يبدو أن العلاقة بين الشعب والحكومة تحولت إلي ما يشبه العلاقة بين الزوج العاجز عن الوفاء باحتياجات بيته.. وزوجته النكدية.. فالزوج لا حول له ولا قوة.. يشقي طوال النهار.. ويعود لمنزله مهدود الحيل.. خائر القوي.. فإذا بالزوجة تطارده بقائمة من المطالب التي لا تنتهي.. بدءًا من مصاريف البيت والإلحاح في طلب زيادتها.. ومرورًا بفواتير الغاز والكهرباء والبنزين.. ونهاية بالمدرسين الخصوصيين الذين أضربوا عن إعطاء أولاده دروسًا خصوصية إلا بعد تحقيق مطالبهم بزيادة سعر الحصة ثلاثة أضعاف أسعار العام الماضي.. وكذلك الجزار والبقال والمكوجي.. فكل منهم يطالب بزيادة أسعاره. والزوجة النكدية.. بعد كل هذه الضغوط لا تتورع عن مطالبة زوجها بمزيد من الطلبات.. واتهامه بالعجز عن الوفاء باحتياجاتها الشرعية أيضًا.. ناهيك عن مطالبتها الدائمة له بالحماية من أعمال البلطجة التي يمارسها عليها الجيران والبوابين وسايس السيارات.. وسائقي الميكروباص.. هذا بخلاف طلب الزوجة الدائم أن يصحبها في الغدو والرواح أثناء زيارة حماته خوفًا من أن يتحرش بها المتحرشون من البلطجية المصابين بذعر جنسي حاد.. هكذا تستقبل الزوجة النكدية زوجها ليلاً ونهارًا.. وهكذا يأخذ الزوج وضع الاستعداد يوميا ليلطم علي خدوده قهرًا وكمدًا من ضغوط الزوجة النكدية المفترية وضغوط الحياة. وهذا هو ما آلت إليه أحوالنا الآن.. فالعلاقة بين الشعب والحكومة.. أشبه بهذه العلاقة المتوترة بين الزوجة النكدية والزوج.. فالزوجة لا تكف عن مطالبة زوجها بمطالب هو عجز تمامًا عن تحقيقها. والزوجة تضغط عليه.. فيضطر الزوج لأن يصرف كل مدخراته.. ويمد يده علي مهر ابنته وفلوس جهاز ابنه.. ويبيع عربيته.. ويرهن شقته.. والزوجة لا تشبع.. وبذلك سينتهي الأمر بأحد أمور ثلاثة لا رابع لها.. إما أن يستدين من الخارج ويسجن.. أو ينتحر.. أو يقتل زوجته وأولاده.. ناهيك عن سمعته التي أصبحت علي كل لسان حيث يتم تجريسه يوميا أمام خلق الله. فالمطالب الفئوية تطارد الحكومة ليلاً ونهارًا.. والوقفات الاحتجاجية انتشرت بين جميع الطوائف كأنفلونزا الخنازير.. والبلطجة والفتن الطائفية أصبحت عرضًا يوميا مستمرًا.. والحكومة بدأت بالصرف من «اللحم الحي».. أي من الاحتياطي القانوني، وبعد ذلك سينتهي «اللحم الحي».. وسنصرف من «اللحم الميت».. أي أننا سنبدأ في بيع أصولنا أو الاستدانة بالفايظ.. وهكذا.. فلا الزوجة النكدية تريد أن تكف عن مطاردة الزوج بمطالبها التي لا تنتهي.. ولا الزوج بقادر علي فعل أي شيء.. بل هو في حالة عجز تام.. فهو مريض مهيض الجناح.. والزوجة لا تعطيه أي فرصة لأن يتعافي أو يتماثل للشفاء. والحل في تقديري هو الانفصال المؤقت.. أو الطلاق النهائي.. أو تغيير الزوج من أصله.. وبما أن ثورة 25 يناير أعطت الزوجة (وهي تمثل الشعب في هذه المسرحية العبثية) الحرية التامة.. وأصبحت العصمة في يدها فمن حقها أن تخلع (الحكومة/ أو الزوج).. وتلقي له بهدومه من الشباك.. ويذهب إلي الست الوالدة ليقيم بطرفها لأن الشقة أيضًا من حق الزوجة. وعلي الزوج أو الحكومة أن يكنس علي زوجته مقام السيدة زينب ويكشف شعر رأسه ويدعي عليها هي والشعب أن ربنا ينتقم من الظالم والمفتري. ويبدو أن الزوجة عملت بنصيحة الست والدتها.. التي قالت لها في الوصايا العشر قبل الزواج: «يا مآمنة للرجال يا مآمنة للميه في الغربال».. وقالت لها أيضًا: «قصقصي طيرك لا يلوف بغيرك».. ومن يومها والزوجة لا تمل من المطالبة بحقوقها كاملة.. فالزوجة تستغل ضعف الزوج.. والشعب يستغل ضعف الحكومة.. وكله نازل طلبات.. وأخونا عصام شرف كالزوج المحتاس... لا يكاد يخرج من حفرة.. ليقع في بئر لا قرار لها.. والمجلس العسكري أصبح حائط المبكي للجميع.. ونحن الآن علي أبواب انتخابات مجلسي الشعب والشوري.. والحكومة الغلبانة سوف يزيد الحمل عليها.. والزوجة النكدية مطالبها بالحماية الأمنية ستتزايد.. فهي لا ترحم. ولذلك فالطلاق أصبح إجباريا.. أو علي الزوج أن يعيد صياغة علاقته بالزوجة النكدية.. ولكي يشعرها بأن هناك ثورة حقيقية فلابد أن يقوم بجدولة مطالبها وفقًا لجدول زمني لا يرهق ميزانية الزوج المسكين ولا يهدر كرامة الزوجة التي صبرت علي البلاء والمكاره مع الحكومات السابقة التي أذاقتها كل صنوف العذاب.