حين كان الحديث عن أحمد عز من المحظورات, كان أبوالعز الحريري نائب الإسكندرية يقف تحت قبة البرلمان, ويقدم الاستجواب تلو الآخر عن قصة استيلاء عز علي شركة حديد الدخيلة, وعن ممارساته الاحتكارية.. لكن المجلس لم يناقش أيا من هذه الاستجوابات, بينما التزمت مختلف الأجهزة الرقابية الصمت.. من الدخيلة بدأنا الحوار: ماذا حدث بالضبط في شركة عز الدخيلة؟ الحريري:عز الدخيلة لها ارتباط بالواقع السياسي والاقتصادي القائم منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات, والذي تجسد بشكل أكبر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك, ومن وراء ذلك وجهة نظر تقول: قدر من الفساد يبني الاقتصاد.. سواء كان هذا الفساد بالاستيلاء علي المال العام, أو في استغلال الناس, أو في فرض أسعار مغالي فيها.. وفي هذا المناخ, ظهر أحمد عز في فترة التسعينيات, وتحول من دكانة السبتية, إلي تجارة الخردة, حين كان والده يتاجر فيها, ثم وصل إلي جمال مبارك عن طريق علاقة جوار تربطه بالدكتور مصطفي خليل رئيس وزراء مصر الأسبق, وبدأت علاقة عز تتوطد مع جمال مبارك, وليست مصادفة أن يصحبه في زيارة لايطاليا, الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية السابق, والدكتور حسن خضر وزير التموين الأسبق, لشراء مصنع مستعمل لإنتاج الحديد, وكان القصد منه إعطاء الضمانة, والإيحاء من الحكومة المصرية للإيطاليين بأنه مسنود, وبالمناسبة تم تقديم المصنع للبنوك علي أنه جديد, وبالتالي يصل سعره إلي أضعاف ثمن المصنع المستعمل, وقد دفعه هذا المصنع, الذي أقامه في مدينة السادات, إلي فكرة الاستحواذ علي صناعة الحديد والصلب في مصر. المهم, دخل عز إلي الدخليلة, وأبرم ما يسمي باتفاق النوايا, والحقيقة أن هذا الاتفاق, يمثل تصرفا غير قانوني, وغير معروف في القانون المصري, ولا الدولي, أن يدخل شخص شريكا في شركة معينة, ثم يشتري حصة معينة باتفاق نوايا, ودون اتباع الإجراءات الخاصة بقانون المناقصات والمزايدات, والبورصة التي تحدد قيمة الأسهم في السوق, للهروب من الشراء بالقيمة السوقية, حصل عز علي الأسهم باتفاق النوايا الذي ذكرته, والملاحظ أن عز دخل علي أنه سوف يشتري أسهما بقيمة456 مليون جنيه, وعندما حجبت الحكومة القرض الكويتي عن الشركة, وقامت بتسبيل خطاب الضمان, استغاثت الشركة برئيس الجمهورية, ووزير القوي العاملة. سر اتفاق النوايا قلت: الم يصل القرض إلي مصر أصلا؟ - لا.. وصل إلي الحكومة, لكنه لم يصل للدخيلة.. وبدلا من أن تطرح الشركة أسهمها للبيع وفقا لإعلان, أو للبيع في البورصة, تباطأت في هذا الإجراء, وقد طالبت في النيابة بمحاكمة كل من تواطأ في هذه الصفقة.. المهم وقع عز اتفاق النوايا, وحصل علي6,4 مليون سهم, دون أن يدفع مليما واحدا, وأنه سوف يسدد للشركة القيمة المطلوبة وتقدر بنحو456 مليون جنيه, وأخذ أحمد عز ما يملكه في الحقيقة, ووضعه في البنك, وأخذ بمقتضاه نفس القيمة عملة صعبة, فدفع منها قسطا واحدا في الشركة, وأصبح بمقتضاه نائب رئيس مجلس إدارة الشركة, وأدخل معه3 أشخاص من شركاته ممثلين له علي الحصة التي لم تسدد, والمفترض أن هذا المبلغ كان يجب أن