أكد طارق عامر رئيس البنك الأهلى أن مصر تحتاج فى الفترة المقبلة سياسات اقتصادية جديدة تستطيع من خلالها تحقيق النمو المنشود، والعدالة الاجتماعية، لافتاً إلى أن مصر فى فترة النظام السابق أفضل ما يمكن إطلاقه عليها أنها كانت دولة رخوة، لأن أسلوب إدارة الحكومات المتعاقبة كان أهم أسباب تأخر مصر عن ركب التنمية وأهم معوق لانطلاق النمو. وأشار عامر فى فى ندوة «الاقتصاد المصرى وثورة 25 يناير» والتى نظمتها أمس الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والاحصاء والتشريع إلى أن لثورة 25 يناير الكثير من الفوائد.. على رأسها أنها كسرت حاجز الخوف لدى المصريين وجعلتهم يستطيعون التعبير عن مطالبهم وعن أنفسهم.. لافتاً إلى أنه لابد من استغلال روح الثورة الرامية إلى التغيير وتحقيق العدالة فى تحقيق النمو الاقتصادى والعدالة التى تضمن تحريكنا خطوات للأمام. من جانبه أكد د.محمود عبدالفضيل عضو مجلس ادارة البنك «المركزى» ضرورة تفكيك البنية الاحتكارية الموجودة بالسوق المحلية.. لأنها تمثل العقبة الأكبر فى سبيل التنمية ولفت عبدالفضيل إلى أن مشكلة الاحتكار بدأت فى التسعينيات خاصة مع غياب وجود قوانين تقف فى وجه المحتكرين. ولفت عبدالفضيل خلال الندوة إلى أن الأمر الذى ساعد فى زيادة المراكز الاحتكارية بالسوق هو أنه حينما صدر قانون لمنع الممارسات الاحتكارية لم يكن سوى قانون هزيل، وكانت هناك مناقشات فى البرلمان لتعديل هذا القانون، إلا أن أحمد عز أحبط اصدار هذه التعديلات، لافتاً إلى أن القانون ظل بشكله المعيب الذى يحمى المحتكرين أكثر من مواجهتهم. وأضاف عبدالفضيل إلى أن السبب المهم فى تفشى الاحتكار بالسوق فى فترة النظام السابق هو زواج السلطة برجال الأعمال، فكان رؤساء اللجان بالبرلمان وكذا أعضاء فى التشكيلة الوزارية أغلبهم من رجال الأعمال.. وهو ما أدى فى النهاية إلى حماية مصالحهم فى السوق وتحجيم من سواهم. عبدالفضيل أكد أن الاحكتار طال جميع السلع الأساسية وعلى رأسها حديد التسليح، وكذا الاسمنت والسلع الغذائية، هذا إضافة إلى احتكارات واضحة فى القمح والأرز واللحوم وكل ذلك تسبب فى رفع معدلات التضخم وارهاق المستهلكين وتقليص قدرة الاقتصاد على النمو. وشدد محمود عبدالفضيل على ضرورة تفكيك المراكز الاحتكارية لأنه السبيل الأهم لدفع الاقتصاد خطوات للأمام، قائلاً :«كان هناك نهب منظم للأراضى وثمّة ملايين الكيلومترات من الأراضى تم منحها بملاليم للمحتكرين وكل هذا محل تحقيقات، ومن ثم فإن المراكز الاحتكارية كانت هى السبب الرئيسى فى دحض كل فرص النمو والانطلاق للاقتصاد المحلى». وأشار محمود عبدالفضيل إلى أن هناك ضرورة لمواجهة المراكز الاحكتارية بقوة وتعديل القانون وهذا لن يتم بين يوم وليلة.. لكن لابد من البدء فيها من الآن، مؤكداً أن هناك تجارب مثل دول جنوب شرق آسيا وهى دول استطاعت بناء قطاع رأسمالى قوى بدون فساد أو احتكار.. وهذا أدى إلى توزيع عادل للنمو (النمو الذى تقتسم ثماره للجميع) وهذا هو أساس النظام الاقتصادى الذى لابد من تطبيقه. وفيما يتعلق بالدعم ومواجهة الفقر تؤكد الدكتوره كريمة كريم استاذ الاقتصاد وعضو جمعية الاقتصاد السياسى ضرورة تطبيق سياسات واضحة تضمن وصول الدعم لمستحقيه، لكن بعيداً عن تطبيق الدعم النقدى، لافتة إلى أن الدعم النقدى نظام فاشل سيّما أن ارتفاع الاسعار سنوياً سيجعل القيمة الحقيقية لما يحصل عليه المواطن تتآكل عاماً بعد الآخر ومعه لن تتحقق العدالة المنشودة. وقالت كريمة كريم: «أجريت دراسة حديثة أكدت أن الفاقد من الدعم فى الريف أكبر من فاقد الدعم فى الحضر، حيث يحصل منخفضو ومتوسطو الدخل على 81% من الدعم المخصص لرغيف الخبز بينما تصل نسبة الفاقد نحو 19% ، أما فى الريف فإن 64% من الذين يحصلون على دعم الخبز هو من المستحقين بينما الفاقد تصل نسبته 36%». وأضافت كريم إلى أن هناك نسبة 80% من الدعم التموينى يصل إلى مستحقيه فى الحضر بينما هناك 20% فاقداً، أما فى الريف فإن هناك 42% من الدعم التموينى يعد دعماً فاقداً. من جانبه قال عبدالفتاح الجبالى – الخبير الاقتصادى: إن المطلب الأساسى لثورة يناير (العدالة) هو مرادف لما نتحدث عنه من سياسة الاجور ممثلة فى حديها الأقصى والأدنى وتوفير فرص عمالة مناسبة، مشيراً إلى أن نسبة العمالة غير المنتظمة وصلت إلى 51%، وهى نسبة كبيرة تتطلب ضرورة معالجة مستقبلية لسوق العمل والأجور فى مصر فى الفترة المقبلة. وأضاف الجبالى أن هيكل العمل المصرى فى وقت سابق كان يعانى من عدم وجود نقابات عمالية لكثير من القطاعات.. فلم يكن هناك سوى 25% من العاملين هم الممثلون فى نقابات تحميهم، وأشار إلى مؤشر مهم وهو أن 9% من المتعطلين كان سبب تعطلهم عدم وجود عمل بأجر مناسب، كذا فهناك 46% لم يستطيعوا الحصول على فرصة عمل مطلقاً. وطالب عبدالفتاح الجبالى بضرورة وجود هيئة تستطيع اصلاح منظومة الاجور فى الفترة المقبلة، بما يتناسب مع طبيعة الظرف الاقتصادى ومعدلات التضخم، مقترحاً أن يتم تطوير المجلس القومى للأجور، بأن تنتقل تبعيته من وزارة التخطيط إلى وزارة القوى العاملة او مجلس الوزراء حتى يستطيع القيام بدوره بكفاءة.