عقب القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكس، ونيكوس أناستاسيادس رئيس جمهورية قبرص، مؤتمرًا صحفيًا مشتركا، حيث قال الرئيس السيسى: «إنه لمن دواعى سرورى البالغ أن أتواجد اليوم فى جمهورية اليونان الصديقة، التى يُسعدنى توجيه جزيل الشكر لقيادتها على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، فضلًا عن حسن إدارة فعاليات هذا الاجتماع التاسع لآلية التعاون الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص، مضيفًا: «لا يخفى عليكم ما أصبحت تمثّله آلية التعاون الثلاثى من محفل بالغ الأهمية لتبادل الرؤى حول سبل تحقيق مزيد من التطوير فى علاقات التعاون بين دولنا وشعوبنا وتطويرها على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، وكذا العسكرية والأمنية، فضلًا عن التشاور حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم فى تنسيق جهود الدول الثلاث لمواجهة التحديات الكبيرة التى يشهدها جوارنا الإقليمى المباشر أو الساحة الدولية ككل، ولعل المثال الأحدث هو التعاون الإيجابى القائم بين دولنا حاليًا لمواجهة وباء «الكورونا»، مع ما تمثله تلك الجائحة من تهديد غير مسبوق على صحة مجتمعاتنا، وعلى جهودها لتحقيق التنمية وتحسين مستوى معيشتها». وتابع:» ومن هذا المنطلق، يأتى التزامنا بالعمل على تنفيذ، بل وتكثيف المشروعات المنبثقة عن آلية التعاون الثلاثى فى كافة المجالات، وعلى رأسها قطاع الطاقة الواعد، وهنا لا يسعُنى إلا أن أشيد بالتطور النوعى الذى تمثل فى التوقيع على اتفاق ثلاثى مهم فى مجال الربط الكهربائى، استكمالًا لما تم منذ أيام قلائل من إبرام اتفاقيتيّن لربط الشبكة الكهربائية فى مصر مع كل من اليونان وقبرص على المستوى الثنائى، وهو ما يُعد خطوةً تمهيدية تقربنا من الهدف المشترك الذى تطمح إليه دولنا الثلاث، ألا وهو الربط الكهربائى مستقبلًا مع بقية أرجاء القارة الأوروبية»، متابعًا: «ولعل من الأهمية أن نعمل جميعنا للبناء على قوة الدفع هذه لإيجاد زخم موازٍ فيما يتعلق بمسعى إنشاء خط أنابيب بحرى لنقل الغاز الطبيعى من حقل «أفروديت» القبرصى إلى محطتىّ الإسالة المصريتيّن بدمياط وادكو، تمهيدًا لتوريد الغاز المُسال من مصر إلى اليونان ومنها لاحقًا إلى كثير من دول شرق المتوسط، وربما كذلك لدول غرب البلقان ووسط أوروبا، الأمر الذى يتسق مع الطموحات الكبيرة التى ولدت مع تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بوصفه كيانًا يعول عليه من أجل حسن التخطيط لمشروعات التعاون الإقليمى، ولتعظيم استفادة الدول الأعضاء فى المنتدى وشعوب المنطقة عمومًا من مخزون الغاز الطبيعى والثروات الهيدروكربونية فى البحر المتوسط، وبما يتسق مع قواعد القانون الدولى ذات الصلة، ويحترم سيادة الدول على أقاليمها ومواردها». وأردف:«كان اجتماعنا بمثابة فرصة طيبة لمناقشة التطورات الإقليمية والدولية، وبالأخص فى منطقة شرق المتوسط، وفى هذا السياق؛ فإننا نجدد دعمنا لمساعى جمهورية قبرص، وكل الأطراف الدولية المعنية من أجل إيجاد حل شامل وعادل للقضية القبرصية استنادًا لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ذات الصلة، متابعًا:» تطرقنا أيضًا إلى الوضع فى ليبيا، حيث ناقشنا آخر التطورات فى هذا الملف المهم، وتوافقنا على ضرورة عقد الانتخابات المقررة فى ديسمبر 2021 وفقًا لخارطة الطريق التى أقرها أشقاؤنا الليبيون، وكذا على حتمية خروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، تنفيذًا للمقررات الدولية ذات الصلة، وبما يعيد لليبيا سيادتها ووحدتها ويحفظ سلامة أراضيها ويرسخ قرارها بيد أبنائها، كما تناولنا تطورات القضية الفلسطينية؛ حيث لا يخفى على أحد أنها لا تزال لُب الصراع فى الشرق الأوسط، على نحو ما تجلى إبان جولة التصعيد الأخيرة بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى فى مايو الماضى، وهو التصعيد الذى حرصنا على احتوائه وإيقافه انطلاقًا من مصير مصر ومسئوليتها التاريخية فى الدفع نحو إيجاد حل عادل وشامل للصراع على أساس حل الدولتين، وتمكين الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية». وأضاف: «ناقشنا من جهة أخرى ملف الأزمة السورية، إذ جددنا دعمنا لجهود المبعوث الأممى بغية التوصل لتسوية سلمية على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وكان لقاؤنا فرصة مناسبة فى هذا الصدد لمعاودة التأكيد على اتساق مواقف دولنا الثلاث من حيث التمسك بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضى السورية وسلامتها الإقليمية، ورفض محاولات بعض الأطراف الإقليمية لفرض الأمر الواقع عبر انتهاك السيادة السورية ومحاولة إجراء تغييرات ديموغرافية قسرية فى بعض مناطق البلاد، كما شددنا فى هذا السياق على أهمية مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية، وضرورة التصدى لها لكى يستعيد الشعب السورى أمنه واستقراره، كما أعربنا عن مساندة دولنا الثلاث للبنان الشقيق، فضلًا عن استعدادنا لدعم كل جهد صادق يرفع المعاناة عن كاهل المجتمع اللبنانى ويسهم فى تحقيق الاستقرار وتحسين الوضع الاقتصادى فى البلاد». وأوضح: «وعلى صعيد آخر، تناولت مداولاتنا كذلك ما تمثله ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف من خطر بسبب التأثير السلبى لمناخ عدم الاستقرار والفوضى على تعطيل جهد الشعوب للحاق بركب التقدم والتنمية، وتوليد أزمات عابرة للحدود مثل ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما يرتبط بها من أنشطة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر»، مضيفًا: «كان اللقاء مع شركائنا اليونانيين والقبارصة فرصة ملائمة لكى أعاود التطرق للمنظور الشامل الذى تتبناه مصر فى مقاربتها لأبعاد قضايا حقوق الإنسان؛ بما فى ذلك ضرورة مراعاة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتركيز على تحقيق نقلة نوعية فى جودة حياة الإنسان وتمكين الدول من توفير المناخ الآمن والمستقر الذى يمارس فيه المواطن كافة حقوقه المقررة بالدستور والقانون، مع ضرورة احترام خصوصية المجتمعات والشعوب، ولقد تجلت هذه القناعات المصرية، فى قيامنا مؤخرًا بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتمثل نهجًا وإطارًا وطنيًا شاملًا لتحرك الدولة المصرية على هذا الصعيد». واستطرد: «لا يسعنى فى نهاية كلمتى إلا أن أتقدم لكما – صديقى العزيزيّن – بخالص الشكر على التزامكما الصادق بتعزيز أواصر الصداقة القوية بين دولنا ومجتمعاتنا، وحرصكما معنا على الانطلاق بهذه الآلية إلى آفاق أرحب، وأؤكد لكما على تطلُع مصر لاستضافة الاجتماع العاشر لآلية التعاون الثلاثى خلال العام المقبل بإذن الله».