يسدد ليذهب للمالية, ويغطي تكاليف المصنع, فالمصنع بدأ نتاجه عام2000, وعز سدد أول قسط في عام2000, ثم سدد القسط الثاني وأصبح به رئيسا لمجلس الإدارة, وعقد جمعية عمومية لخفض رأسمال الشركة من مليار ونصف المليار جنيه, إلي مليار و200 ألف جنيه, لكي لا يسدد الباقي, وكان هو قد أخذ الأسهم, ورهنها, وأخذ قيمتها.. واعترض مجلس الإدارة, فعقد جمعية عمومية, وجاء ممثلو المال العام بالشركة ووافقوا مع عز علي خفض رأسمال الشركة.. وأصبح عز مالكا لنحو28% من أسهم الشركة, وعندما دخل الشركة, وأصبح نائبا لرئيس مجلس الإدارة ثم رئيسا لها بعد شهر تقريبا في مارس من عام2000, قرر خفض إنتاج الدخيلة من مليون, ونصف المليون طن من حديد التسليح, إلي مليون طن فقط, والباقي يروح فين؟.. يأخذها عز بواسطة شركة عز للتجارة الخارجية, تنقل مكعبات الصلب من شركة الدخيلة ناقصة عن سعر السوق بواقع120 للطن مضروبة في النصف مليون طن, وتسلمها علي أبواب شركاته بسعر السوق, كما لو كانت الشركة اشترتها بسعر السوق, وهو في الحقيقة حصل علي الفرق لحسابه في شركته( عز للتجارة الخارجية), حيث تدخل المكعبات إلي الشركة المذكورة, ويقوم بتحويلها إلي درفلة حديد تسليح ويربح في كل طن130 جنيها, بالتالي تكون الدخيلة قد خسرت250 جنيها علي الأقل في النصف مليون طن, وهذا المبلغ يقدر في عامين يغطي المبلغ الذي كان من المفترض أن يدفعه عز في شركة الدخيلة بشكل عام, وبدأ في سحب إنتاج من الدخيلة مقابل شيكات, تسدد في نهاية العام, وبلغت قيمة المتأخرات في عام2005 نحو500 مليون جنيه مثلا-, وبعد شهور من دخوله الدخيلة, قام بعملية توحيد بين إدارات الإنتاج والبيع في الدخيلة وشركاته الخاصة, برغم أن المصالح متعارضة بين الدخيلة وشركاته, فكيف يوحد, ويدمج هذه الإدارات في جهتين متعارضتين في المصالح؟ وكيف سكتت الأجهزة الرقابية؟ إحكام السيطرة علي الاستيراد ولم يكتف عز بذلك, وهو يمهد لأن تكون علامة الإنتاج الخاصة به تكون هي المسيطرة, علق علي الدخيلة لوحة كتب عليها عز الدخيلة, علي أساس أنها ملك خالص له.. ورفع العلامة التجارية من إنتاج الدخيلة, ووضع عليها العلامة التجارية الخاصة به, مع أن إنتاج الدخيلة أفضل من إنتاجه, وكان الهدف من ذلك الحصول علي نسبة معينة من السعر علي كل طن من حديد الدخيلة, وألغي قانون المناقصات والمزايدات, في كل ما يتعلق بعمليات توريد مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار والمعدات, وأوكل شراء مستلزمات الإنتاج وتوزيعها للسوق المحلي, أو للسوق الخارجي إلي شركة العز للتجارة الخارجية التي يمتلكها, وبالتالي أصبح هو المتحكم في استيراد قطع الغيار, ومستلزمات, وخام الإنتاج, ووصلت الأمور لدرجة أن الخامات التي كانت تأتي من أوكرانيا, يتم استبدال أوراقها, من خلال شركة صغيرة في ألمانيا, ومسجله في الغرفة التجارية هناك, ويملكها عز أيضا, بحيث يضيف علي كل طن من ال4 ملايين طن الخام اللي جايين من أوكرانيا20 دولار, وبذلك تقدر قيمة المبلغ الذي تم الحصول عليه حوالي420 مليون جنيه, وهذه الإضافة التي تحمل علي المادة الخام, تساوي المبلغ اللي دخل لينقذ الشركة به, أو