أعلنت الحكومة السورية أمس رفضها قرار وزراء الخارجية العرب الذي تبنوه خلال اجتماع استثنائي بالجامعة العربية مساء أمس الأول ويقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية في سوريا تشارك فيها المعارضة وتفويض الرئيس بشار الأسد نائبه الأول بصلاحيات كاملة للتعاون التام مع الحكومة لأداء واجباتهم خلال المرحلة الانتقالية لحين إجراء انتخابات رئاسية. ونقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر مسئول قوله: «إن سوريا تؤكد إدانتها لهذا القرار الذي جاء في إطار الخطة التآمرية الموجهة ضد سوريا من قبل أدوات تنفذ هذه المخططات التي باتت مكشوفة لجماهير شعبنا في سوريا والوطن العربي. وأضاف المصدر: إن مثل هذا القرار يتجاهل عن عمد الجهود التي بذلتها سوريا في تنفيذ خطة الإصلاحات الشاملة التي أعلنها الرئيس بشار الأسد في مجال التعددية السياسية لبناء سوريا المتجددة وعلي رأسها الدستور الجديد الذي سيطرح للاستفتاء قريبا والذي يمثل الحداثة والنظام الديمقراطي التعددي. وتابع: بدلاً من تحمل المجلس الوزاري للجامعة العربية لمسئولياته في وقف تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية، التي تقتل المواطنين السوريين الأبرياء، وتهاجم المؤسسات والبني التحتية للدولة السورية، ووقف الحملات الإعلامية التضليلية المسئولة عن سفك دماء السوريين الأبرياء.. فإننا استمعنا إلي بيانات تحريضية، تعكس ارتباط أصحابها بالمخطط الذي يستهدف أمن شعبنا، من خلال طلب التدخل الأجنبي في الشئون السورية. وأكد المصدر أن «هذا القرار الذي يتناقض مع مصالح شعبنا، لن يثني سوريا عن المضي في نهجها الإصلاحي، وتحقيق الأمن والاستقرار لشعبها، الذي برهن خلال هذه الأزمة علي تمسكه بالوحدة الوطنية، والتفافه حول قيادة الرئيس بشار الأسد. بموازاة ذلك سادت حالة من الانقسام بين صفوف المعارضة إزاء القرار العربي حيث رحب تيار «بناء الدولة السورية» المعارض بالقرار وشاطره ضمنا المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون فيما نددت لجان التنسيق المحلية بالقرار. واعتبر «تيار بناء الدولة السورية» الذي يتزعمه المعارض لؤي حسين القرار العربي يشكل انتقالاً أوليًا من قبل الجامعة باتجاه إيجاد حل جذري للصراع السياسي الدائر في سوريا لكنه رأي أن القرار يفتقد آليات تنفيذه. وأكد التيار أن تقرير بعثة المراقبين العرب أسقط كل ادعاءات السلطة السورية بأنها لا تمارس القمع والعنف ضد المواطنين السوريين. من جانبه أكد برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوي أن القرار العربي يؤكد أن «نظام الأسد قد انتهي» معتبرًا القرار اعترافا عربيا جماعيا بحق الشعب السوري في نظام ديمقراطي وحكومة منتخبة. بدوره أكد جبر الشوفي عضو المجلس الوطني السوري ل«روزاليوسف« ايجابية القرار العربي لكنه دعا لضرورة أن ينص القرار صراحة علي تنحي الأسد واعطاء صلاحياته لنائبه وأوضح أن المجلس الوطني قبل بالقرار بشكل أولي لحين دراسته والتنسيق مع شباب الثورة بالداخل حول شكل وتركيبة الحكومة الانتقالية. بدورها نددت لجان التنسيق المحلية التي تمثل حركة الاحتجاج ضد نظام الأسد في الداخل بالقرار العربي. وقالت لجان التنسيق المحلية في بيان إن «الجامعة العربية فشلت مرة أخري في التوصل إلي حل يرتقي إلي مستوي تضحيات الشعب السوري العظيم ويتدارك مخاطر استمرار النظام في الاعتماد علي القمع الوحشي». ورأت أن القرار غير قابل للتحقيق ويفتقر إلي آليات التنفيذ. كما اشارت إلي أن القرار يعطي مهلة جديدة للنظام وفرصة أخري تتيح له مجددًا الوقت والغطاء في مسعاه إلي وأد الثورة وتحويل المجتمع السوري إلي أرض محروقة مؤكدة سقوط 795 قتيلا من المتظاهرين منذ بدء المبادرة العربية الأولي مع انتشار المراقبين العرب في سوريا. وفي إطار ردود الأفعال العربية والدولية قال رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم إن القرار العربي يتحدث عن أن «يذهب نظام الأسد سلميًا» معتبرا هذا القرار متكاملاً ويشبه المبادرة الخاصة باليمن. من جهتها أكدت بريطانيا مساندتها للجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية لإنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بسوريا. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج: بالرغم من أن هذه الجهود لم تؤت ثمارها بعد، حيث إن القمع مازال مستمرا في سوريا ومازالت أرواح المدنيين تزهق، إلا أنه من الضروري أن تواصل جامعة الدول العربية تصدر المشهد. كما أعرب هيج عن أمله في أن تقوم جامعة الدول العربية بتصعيد الأمر، وعرض القضية علي منظمة الأممالمتحدة، مشيرًا إلي ضرورة استصدار قرار من مجلس الأمن لوقف أعمال العنف الدائر في سوريا. إلي ذلك قررت الدول الأوروبية فرض عقوبات جديدة علي سوريا تشمل 22 من أعضاء الأجهزة الأمنية وثماني منظمات بسبب استمرار قمع الحركة الاحتجاجية. وتعد هذه العقوبات السلسلة الحادية عشرة من العقوبات التي تستهدف شخصيات أو شركات، وتشمل تجميد أصول ومنع منح تأشيرات إلي أوروبا. وبذلك أصبحت الإجراءات الأوروبية تطال نحو 150 شخصا ومنظمة مرتبطة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد. في الوقت ذاته حذرت مصادر دبلوماسية وعربية من أن الخطوة العربية المقبلة في حال رفض النظام السوري تطبيق القرار العربي هي إحالة الأزمة السورية إلي مجلس الأمن وفرض عقوبات علي سوريا.