مع ظهور الأمراض والأوبئة يظهر دعاة ما يعرف باسم العلاج النبوى والعلاج بالقرآن كى يحققوا مكاسب عديدة، وتسهم الفطرة الإيمانية لدى العديد من الناس فى اتساع رقعة المقتنعين بمسألة العلاج بالقرآن والطب النبوى، الأمر الذى رفضه علماء الدين فى مواجهة مرض أو وباء مثل كوورنا. بداية يوضح د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء أن المقصود بالعلاج بالقرآن الدعاء كأن يقرأ الإنسان لنفسه الفاتحة، أو أن يضع يده على أماكن تصيبه بالألم ويقرأ عليها القرآن فهذا نوع من الاستشفاء، وهو دعاء، حيث سيظل الأمر فى العلاج بالقرآن دعاء، لكن هذا ليس من قبيل العلاج الطبى الأكاديمى، موضحًا أن أثر القرآن مندرج تحت قوله تعالى :» وقال ربكم ادعونى أستجب لكم « وهذا لا يتعارض مع التداوى الطبى لأن أخذ الدواء لا يتعارض مع الدعاء لله بالشفاء. فيما أكد د. مجدى عاشور المستشار العلمى للمفتى أن الأساس فى العلاج الطب البدنى والنفسى ولا يمنع ذلك الرقية الشرعية ولا يشترط فيها أن يلجأ الناس إلى شيخ وقال :» على من يريد الرقية أن يرقى نفسه شرعًا بأن يتوضأ ويقول بسم الله ثلاثًا، ثم يقول أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر». أضاف أن الاستشفاء بالقرآن أو ما يعرف بالرقية الشرعية يعد من قبيل الدعاء، حيث إن الأمة الإسلامية مأمورة بالتداوى لأنها امة علم, فلسنا مع تغييب العقل، مؤكدًا أنه لاتوجد مهنة اسمها العلاج بالقرآن. وانتقد د. مجدى عاشور ظهور مكاتب تعرف باسم العلاج بالقرآن, حيث يتم استخدام القرآن كأمر مادى للعلاج من الأمراض، وفى ذلك تعريض بكتاب الله، وقال :» إن الانشغال بذكر الله ودعائه يعين على الشفاء بفضل الله. ولفت إلى أن القرآن هو كتاب هداية جاء لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن الجهالة إلى العلم والمعرفة، ومن خصائصه أنه شفاء لكن هذا لا يعنى أن نترك العلاج من الأمراض عن الأطباء، حيث إنه شفاء لما فى الصدور وهداية للمؤمنين. أضاف أنه من الخطأ أن نرجع الأمور المرضية إلى حسد أو سحر للجوء لما يسمون أنفسهم معالجين بالقرآن، موضحًا أنه يجوز الرقية الشرعية بجانب التداوى والأخذ بعلم الطب. كما رفضت د. آمنة ما يلحق بالطب النبوى تحت مسمى العلاج بالقرآن ووصفته بأنه نصب ودجل قائلة: «إن القرآن كتاب هداية وتربية وحضارة وحوار وليس كتابًا طبيًا ليأتى أى شيخ يقول إنه يعالج بآيات الله، فلنا طب وأدوية وكفانا استخدام اسم الإسلام كل حسب هواه وكل حسب ما يطيب له». من جهة أخرى تشير دراسات نفسية إلى أن القرآن الكريم له أثر نفسى كبير, حيث يؤكد الدكتور رامز طه استشارى أمراض الطب النفسى، أن هناك علاقة حقيقية ما بين ضعف الإيمان وزيادة الإصابة بالمرض النفسى، وهو الأمر الذى أغفلته الحضارة الغربية، لافتاً إلى أن العلاج الإيمانى إلى جانب العقاقير اللازمة يحقق الدرجة الكافية من الطمأنينة والتخلص من الانفعالات وتعود الصبر والتسامح والعفو. ويؤكد الدكتور رمضان عبدالبر مدرس الطب النفسى بجامعة الزقازيق، أن القرآن الكريم كله رقية خصوصًا أم الكتاب وهى الفاتحة والسبع المثانى وأعظم سورة فى كتاب الله، وأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم وأدعيته فى الرقية كثيرة...وهذه الرقية الشرعية لا يشترط فيها شيخ أو رجل بعينه وإنما الأولى أن يرقى الإنسان نفسه فان لم يستطع فيرقيه أقرب الناس إليه أبوه ..أخوه..زوجه. وحذر من الذهاب للسحرة والدجالين لأن فى هذا معصية للخالق وذنب عظيم حذر منه الرسول الكريم، لافتاَ إلى أن الرقية الشرعية لا تنفى استخدام الأدوية والعلاجات، موضحًا أن الدراسات الحديثة أثبتت أن معظم الأمراض النفسية تكون نتيجة لاضطراب فى كيمياء الدماغ وتأتى هذه العقاقير النفسية لكى تعيد هذه الكيمياء إلى طبيعتها .وقد أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم بالتداوى فى قوله «تداووا عباد الله فإن الذى خلق الداء خلق الدواء». فالأفضل والأولى أن تعالج الأمراض بمعرفة الطبيب المختص وبالطريقة العلمية الدقيقة.