوم البحرية التى رحل على إثرها أنطونيو وانتحرت كليوباترا بعد هزيمتها ورحيل حبييها. فرضت قوة شخصية كليوباترا نفسها على رقصة الباليه المحدودة بأشكال معينة من الرقص والتكنيك الحركي، حيث اضطر هنا مصمم الرقصات الخروج أحيانا ولو بشكل مؤقت فى بعض الحركات من تشكيلات الباليه المعتادة وإن ناسب الباليه فى هيئته ووقاره سرد حكايات الملوك باعتباره أحد أبرز فنون النبلاء ويوصف دائما برقص القصور، حلق المصمم مع كليوباترا فى عالمها الأنثوى الخاص، عالم تغمره الثقافة والرقى والشياكة والعلم والمعرفة، والجاذبية الأنثوية التى تبارى فى وصفها علماء التاريخ، وإن خانه التصميم فى بعض الأحيان خشية الابتعاد عن القوانين الحركية والتشكيلات الفنية التى تحكم رقصة الباليه لكنه كان يفيق على غواية تلك المرأة القوية المعتزة بأنوثتها وثقافتها ونفسها، لم تكن مجرد امرأة جميلة وقعت فى شباك الحب بينما كانت حادة الذكاء راجحة العقل، هى القائدة فى الحب والحرب، لم تهزمها العاطفة بل هزمت هى وقهرت الرجال بتلك العاطفة، زادها الله بسطة فى العلم والجسم فآتها الحكم والملك..عمق ثقافتها وسحر حديثها وقدرتها على الجدل وطلاقة اللسان صفات أسرت بها قلوب الأحبة، حتى كتب فى وصفها أنها كانت تعشق تحصيل العلوم، تعلمت الفلسفة والخطابة وإن تهيأت لها الظروف لأصبحت أحد العلماء والفلاسفة فى عصرها، تعلمت الطب والصيدلة، اتقنت سبع لغات دفعة واحدة، وكانت البطلمية الوحيدة التى تتقن اللغة المصرية القديمة، تعرضت مصر إلى أزمة جفاف النيل وهددت بالمجاعة والطاعون لكنها أدرات تلك الأزمة ببراعة واقتدار. تمتعت هذه المرأة بالجمال الأنثوى والشخصية القيادية الساحرة وبالتالى عند التطرق إلى امرأة بهذا الغنى والثراء لابد من التدقيق فى التصميم الحركى لإظهار أبعاد وجوانب تلك الشخصية الغنية بالدراما والتى تناسب فى بهائها واعتزازها بأنوثتها وثقافتها وعقلها عرض استعراضى ضخم فهى شخصية مسرحية استعراضية بامتياز اجتمعت فيها مقومات الاستعراض الأنثوى من أناقة وحضور وشموخ وكبرياء وعلم ومعرفة، كما ذكرنا اتبع أحيانا مصمم الرقصات خوسيه بيريز خطى هذه السيدة الملكية قدمها قوية شامخة فى مشاهد محددة، وأحيانا يتراجع عن السير على خط درامى واحد فى رسم تلك الشخصية واضحة المعالم بلا مواربة، بينما حمل التصميم فى بعض المشاهد قدر من المواربة، فأحيانا يهزمها ضعفها وقد تستكين فى علاقتها بالطرف الآخر، ففى أحد المشاهد تسقط على الأرض ويجرها أحدهم فى مشهد أقرب للسحل تتعلق بساقه فى خضوع واستسلام، شخصية صاحبة ألق وكبرياء لا يمكن أن تسحب وتجر مثل الأسيرة أو العبدة الذليلة ملتصقة بإحدى ساقيه..حمل هذا المشهد عيب خطير فى قراءة شخصية كليوباترا حتى فى ضعفها، أصحاب الهيبة والكبرياء تلازمهم تلك الصفات حتى أوقات الهزيمة، فهذه امرأة فضلت الموت على الوقوع فى الأسر، وبالتالى كان أولى أن يحاكى التصميم هذا المسار فى قراءة ورسم شخصيتها على مدار العمل بالكامل، الذى تأرجح فى تقديم شخصيتها بين الهيبة والقوة ثم الخضوع والضعف فلم تسر الدراما الحركية على وتيرة واحدة، فى حين جاءت مشاهد أخرى معبرة ومفسرة مدى حجم وشموخ تلك السيدة الغير متكررة، فبما أن العمل الفنى قرر تناول امرأة صاحبة استثناء فى التاريخ كان أولى أن تقود الدراما فن الباليه حتى ولو كسرت قواعده وليس العكس، يبيح الإستثناء الخروج عن القاعدة والمعتاد خاصة وأن المصمم لم يتردد فى تطعيم رقصات الباليه بأغلب مشاهده بحركات من الرقص الفرعونى المرسوم والموثق على جدران المعابد، مزج بحرفة عالية بين شكل هيئة المصرى القديم وحركة الباليه فى التحام بديع بينهما أبدعن الراقصات فى مشهد الوصفيات بالأداء الحركى والدراما لحظة إبعاد أخيها عن غرفتها التى حاول اقتحامها بعد علمه بصحبتها ل»يوليوس قيصر»، اتحدن البلارينات فى مشهد جماعى مبهر لإقصاء هذا المعتدى عن غرفة الملكة وحمايتها برشاقة وتدفق وانسياب كأنهن قوة دافعة للأذى. انقلب مسرح دار الأوبرا واتحدت عناصر الصورة المسرحية من إضاءة وملابس فاخرة وديكور الذى تهيىء فى فخامة وأناقة بالغة لاستقبال عرش «كليوباترا»..عرش كبير على تمثال ضخم تجلس عليه فى مشهد مهيب سيدة مصر يحيطها الحرس والخدم من كل جانب تحول المسرح إلى قصر فرعونى أو معبد كبير ليسرد لنا قصة نهاية عصر البطالمة على وقع خطوات بلارينات الباليه اللاتى لانت حركتهن واتسعت ورحبت لتحتوى جزءا من عقل وروح «كليوباترا» السيدة الملهمة فى السياسة والحكم والحب والحرب!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.