اللي كان من المفترض يدفعه للشركة, باستثناء أرباح البليت, وشراء مستلزمات الإنتاج, وتوحيد إدارات البيع والإنتاج, وعندما كان يذهب إلي البرازيل لشراء حديد خام أو مكورات حديد, وكان سعر الطن يتراوح بين30 أو40 دولارا, كان يقوم بتسجيله بسعر80 دولارا للطن, و كان يفعل ذلك لكي يتماشي مع الرفع المصطنع لسعر الحديد, ولذلك وصل سعر الطن في ديسمبر من عام2003, ويناير2004 إلي3500 جنيه ثم زاد إلي4 آلاف جنيه. رسوم الإغراق وقد أصدر الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية السابق, قرارا في عام1998 بفرض رسوم علي الحديد المستورد بقيمة26%, والملاحظة أن الحديد المستورد يأتي بالسعر العالمي, والأجور هناك مرتفعة, ولا يوجد دعم في الخامات, ولا الوقود, ومع ذلك فإن الحديد المستورد كان سيباع في السوق المحلي بسعر اقل من المنتج المحلي ذاته, ولكي يتم تحجيم الاستيراد, وفتح الباب أمام عز, تم فرض رسوم إغراق, وحماية, وقد استفاد منه عز باعتباره صاحب الكتلة الأساسية, ومنتجون آخرون, ولكي يستفيد أكثر, دخل شركة الدخيلة, وسيطر علي إنتاج الحديد بها, ومع أنه لم تكن هناك قضايا إغراق قد صدرت ضد الحديد الأوكراني والتركي في عام2004, إلا أنه صدر قرار بفرض رسوم حماية بنسبة61% من قيمة المستورد, وبلا مبرر علي الإطلاق. لمن تكون الحماية؟! هل تم فرض هذه الرسوم لحماية الصناعة الوطنية؟ - الحريري: بالعكس, فما حدث ليس حماية للصناعة الوطنية, بل تدميرها, لأنك بذلك تمكن المنتجين المحليين من السيطرة علي سوق الحديد, واحتكاره, وهذا ارتبط بالمناسبة بقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار, وهذا القرار برفع الرسوم بنسبة61% بلا أي مبرر, سوي مزيد من التمكين الاحتكاري لعز, والملاحظ أنه بمجرد مجيء المهندس رشيد محمد رشيد إلي وزارة التجارة والصناعة ألغي هذا القرار.. ومابين فرض هذه الرسوم, وإلغاءها تعبير عن جريمة كانت ترتكب, والمقصود من ذلك خدمة أحمد عز! قصة صعود قيمة الأسهم وتتوالي المفاجآت, ففي عام2006, عمل عز لعبة لتبادل الأسهم بينه, وبين حديد الدخيلة, وعقد جمعية عمومية في الشركتين, وحصل علي قرار من الجمعية العمومية بأن تشتري الدخيلة نحو25% من أسهم شركاته, وتشتري شركاته25% من أسهم الدخيلة, لرفع المساهمة إلي52% في الدخيلة, وهنا تقع جريمة أبلغ عنها النائب العام عبر صفحات الأهرام, فمنذ فبراير2006 وحتي إبريل2006 رفع قيمة أسهم رأسمال شركاته من430 مليون جنيه إلي8 آلاف مليون جنيه, وهذا معناه أنه رفع قيمة أسهم الشركة في ثلاثة أشهر بمعدل8,16 مرة, للأسهم, لكي يحصل علي أسهم الدخيلة دون أن يدفع فلوس, بحيث تتوازي قيمة25% من أسهم الدخيلة مع قيمة شركاته الخاصة, وكان الهدف أيضا أن يجري التبادل ولا يدفع فيها أي مال., والقيمة في هذه الحالة كانت ستقدر بنحو2000 مليون جنيه, في حين تبلغ قيمتها الحقيقية110 ملايين جنيه, بمعني أنه استبدل2000 مليون جنيه بنحو110 ملايين جنيه. وأذكر أن مستثمرا انجليزيا من أصل هندي, قد جاء لإقامة مصنع لإنتاج الحديد والصلب, وكان عز قد فكر في بيع هذه الامبراطورية, ليتفرغ للعمل السياسي والحزب الوطني, علي أمل