رأت وزيرة حقوق الإنسان في اليمن حورية مشهور إن عودة الأزمة اليمنية إلي المربع الاول مستحيل رغم مناورات الرئيس علي عبد الله صالح المستمرة ومحاولاته للتشبث بالسلطة، وقالت مشهور في حوار مع روزاليوسف عبر الانترنت: إن صالح لا يريد إجراء الانتخابات ويحاول تفتيت المعارضة مؤكدة ان الطريق الوحيد أمام نجاة صالح من المحاكمة هو الالتزام بالمبادرة الخليجية .وتوقعت ان يكون نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي هو الرئيس المقبل لليمن لادارة المرحلة الانتقالية مشيرة الي ان هيكلة الجيش والشرطة أمر وارد. ■ ما تفسيرك للوضع في اليمن الآن؟ وما الذي أنجزته الثورة منذ حوالي 10 أشهر حتي الآن؟ الوضع في اليمن ما زال معقداً ولعل ذلك بسب محاولات صالح وأركان نظامه للتشبث بالسلطة بالرغم من توقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي في 23 نوفمبر من العام المنصرم وبالرغم من أن الاتفاق قد قضي بتسليم فوري سلمي للسلطة لنائبه الذي هو من أركان نظامه إلا أنه يستمر في مناوراته لربما بانتظار مستجدات أو متغيرات ما تعيد الأمور إلي المربع الأول غير مدركين إن هذا الأمر بات مستحيلاً في ظل ثورة شعبية استمرت صامدة لأكثر من عشرة أشهر ومازالت كذلك بالرغم من المحاولات المستميتة لتفتيتها وإضعافها. وإنجازات الثورة كثيرة أولها أنها أجبرت صالح علي الإذعان لخيارات الشعب اليمني في تسليم السلطة وما كان ليفعل لولا هذه الثورة . وأنها وفرت سقفاً تفاوضياً عالياً للمعارضة وأجبرت الحاكم علي أن يستجيب لها بعد أن كان متجبراً متكبراً مستقوياً في التعاطي معها ، ومثال علي ذلك سد باب الحوار معها قبل الثورة وتفكيره بأن يقود انتخابات تشريعية أحادية ومن انجازاتها أيضاً أنها وحدت جبهة وطنية عريضة للمعارضة تمثل في الإعلان عن المجلس الوطني لقوي الثورة السلمية في منتصف أغسطس الماضي ، ويضم اللقاء المشترك « تآلف 6 أحزاب سياسية » و 14 ائتلافاً سياساً وثورياً ، وما زال الباب مفتوحاً علي مصراعيه لكل من يريد أن ينال شرف إنجاز هذه الثورة والوصول بها إلي تحقيق كامل أهدافها في التغيير الجذري وبناء الدولة المدنية الحديثة التي لا تحتكر فيه قبيلة أو أسرة السلطة وتتحقق فيها العدالة والحرية والمواطنة المتساوية. ■ بصفتك وزيرة لحقوق الانسان ما الآليات التي ستسير عليها الوزارة للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت في حق الشعب؟ يطالب كثر بتحقيق دولي في كل الانتهاكات التي حدثت خلال الأشهر الماضية ، ولكن توصيات المفوضية السامية لحقوق الإنسان خلصت في سبتمبر الماضي إلي تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة تعمل بمعايير دولية تتسم بالاستقلالية والنزاهة والحيادية والشفافية والمعرفة بالقوانين الوطنية والقانون الدولي الإنساني التي تباشر تقصي الحقائق من خلال مساءلة الأطراف المشتبه بتورطها بانتهاكات حقوق الإنسان وتقديمها للعدالة أو الوصول إلي مصالحة من خلال تطبيق العدالة الانتقالية التي ورد ذكرها في الآلية التنفيذية للمبادرة ، وهي مقاربة تم تطبيقها في كثير من الدول التي شهدت صراعات وأحداث عنف واسعة مثل جنوب إفريقيا أو تشيلي. ووزارة حقوق الإنسان سوف تساهم في هذه الجهود مع مؤسسات رسمية مثل وزارة العدل ، النيابة العامة، وزارة الداخلية، وزارة الشئون القانونية وأيضاً مع منظمات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية معنية بالعمل في مجال حقوق الإنسان وكذلك ممثلين للمواطنين المنتهكة حقوقهم للوصول إلي حلول عادلة. ■ وكم عدد القتلي والجرحي منذ بداية الثورة حتي الآن ؟ أعداد الشهداء يزيد علي ألفي شهيد من بينهم 45 إمرأة وأكثر من 100 طفل وعدد الجرحي والمعاقين يربو علي أكثر من 22000 كما لا يزال عدد من المعتقلين بسبب أرائهم المعارضة موقوفين ويتم متابعة معرفة أمكن احتجازهم وإطلاق سراحهم. ■ ما تعليقك علي المجازر التي ارتكبت بحق «مسيرة الحياة»الراجلة من تعز إلي صنعاء لمحاكمة صالح ؟ أريد بها إحراج حكومة الوفاق خاصة أن وزير الداخلية من المعارضة لأن التوجيهات كانت صريحة بحماية المسيرة وعدم التعرض لها بالأسلحة النارية واستخدام وسائل غير قاتلة لمكافحة الشغب إذا ما حصل شغباً . وعلي العموم فقد تم تشكيل لجنة مشتركة من وزارتي الداخلية والدفاع للوقوف علي الحقيقة ومحاسبة المتسببين. ■ يتردد دومًا بأن هناك انقساما في صفوف المعارضة والذي يتمثل في رفض شباب الساحات للحكومة الجديدة فما تعليقك ؟ يحاول بقايا النظام بكل ما أوتي من قوة تفتيت وتشتيت المعارضة بشتي الطرق والوسائل وقد ينجح هنا أوهناك جزئياً من خلال استخدام ضعاف النفوس أو التضليل علي البسطاء والأبرياء بقضايا حق يراد بها باطل، ولكن بالمجمل وبالمحصلة الأخيرة فإن قوي المعارضة متماسكة وصفوفها متراصة وهي مدركة للأخطار المحدقة بالثورة وبالوطن.وفي بطن كل ثورة ثورة مضادة ولكن الغلبة في الأخر تكون للقيم وللمبادئ وتتخلف قوي الثورة المضادة في بدايات الطرق أو منتصفها ولا يصل إلي مرسي الثورة ومحطتها الأخيرة إلا الثوار الصادقون المخلصون وهم الأكثرية والأغلبية ولا تمثل قوي الثورة المضادة إلا الاستثناء. وشباب الساحات من حقهم التعبير عن أرائهم حول الحكومة الجديدة والوزارة ما زالت حديثة والعراقيل والصعوبات والتحديات أمامها تنوء عن حملها الجبال، ولم ير الناس بعد، خيرها من شرها، وأري أن تعطي بعض الوقت ولا يتم الاستعجال في الحكم عليها. وأنا شخصياً لو رأيت أن لا فائدة تُرجي من بقائي فلن أتردد عن الاستقالة قبل أن يُطلب مني ذلك. ■ وما الاليات التي ستسير عليها «حكومة الوفاق» حتي تنجح في إحداث استقرار سياسي وأمني ؟ الحكومة قدمت برنامجا ونالت به الثقة من مجلس النواب ، وهي الآن تسعي لإنفاذ هذا البرنامج الإنقاذي للوطن بالتركيز علي تحسين الوضع الأمني ، لأن لا تنمية أو استقرار بدون أمن وتحفيز نمو الموارد الوطنية لإنعاش الإقتصاد المنهار، وكذلك الاهتمام بالجوانب المعيشية للمواطنين وتحسين الخدمات المنقطعة عن المواطنين وإعادة إعمار ما خلفته المواجهات المسلحة والاهتمام بأسر الشهداء ومعالجة الجرحي وإدماج كل الفئات الإجتماعية بالعملية السياسية. ■ ما موقفكم من القضية الجنوبية ؟وما رؤيتكم لحلها في ظل هذه الأزمة الراهنة؟وكيف يمكن ان تتجنبوا سيناريو التقسيم؟ الجنوبيون هم من سيقررون، وهم من سيشاركون علي قاعدة المساواة مع كل القوي الوطنية والسياسية في رسم ملامح النظام السياسي الجديد والدولة المدنية الحديثة التي ينبغي أن تكون دولة العدالة والحرية والمواطنة المتساوية. ■ ما تعليقك علي من يخرجون لتأييد صالح في صنعاء وحتي الآن ؟ صالح نجح في خلق فئة صغيرة منتفعة ، تستفيد منه بصورة مباشرة وهي من تحاول أن تربك المشهد السياسي ، ومسار الوفاق الوطني الذي لا يستثني أحدًا بما فيهم قيادات وقواعد في الحزب الحاكم علي قاعدة التغيير والنظر إلي المستقبل وليس بالبقاء أسري للماضي وتكريسه وإعادة إنتاجه لأن هذا في سفر الثورات وسننها مرفوض.وفي كل الأحوال فهذه الفئة القليلة لا تتجمع إلا في محيط منطقة السبعين التي لا تتجاوز مساحتها 2 كم مربع بينما يغطي الثوار كل محافظات الجمهورية فينزلون إلي ساحاتها مطالبين بالتغيير والحاكم الحصيف عليه أن يستجيب لشعبه فلا يتهور ويواجهه بمزيد من التحدي والقتل والتنكيل كما حصل في ليبيا وسوريا واليمن. ■ هل من الممكن أن يحاكم صالح؟ وماذا لو تدخلت السعودية في هذا الأمر ؟ إذا التزم بالمبادرة وغادر السلطة والبلاد لربما ينجو من المحاكمة. والسعودية رعت المبادرة والمبادرة واضحة في مغادرته للسلطة مقابل الحصانة من المحاكمة وكان ذلك حتي 22 مايو 2011م حينما كان يفترض التوقيع علي المبادرة ولكن بعد ذلك وبالاتكاء علي المبادرة ضلت دورات العنف المفرط مستمرة وكذلك بعد التوقيع علي المبادرة في 23 نوفمبر. ■ ولو حدث وتمت محاكمته فأين سيحاكم؟ حتي هذه اللحظة يتم الحديث من قبل الأطراف السياسية عن الالتزام بالتسوية السياسية ولكن هذه التسوية السياسية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار حقوق الناس الذين انتهكت حقوقهم وألا تكن متحيزة لطرف وتعكس فقط مصالح طرف. ■ صرح علي عبد الله صالح بأنه سيسافر الي الولاياتالمتحدة للعلاج ثم بعد ذلك تراجع وتردد ان الحزب الحاكم هو من أجبره علي البقاء في اليمن فهل يعيق بقاء صالح عملية الإعداد لانتخابات رئاسية مبكرة ؟ ما زالت بيديه كثير من مقومات التأثير منها المال والإعلام وحزبه والتشكيلات العسكرية التي يديرها أقاربه ونصف الحكومة وأكثر قليلاً من نصف البرلمان وبالرغم من أنها محسومة سلفاً لصالح نائبه حسب المبادرة فهو أيضاً يبدو أنه لا يريد الانتخابات لأنها تعني تسليم فعلي للسلطة وانتقالها كلياً وفعلياً لرئيس آخر. ■ ما توقعاتك للانتخابات المقبلة ؟ وإلي من سيكون الحكم الي الحزب الحاكم أم للمعارضة؟ انتخابات 21 فبراير محسومة سلفاً ومتفق عليها بين السلطة والمعارضة بأن يكون نائب الرئيس الحالي رئيساً للمرحلة الإنتقالية ولكن في نهاية المرحلة الانتقالية ومع تسوية شروط وظروف اللعبة السياسة وعدم سيطرة طرف علي مقدرات الدولة لصالحه، فلا شك أننا سنري تغييراً حقيقياً تتعدل فيه عملية المشاركة السياسية لتتسع فيها قاعدة المشاركة لكثير من القوي الوطنية. وعلي أي طرف أن لايعتد بكثرته ومقدراته بل يجب أن يسعي لا ستيعاب الجميع وفتح نوافذ المشاركة الفعلية والإيجابية في البناء الوطني لأن الإقصاء لن يؤدي إلي الإستقرار. ■ وهل ستحدث هيكلة للجيش والشرطة ومعظمهم موالين لصالح ونظامه؟ نعم وهذا وارد في الآلية التنفيذية ومن ضمن مهام اللجنة العسكرية والأمنية التي تم تشكيلها برئاسة نائب الرئيس وللمعارضة تمثيل نسبي محدود فيها.