«جميع الممارسات الاحتكارية مشروعة».. شعار يرفعه كل من يعمل في سوق الحديد فلا يوجد ضوابط أو قواعد محددة تحكمه سوي المصلحة الشخصية.. استثمارات تقدر بما يزيد علي 35 مليار جنيه تطرح فيه سنوياً.. 70% من مقدرات السوق يسيطر عليها كيان واحد كما هو معروف «عز».. محاولات غير محسوبة للسيطرة علي السوق بسحب الرخص المجانية وارجاعها مرة أخري.. من خلال التحقيق التالي نرصد أحوال السوق والممارسات الاحتكارية التي يدار بها. يري أسامة عبد المنعم - مدير تجاري لإحدي الشركات المستوردة للحديد - أنه لا يزال سوق الحديد يعمل بنفس الممارسات الاحتكارية التي كان يمارسها «عز» بل بالعكس تطورت وأصبحت أشد.. فمجموعة حديد «عز» كانت تحكم قبضتها علي السوق بمفردها أما الوضع الحالي ينظر بميلاد 100 عز في المستقبل.. فهناك ما يقرب من 30 شخصية من «صبيان» عز الذين عملوا معه كوكلاء وتجار للمجموعة بدأوا التفكير في اللعب وتقسيم السوق لحسابهم الخاص وخاصة في ظل الانفلات الرقابي.. ويجتمعون لتحديد أسعار الحديد الشهرية والكميات التي ستطرح وكيفية إدارتها في السوق.. ويطلق عليهم في السوق ائتلاف عز وبعضهم يمتلك مصانع حديد صغيرة.. ويضيف أن أشهر الوكلاء لمجموعة «عز» هم خميس عمر الذي يمتلك شركة «الغنيم» ومجدي حسن شركة «العلا» وشركة «آل شنب» و«عبد الهادي حسانين» و«نبيل شلبي» و«الصفتاوي». منافسة قوية ويكمل أنه في ظل المنافسة القوية لمجموعة عز ووكلائه تظهر منافسة أيضاً من ثاني أكبر مجموعة بعد «عز» وهي «بشاي» التي تحاول فرض سطوتها لتحصل علي نسبة أكبر من السوق بجميع الطرق ويليها مجموعة «الجارحي». أما حديد المصانع الوطنية التابعة لشركات قطاع الأعمال فهو في غيبوبة وسط هذه المنافسة الشرسة ولا يقوي علي المنافسة ولا يحتل سوي 5% فقط وأحياناً تقل هذه النسبة وأغلب كميات هذا الحديد تذهب للمشاريع الحكومية فلا يشعر السوق بوجودها من الأساس.. ويلفت إلي أن الحديد المستورد لا يحتل جزءاً كبيراً من السوق فتتراوح الكمية التي يتم استيرادها شهرياً ما بين 10 إلي 15 طناً علي حسب احتياجات السوق وعدم حركة البيع والشراء تكبل المستوردين في تحديد الكمية والهدف من الحديد المستورد في الأساس هو ضبط أسعار السوق في حالة ارتفاع أسعار المحلي.. ويوضح أحمد عبد الستار - تاجر حديد - امتلاك مجموعة عز ل70% من حصة إنتاج سوق الحديد وهذه الحصة الكبيرة نابعة من المميزات التي حصلت عليها المجموعة في ظل النظام السابق من رخصة مجانية وخامات ومستلزمات إنتاج مدعمة وبالتالي أصبح لديه وفر في التكاليف وقدرة علي زيادة الإنتاج والتوسع فيه ومع مرور الوقت أصبحت مجموعة «عز» تمتلك معظم السوق كحق أصيل لها حتي بعد سقوط النظام لكون المجموعة كونت كياناً قوياً ومقومات إنتاج مبنية علي أسس متينة فلدي «عز» مصنع متكامل لإنتاج الحديد وآخر لدرفلة الصلب ويقوم أيضاً بإنتاج «البليت» المادة الخام والمكون للحديد.. ويشير إلي أنه حتي إذا دخلت مجموعة «عز» في منافسة بالسوق فلديها مقومات كبيرة تجعلها قادرة علي النجاح والسيطرة في ظل عدم توافر نفس الإمكانيات لدي معظم الكيانات المتواجدة في السوق وإن كان بعضها يحاول.. ويضيف أنه لا يوجد في مصر سوي مصنعين إنتاج حديد متكامل أي يقومان بعملية التصنيع كاملة و3 مصانع نصف متكاملة و15 مصنع «لدرفلة» الصلب وعدد محدود من المصانع الصغيرة التي تنتج كميات صغيرة. ويلفت إلي أنه برغم العديد من الممارسات الاحتكارية المسيطرة علي سوق الحديد إلا أنه جاذب للاستثمارات ومطمئن للمستثمرين بدليل بعض البنوك الأجنبية المساهمة مع «عز». سحب الرخص المجانية ويعتبر أن سحب الرخص المجانية من مصانع الحديد لم يكن فيه أي ظلم له كما حاول أن يظهر البعض بإنه ارباك ووقف إنتاج الأمر الذي حال دون تنفيذ سحب الرخص وارجعاها مرة أخري وانما هو ارجاع حق الدولة لاستفادتهم بالرخص دون وجه حق، حتي لو دفعوا ثمنها بالتقسيط. ويؤكد ضرورة وجود رؤية مستقبلية لسوق الحديد وإعادة هيكلته لضبطه من جانب وزارة الصناعة بوضع ضوابط تنظيمية به للصالح العام والاتجاه نحو إنشاء مصانع وطنية