بقلم: زكي عبد الفتاح أري من وجهة نظري أننا بدأنا في جني ثمار الديمقراطية الحقيقية بعد الثورة العظيمة من الاقبال الملحوظ والمتزايد علي الانتخابات في أول يومين للمرحلة الأولي.. وهي ظاهرة في قمة الروعة والجمال أن يختار الشعب بإرادته المجلس الذي سينوب عنه في البرلمان حتي لو كانت هناك أخطاء، فلا مانع من خوض التجربة بكل إيجابيتها وسلبيتها دون خوف، وعلينا أن نتدارك هذه الأخطاء في المستقبل، المهم أننا كسرنا حاجز القهر والكبت للحريات في ظل نظام كان قابعاً علي صدور المصريين لسنوات طويلة. الخطوة جاءت متأخرة كثيرا لكن قدر الله وما شاء فعل وعلي الجميع أن يتسلح من الآن بسلاح العلم والثقافة معا حتي ينهض هذا الشعب العظيم الذي نجح في نفض الغبار من عليه، وأظن أنه يستحق الكثير لما هو أفضل. أكثر شيء يزعجني بعد قيام الثورة تلك المظاهرات الفئوية التي أراها من أبرز السلبيات لأنها تنادي بمصلحة أفراد ربما علي حساب المصلحة العامة وهي أخطر ما يهدد المجتمع، ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية عشت 17 سنة وفي هذه الحالات يفضل دائما الفرد الأمريكي المصلحة العامة علي حساب مصلحته الشخصية بتجارب عايشتها علي أرض الواقع، فمثلا كيف تعامل المواطن الأمريكي مع غلاء أسعار اللحوم؟.. رفض أن ينصاع لأوامر التجار وقرر مقاطعة اللحمة، فكانت النتيجة هبوط الأسعار لمعدلاتها الطبيعية، أيضا التجار المخلصون تجدهم يفضلون المكسب البسيط بدلا من الجشع واستغلال المواقف، كما هو شائع الآن في السوق المصرية بسبب غياب الرقابة وهو شيء ينذر بالخطر. كنت أتمني أن يحتشد المصريون في مليونيات للمطالبة بزيادة ساعات العمل مثلا انعكاسا لحالة التحضر الديمقراطي الذي نعيشه الآن بدلا من تلك المظاهرات الفئوية الآن بالعمل وحده تتقدم الشعوب.. والانتخابات النزيهة أولي الخطوات الفعلية. المظاهرات والاحتجاجات قد تكون جديدة علي أسماع المصريين لأنهم لم يعتادوا عليها من قبل بسبب حياة القمع التي عايشوها لكن ما لا يعلمه البعض أنها ظاهرة موجودة بشكل يومي في العالم المتحضر.. والآن الجميع يعلم أحداث وول ستريت في لوس أنجلوس ما هي إلا اعتصامات متحضرة وليس كما يشيع البعض أن بها مجازر.. بل علي العكس الجميع هناك معتصم منذ سبعة أسابيع حتي تتحقق مطالبهم مادامت شرعية وفي الصالح العام.. وكل ما تلقوه من تحذيرات بعدم تخريب المنشآت العامة والحفاظ علي الحديقة التي بها الاعتصام.. فهناك التزام بالقانون ولا أحد يستطيع الخروج عليه.. وهذا أيضا بداية الديمقراطية والتحضر.