أن يصبح رئيس الوزراء, أو يقفز علي سلطة الرئاسة بشكل أو بآخر. و الحال كذلك, كان عز يشتري طن الخام المختزل مرة واحدة بحوالي70 دولارا للطن من الدخيلة, وينقله إلي مصنعه بمدينة السادات, مع أن مصانع أولاد بشاي للصلب قد تدخلت للشراء بسعر90 دولارا للطن, ولأنه كان يترأس شركة الدخيلة, وشركاته الخاصة أيضا, فكان يفرض شروطا علي المناقصة بحيث ترسو عليه, وبذلك تخسر الدخيلة20 دولارا في كل طن.. وكان يستخدم شركة ليست ملكه وهي الدخيلة, ويخفض سعر إنتاجها لإزاحة المنافسين الآخرين لكي يخلو له الجو, ويمارس مهامه الاحتكارية. لماذا لم تمارس دورك الرقابي والبرلماني في إثارة قضية الدخيلة أمام مجلس الشعب الذي كنت تتمتع بعضويته في ذلك الوقت؟ - الحريري: لم أصمت, وقد قدمت استجوابا في عام2003, وكررته في عام2004, ثم كررته أيضا في عام2005, لكن المجلس امتنع عن مناقشته, وقدمت استجواب الاحتكار في عام2004, وكررته في عام2005, ورفض المجلس, ثم قدمت استجوابا عن نهب المال العام بما فيه شركة الدخيلة, ورفض المجلس أيضا, وقدمت طلب إحاطة عن وقف شركات الدلتا, النحاس, والأهلية, عن إنتاج الحديد لمدة10 سنوات, بهدف تعطيش السوق, لكي تكون الفرصة متاحة أمام عز للانفراد بالسوق. إذن.. كيف تفسر امتناع المجلس عن مناقشة هذه الاستجوابات في مجلس الشعب ؟ - بديهي جدا, أن مناقشة هذه الاستجوابات, كانت تستوجب محاكمة عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت, وكذلك محاكمة ممثلي المال العام, ومحاكمة مسئولي الجهات الرقابية, ومحاسبتهم علي الدعم المقدم لعز في الوقود(الغاز, والكهرباء), في حين يباع الحديد المستورد بسعر أقل من السعر الذي يباع به المنتج المحلي في الداخل.. ويسألني: لماذا صمت الجميع علي مخلفات عز.. والعجيب أنه عندما تقدمت باستجواب حول عز إلي رئيس الوزراء, فأحاله إلي وزير الصناعة, الذي أحاله إلي مرؤوسيه, وكانت تأشيرة الوزير, لا مانع من التفاهم بصورة ودية مع شركة عز. ولماذا لم تتقدم بما لديك من مستندات إلي النائب العام؟ - الحريري: ذهبت إلي نيابة الأموال العامة, وأدليت بشهادتي هل بادرت بالإبلاغ عن هذه المخالفات؟ - النيابة هي التي طلبتني.. تقريبا حصلوا علي صورة من الاستجوابات التي تقدمت بها إلي مجلس الشعب بخصوص أحمد عز من خلال موقعي علي شبكة الانترنت, أو ربما قدمها أحد إلي النيابة, وهناك قلت كل التفاصيل, وقدمت العديد من المستندات, وطالبت بمحاسبة جميع المسئولين الذين صمتوا طوال هذه الفترة علي تجاوزات, ومخالفات أحمد عز.. أما لماذا لم أبادر من تلقاء نفسي بإبلاغ النيابة عن هذه المخالفات, فلأن نيابة الأموال العامة العليا, كانت قد بادرت أصلا بفتح ملف أحمد عز, وفوجئت بها تطلب شهادتي,وعلي صفحات الأهرام فإنني أطالب باسترداد شركة الدخيلة, وكل ما تحصل عليه عز منها, ومراجعة كل أعمال شركاته التي تمت بالمخالفة للقانون, والمحاسبة عليها بما قد يؤدي إلي أن يملك عز الملايين القليلة التي بدأ بها, ثم تضخمت إلي عشرات المليارات من الجنيهات فيما بعد. وكيل جهاز المحاسبات السابق يتكلم: أنا جاهز للشهادة كيف يكون شعورك, وأنت تريد أن ترضي ضميرك, وتثور