تحت قيادة جهة لا تهدف للربح ودعمها وضخ استثمارات جديدة بها حتي تقوي علي المنافسة مع الكيانات المتواجدة.. وأيضاً محاولة النهوض بالمصانع الوطنية القائمة.. ويضيف أن استهلاك سوق الحديد المصري يصل إلي 7.5 مليون طن سنوياً وبلغ متوسط السعر لهذا العام 4500 جنيه ويصل إلي المستهلك ب5 آلاف جنيه وتبلغ حجم الاستثمارات التي تطرح في هذا السوق بالتقريب إلي نحو 35 مليار جنيه سنوياً. وعن تدهور إنتاج حديد المصانع الوطنية وعدم منافسته في السوق يبرر مصطفي نايض - نقابي بشركة حديد وصلب حلوان - بأنه لا زال فلول النظام السابق من رجال الأعمال يسيطرون علي سوق الحديد ويحاولون ضرب المصانع الوطنية في مقتل لصالحهم ومن الأمثلة الواضحة حديد وصلب حلوان يكاد الإنتاج أن يكون متوقف منذ شهرين بحجة عدم وجود خامات وتعطل المعدات بشكل مستمر ويؤكد أنه عند مخاطبة الشركة القابضة للصناعات المعدنية لضخ 139 مليون جنيه لتحديث معدات المصنع وإعادة تشغيله بكامل طاقته تم رفض الطلب رغم وجود ميزانيات.. وأيضاً عدم التمكن من إنشاء مصنع وحديد التسليح الذي أعلنت عنه شركة الحديد والصلب والشركة القابضة رفضت فتح خط إنتاج له.. ويضيف أنه تم تقديم بلاغ للنائب العام عن المخالفات الموجودة السابق ذكرها وجاري التحقيق في النيابة.. ويلفت إلي أن حديد وصلب حلوان ينتج 755 ألف و166 طناً سنوياً وهذا رقم ضئيل لقدرة المصنع الحقيقية في حال تصليح المعدات ويضيف وجود مشكلة أخري تتعلق بتدهور إنتاج المصانع الوطنية وهي الإدارات العقيمة التي تديرها وقد تسبب في تأخر وصول خامات ومستلزمات الإنتاج إلي المصانع. وكشف «نايض» أن السبب الأخطر وراء تدهور الحديد الوطني انسحاب العمال ذات الخبرة من المصانع سواء بتقديم استقالات أو معاش مبكر للعمل في مجموعة عز مقابل 9آلاف جنيه شهرياً قابلة للزيادة.. وقد قدم ما يقرب من 300 ألف عامل ذي خبرة علي مدار السنوات الماضية علي معاش مبكر للذهاب إلي «عز». سياسات تنظيمية ويشدد «نايض» علي ضرورة وضع سياسات تنظيمية لسوق الحديد وضخ استثمارات كبيرة للمصانع الوطنية حتي يمكنها المنافسة وتوفير الدعم الكافي لها للنهوض مرة أخري.. ويري أنه لو تم تشغيل هذه المصانع ب50% من طاقتها بعد إصلاحها سيكفي إنتاجها السوق المحلي بل سيتم التصدير منها. ويعتبر خليل قنديل رئيس غرفة الصناعات المعدنية أن تنظيم سوق الحديد لن يأتي عن طريق سحب الرخص المجانية من الكيانات الكبري القائمة التي تتحكم بالسوق مؤكداً أن هذا القرار لو طبق كان سيدمر الاقتصاد الوطني ويتسبب في انهيار صناعة الحديد من الأساس لكون هذه الشركات لم تضع في خطتها الاستثمارية أنها ستدفع قيمة الرخص بشكل مفاجئ الأمر الذي سيربك حركة انتاج المصانع لتأثير التمويل علي توريد مستلزمات الإنتاج. وبالتالي انهيار الحديد يترتب عليه إنهيار أسواق أخري. ويلفت إلي أن تنظيم سوق الحديد يأتي من خلال تفعيل بعض قواعد الانضباطية للسوق بمعني تحديد الأسعار من قبل وزارة الصناعة بعد تقديم المصانع لتقارير توضح الكمية التي ستنتجها والتكاليف وحتي التجار لا بد أن يعلنوا الكميات المتواجدة لديهم بالمخازن حتي تكون هناك قاعدة بيانات لسوق الحديد يمكن تنظيمه من خلالها. ويتفق أحمد السيد - رئيس الشركة القابضة للتشييد والبناء مع رأي الخبراء في عدم اختلاف الممارسات الاحتكارية لسوق الحديد عن قبل الثورة لوجود نفس الكيانات التي تسيطر علي السوق وتستخدم نفس الطرق في إدارته. والحل لضبط السوق ليس سحب رخص المحتكرين حتي لا ينهار. فسوق الحديد من الأسواق التي تقبل أي استثمارات لأننا لدينا نهضة في مجال البناء والتشييد وانما تقوية هذه الصناعة ودعم الشركات الوطنية بها ومحاولة إعادة تشغيلها وزيادة إنتاجها والدخول به إلي السوق للمنافسة من مسببات إحداث توازن بالسوق.. ويحذر من أن الحديد من السلع الاستراتيجية في الدولة إذا لم يتم السيطرة عليه قد يترتب عليها ارتفاع في السوق للمنافسة من مسببات أسواق أخري كالعقارات.. ويؤكد ضرورة خلق مناخ استثماري مناسب لهذا السوق للنهوض به لصالح العامل وليس لقلة من رجال الأعمال..