«ذوو الإعاقة هم الفئة الأكثر جلوسا علي رصيف مجلس الوزراء للتظاهر منذ بداية عام 2011».. هذه ليست ملحوظة عابرة وإنما معلومة أقرها مركز معلومات بمجلس الوزراء تكشف بدرجة كبيرة عن أن مطالبهم لا تلقي أي استجابة، فوقفاتهم طوال العام علي صعيد العديد من المحافظات وتنوعها ما بين المطالبة بفرص عمل أو بالتعلم في مدارس قريبة من منازلهم تكشف أن المطالب واحدة ومشروعة ألا وهي الحق في الحياة. وعود زائفة ومشاركة في الثورة بدأت أحداث هذا العام بوعود لمناقشة قانون إقرار حقوق المعاقين في البرلمان المنحل وذلك بعد أن وصلت احتجاجات ذوي الاعاقة واعتصاماتهم إلي طريق مسدود فبادرت د.مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان في ذلك الوقت ومعها محافظ القاهرة د.عبدالعظيم وزير لاستيعاب الأزمة بوضع مشروع قانون ووعد وزير بتوزيع شقق من سكن المحافظة إلا أن كلا الأمرين لم يحدث علي أرض الواقع. خلال أحداث ثورة 25 يناير لم يغب الأشخاص ذوو الإعاقة عن المشهد حيث كانوا مشاركين فاعلين في الاعتصام بالميدان خلال ال18 يوماً ولم يغيبوا عن مشهد تنظيف الميدان وحتي في خلال أحداث شارع محمد محمود كانت موتوسيكلات المعاقين من الدعائم الأساسية التي ساهمت في نقل المصابين إلي المستشفي الميداني، ولم يقتصر دورهم الإيجابي علي أحداث التحرير فقط بل شمل ما جري من أحداث في باقي المحافظات ومنها ميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية وغيرها من الأماكن التي عبر بمنتهي التلقائية من خلالها ذوو الإعاقة عن أنهم موجودون في المجتمع ويناصرون أفكاره الثورية بل ويشاركون فيها أيضا. المنسيون دائما لم يغب ذوو الإعاقة أيضا عن تقديم ضريبة الدم أثناء الثورة نذكر منهم البطل الرياضي الأصم حسين زكريا علي الذي يتم علاجه حاليا علي نفقة الدولة في ألمانيا والذي أصيب برصاصة أفقدته القدرة علي الحركة في يوم جمعة الغضب. لم يغب ذوو الإعاقة عن مشاهد الاعتصام للمطالبة بحقهم في التثبيت تارة وفي التعيين تارة أخري، إلا أن أغلب هذه الوقفات انتهت بالوعود، ولعل من أشهرها تلك التي هدد فيها مجموعة من ذوي الإعاقة بحرق أنفسهم وقاموا بالفعل بسكب الكيروسين علي أجسادهم ليؤكدوا أن مطالبهم مازالت بعيدة عن التحقق. ورغم الحديث عن إدراج المعاقين في بند خاص ضمن مشروع قانون التأمين الصحي إلا أن ذلك لم يحدث فقد غفلهم مشروع القانون، ورغم مطالبتهم بمجلس أعلي لرعاية شئونهم إلا أن ذلك لم يتحقق أيضا ومؤخرا سادت أنباء عن احتمالية إضافة رعاية شئون ذوي الإعاقة ضمن مهام المجلس الأعلي لمصابي الثورة وذلك بعد جولة طويلة من التظاهرات السلمية للمطالبة بهذا الأمر. تواجد غير مرئي في المشهد الانتخابي مع الانتخابات البرلمانية بدأت بعض الأحزاب تهتم بإدراج مشاكل المعاقين علي برامجها بل وضم مرشحين معاقين علي قوائمها ومنها أحزاب: العدل والوسط والمصريين الأحرار والإسلام والتنمية حيث خاض المعركة الانتخابية لأول مرة 20 مرشحا إلا أنهم خرجوا من الجولتين السابقتين خاليي الوفاض، فحتي هذه الأحزاب وضعت مرشحيها المعاقين في مراكز متأخرة في ترتيب القوائم الانتخابية. رغم ذلك ظهر العديد من الجهود التي سعت لتوعية المعاقين بحقوقهم الانتخابية ومنها جهود جمعية 7 ملايين معاق بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وكذلك جهود حملة «كن إيجابيا» والتي يقول عنها المحامي محمد مختار إنها تهدف ليس فقط لدعم المرشحين من ذوي الإعاقة ولكن للدفع بأن تكون مطالبهم مدرجة ضمن برامج المرشحين، وهي الدعوة التي تبناها حزبا الأهرام القومي والعمل الجديد، فيما تبنت الناشطة إيفون زعفراني حملة أخري مضادة ترفض استغلال ذوي الإعاقة من قبل مرشحي مجلس الشعب وكذلك مرشحي الرئاسة المحتملين. واهتمت أيضا جمعية «حقوقي» لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بعمل رصد دائم ومتابعة لما واجه المعاقين من صعوبات في اللجان ولعل من أبرزها وجودها في أدوار عليا وعدم تساهل بعض القضاة مع هذا الأمر فضلا عن عدم وجود مترجمي إشارة في اللجان واعتبار بعض القضاة الصم فاقدين للأهلية وهو ما يتنافي مع القانون، بخلاف مشكلة عدم وجود مرافق للناخبين المكفوفين. وكانت المشكلة الأبرز عندما وصفتهم اللجنة العليا للانتخابات علي موقعها الرسمي ب«ذوي العاهات» وهو ما أثار موجة غضب عارمة هددت بمقاطعتهم التامة للانتخابات إلا أن اللفظ تم استبداله بعدها ب«ذوي الاحتياجات الخاصة». جهود مشتتة وحقوق غائبة جدير بالذكر أن فئة ذوي الإعاقة كغيرها من فئات المجتمع استغلت حالة الحرية التي سادت بعد الثورة فظهر العديد من الائتلافات والقوي للحديث عن مشاكلهم والمطالبة بحقوقهم ومنها علي سبيل المثال: الائتلاف المصري للأشخاص ذوي الإعاقة وحركة 7 ملايين معاق التي تحولت لجمعية وحركة 9 ملايين معاق ومعاقون ضد التهميش وغيرها، إلا أن هذه الحركات ساهمت في تفتيت قوة هذه الفئة وهو ما سعوا إلي حله من خلال عقد مؤتمر يهدف إلي لم الشمل إلا أنه لم ينجح في هدفه بعد. وبالنسبة للمرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية فقد بادر بعضهم بتبني قضاياهم ومناقشة مشاكلهم ومنهم د.عبدالمنعم أبوالفتوح الذي شارك في أكثر من لقاء لهم منذ بداية حملته الانتخابية، وكذلك المرشحين عمرو موسي وبثينة كامل ومؤخرا بدأ البرادعي يهتم بمناقشة مشاكلهم. بعد هذا العام الطويل المشحون بالأحداث والوقفات الاحتجاجية والمطالبات مازال الطريق طويلا أمام الأشخاص ذوي الإعاقة للحصول علي حقوقهم، فهل يحمل لهم العام الجديد بوادر أمل؟