فى العام 1936، كانت شركة المعاملات المالية، أول نواة للمال الحرام لجماعة الإخوان، التى دأبت على خلق اقتصاد موازٍ لاقتصاد الدولة، وتكوين دولة داخل الدولة، فى إطار خطتها للتمكين والسطو على السلطة. وعلى مدار 9 عقود، حقق أباطرة الاقتصاد الأسود ثروات طائلة بأساليب احتيالية غير مشروعة، تمثلت فى تجارة وتهريب العملات الأجنبية خارج البلاد، وتجارة السلاح وتمويل العمليات الإرهابية، والتلاعب بأسهم البورصة، فضلا عن التمويلات الأجنبية المشبوهة لجمعياتهم الأهلية ومستشفياتهم الخيرية، إضافة إلى شركات لتجارة المواد الغذائية والأثاث والأجهزة الكهربائية والالكترونية، والتى تستخدمها الجماعة ستارا لعملياتها القذرة. فى ثمانينيات القرن الماضى، كان الجلباب واللحية والسبحة، بمثابة «صك الغفران» وأداة اطمئنان لخداع المواطنين وتحفيزهم لسحب مدخراتهم من البنوك واستثمارها فى شركات توظيف الأموال، لزعزعة أمن واستقرار الاقتصاد الوطنى، ولكن سرعان ما انهارت تلك الإمبراطورية المالية المشبوهة، بعدما تعثرت الشركات عن سداد مستحقات الضحايا، الذين تبخرت أحلامهم فى تحقيق الثراء السريع. وبعد فوضى يناير 2011، وخلال العام الأسود من حكم الإخوان، استغل عناصر التنظيم الإرهابى، خوف المواطنين على مدخراتهم بالبنوك، بعد انهيار قيمة الفائدة، وتردى الأوضاع الاقتصادية، وبدأت الجماعة تنفيذ مخططها للاستيلاء على مدخرات المواطنين، وإيهامهم بضرورة استثمار أموالهم فى شركات لتجارة «الصابون السائل، وأعلاف الدواجن، والمواد الغذائية، والملابس الجاهزة، والأجهزة الكهربائية والالكترونية، والعقارات وغيرها» ولكن سرعان ما تبخرت أحلام البسطاء حيث تم استغلال تلك الأموال فى تجارة السلاح وتمويل العمليات الإرهابية. وعلى درب الإخوان سار المحتالون، ولكن هذه المرة باستخدام أدوات وأساليب جديدة، السيارات الفارهة، والملابس الأنيقة، والساعات المرصعة بالذهب، وزعم العلاقات مع كبار المسئولين، وليس بالجلباب واللحية والسبحة، معتمدين على أن المصريين من طبيعتهم النسيان، وذاكرتهم مثل ذاكرة السمكة، التى تعود سريعا إلى شباك الصياد، حتى جابت عمليات النصب والاحتيال قرى ومدن مصر من أقصاها إلى أقصاها، دون أن يتعظ أحد من تجارب الماضى، حتى سقط فى فخ «المستريح» مواطنون بسطاء، ونخب المجتمع من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات وموظفين بالحكومة وعاملين بالخارج فقدوا فى لحظة اتخاذ القرار »تحويشة عمرهم». واللافت أن الاحتيال ليس جريمة ذكورية، فهناك سيدات نجحن فى إيهام الضحية وإثارة غرائزها بالمال والمكسب السريع، فتسارع لتقديم مدخراتها من أجل الاستثمار الوهمى، وإمعانا فى المصداقية يلتزم «المستريح» فى دفع ثلاث دفعات من الفوائد، ثم فجأة تتحول الطموحات إلى أحلام ليلية صيفية، وتنضم الفريسة إلى الطابور الطويل من الضحايا. ورغم اكتشاف الكثير من «المستريحين» وسقوطهم فى قبضة الأمن إلا أن الظاهرة لن تتوقف، فالنصاب والطماع، كل منهما يلهث خلف الآخر لتحقيق مكاسب كبيرة دون عناء. الدولة من جانبها لم تقف مكتوفة الأيدى أمام تلك الظاهرة، حيث تم تغليظ عقوبات النصب والاحتيال، وتوظيف الأموال، ورفع قيمة الفائدة البنكية أكثر من مرة حتى وصلت إلى 20% للشهادات الإدخارية، ويتم حاليا تشجيع المواطنين علي استثمار مدخراتهم فى الأوراق المالية بالبورصة مع طرح أسهم عدد من الشركات للاكتتاب العام.