يمارس البعض أعمال النصب والاحتيال على مواطنين تحت غطاء شرعي، يزعمون من خلاله أنهم من أهل الدين، ويستطيعون معالجة الأمراض المستعصية، التى عجز الطب عن تشخيصها وعلاجها عن طريق آيات القرآن الكريم أو ما يعرف بالرقية الشرعية. ويؤكد الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، انه لا يوجد فى زماننا احد يباشر هذه الرقية ويعلن عن نفسه إلا إذا كان مدعيا، وهذا المدعى لا ينبغى أن يقصد للاستشفاء برقيته وذلك لأنه فاقد لأسس الرقية الشرعية، وهو التجرد والإخلاص لله سبحانه وتعالى وعدم اخذ العوض على هذه الرقية وابتغاء وجه الله تعالى بما يقوم به وكل هذا مفتقد وإذا فقدت هذه الأسس كانت الرقية اقرب ما يكون للدجل والشعوذة وينبغى على الجهات المعنية فى الدولة ان يكون لها موقف حازم من هؤلاء ولهذا سؤل عمر بن عبد العزيز أن يرقى احد فرفض فقيل له إن جدك عمر بن الخطاب كان يرقى بفاتحة الكتاب فقال هذه الفاتحة فأين عمر ؟ ومعنى هذا انه ليس كل إنسان يصلح للرقية ولهذا امتنع خامس الخلفاء الراشدين، ومن فى ورعه وتقواه وإخلاصه وحبه للخير واجتهاده فى مرضاة الله وامتنع عن الرقية اعتقادا منه انه لم يتأهل لها فهل لها هؤلاء الأفاقون الذين يعلنون عن أنفسهم فى وسائل الإعلام المختلفة وهل وصل الحال بنا إلى الحد الذى يلجأ فيه المغلبون على أمرهم الى هؤلاء المشعوذين ويبتعد عن ابتغاء أسباب العلاج فى الطب والمداواة من الأدوية المختلفة . وأضاف: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقى نفسه ومع هذا فأنة كان يطلب الاستشفاء عن طريق الأطباء ولقد كان الخيرون والورعون فى زمان النبى وبرغم ذلك لم يأمر احدا لان يستشفى برقية احد من الصحابة إنما كان يقول للمريض الذى ذهب له ائت الحارث ابن كلبه فانه رجل يتطبب اى يدعى الطب والرسول قال ايكما أطب؟ اى اكثر معرفة بالطب فقال الرجل او فى الطب خير يا رسول الله فقال: نعم انزل الدواء الذى انزل الداء وهذا دليل على ان الرسول صلى الله عليه وسلم ان يذهب للأطباء ليعالجوه وكان بوسعه الرقية من كل الأمراض وكان بوسعه ان يرقى المرضى لكنه كان يطلب من المريض ان يذهب للاستشفاء عند طبيب. وفى سياق متصل أكد الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، أن الإسلام جاء وتفرد بإحاطته وعمقه واستيعابه وشموله واهتم ببناء النفوس وتربية الحس وتنمية الشعور، ويجوز للمسلم الاسترقاء بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده الشريفة على صدر المريض ويقول : اللهم رب الناس اذهب البأس اشفِ أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ). والقرآن الكريم شفاء ورحمة قال الله عز وجل ( وتزل من القرآن ما هو شفاء ورحمه للمؤمنين ) ، وقد اجمع العلماء على جواز الرقية بثلاثة شروط أولا : أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه أو بصفاته، وثانيا : أن يكون باللسان العربى او بما يعرف معناه من غير العربية وثالثا أن يعتقد أن المؤثر الحقيقى والمعيذ من الشر هو الله وان الرقية سبب ووسيلة كسائر الأسباب والوسائل وانه لا تأثير لها بذاتها ، فعند الإمام مسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم : اعرضوا على رقاكم ) ولا بأس بالرقية ما لم يكن فيها شرك وعند مسلم كذلك : من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل، ومما سبق نعلم أن القرآن شفاء وكذلك الاستشفاء بالدعاء الوارد بأحاديث رسولنا الكريم . وشدد عامر على أن القرآن يعالج ولا نعرف معالجا بالقرآن فليس فى الإسلام وظيفة تسمى معالج بالقرآن إنما نلتمس البركة من أهل الصلاح والتقى بقراءتهم للقرآن وبدعائهم بأدعية رسولنا الكريم وما نراه الآن ممن أطلقوا على أنفسهم وأعلنوا عن أنفسهم فى وسائل الإعلام المختلفة تحت مسمى ( معالج بالقرآن ) هذا مخالف لشرع الرحمن لان القرآن هو المعالج وهو الشفاء ، وندعو الجميع أن يعود إلى الله وليس بأكل أموال الناس بالباطل وما نراه الآن مخالفا .