علي الفساد, ثم تجد من يقول لك: كبر دماغك.. كلها شهور, وتطلع علي المعاش! وماذا ستفعل إذا نصحك زملاؤك السلبيون- بأن تلتزم الصمت, وتؤثر السلامة, وأنت تملك المعلومات, والبيانات, والدلائل الدامغة في قضية فساد! تلك هي الظروف التي مر بها الدكتور عبد الرحمن الذهبي وكيل أول الوزارة, ووكيل الجهاز المركزي للمحاسبات سابقا, فالرجل كان ضمن فريق كبير شكله الجهاز, لفحص ملفات شركة حديد الدخيلة, وعندما انتهي من التقرير, وجده يدخل الثلاجة, ثم فوجئ بتقرير آخر, وعندما رفض التوقيع علي نتائجه, وتوصياته, كان جزاؤه كما روي لنا- النقل من الإدارة التي يعمل بها إلي إدارة أخري! باختصار.. صمت الذهبي.. وخرج علي المعاش.. والآن قرر أن يتكلم: سألته: لقد كلفت ضمن فريق من الجهاز المركزي للمحاسبات بإعداد تقرير عن حديد الدخيلة.. فما هي التفاصيل؟ - الذهبي: عندما قامت الدنيا بسبب ارتفاع أسعار الحديد, قام بعض أعضاء مجلس الشعب الشرفاء, بإثارة القضية, كما إثارتها وسائل الإعلام, فاضطر مجلس الشعب إلي تشكيل لجنة لتقصي الحقائق, لمعرفة أسباب ظاهرة ارتفاع أسعار حديد التسليح في ذلك الوقت, وتشكلت لجنة مشتركة من اللجان النوعية بالمجلس في ذلك الوقت, وضمت لجنة الصناعة والطاقة برئاسة الدكتور مهندس أمين مبارك, ولجنة الإسكان برئاسة المهندس محمد أبو العينين, واللجنة الاقتصادية وكان يترأسها سعيد الألفي, تحت رئاسة الدكتور أمين مبارك رئيس لجنة الصناعة والطاقة, ورأوا تكليف الجهاز المركزي للمحاسبات بإعداد دراسة شاملة, ووافية عن أسباب ظاهرة ارتفاع أسعار حديد التسليح في مصر في ذلك الوقت, واحتكار الحديد, واستيلاء أحمد عز بسياسة منظمة, أو سياسة الخطوة خطوة, للاستيلاء علي مقدرات الوطن, وهذا الصرح, وهو شركة حديد الدخيلة التي أنشأها الرئيس الراحل محمد أنور السادات- رحمة الله عليه- بغرض سد الفجوة ما بين الإنتاج من حديد التسليح.. واحتياجات السوق المحلية, وقد أنشئ ميناء الدخيلة لهذا الغرض, وتم تزويد المصنع بالطاقات اللازمة, وتم تزويده بتقنية القوس الكهربائي, لاختزال كرات الحديد الأسفنجي واسمها( بي. آر. أي), والتي تتحول إلي مكعبات صلب, واسمها البليت, والتي يتم درفلتها لاستخراج المنتج النهائي الذي منه منه حديد التسليح. الجهاز في مهمة رسمية وكلف الجهاز المركزي للمحاسبات, وتفضل السيد المستشار الدكتور جودت الملط رئيسه في ذلك الوقت- ولا يزال- بتشكيل لجنة من6 من وكلاء الجهاز, والذين يترأسون الإدارات المركزية المعنية لارتباطها بالوحدات والمنشئات ذات العلاقة بإنتاج حديد التسليح, وكان لي عظيم الشرف أن أكون ضمن هذه اللجنة, بحكم أنني كنت اشغل منصب وكيل أول وزارة, ووكيل الجهاز لشئون مجلس الشعب, وكنت همزة الوصل بين الجهاز والمجلس باللجان النوعية المختلفة بالمجلس, وتم عقد اجتماع مع رئيس الجهاز, وتم تكليفنا بالمهمة, واستلزم الأمر, جلوس الوكلاء لوضع خطة بحث, وهو يعادل في رأيي- رسالة دكتوراه علي3 محاور رئيسية, ظاهرة الاحتكار, وتكنيك تصنيع الحديد كمنتج نهائي, والبورصة العالمية لأسعار حديد التسليح, ومراحل إنتاج حديد التسليح في التكنيك الفني للتصنيع, وهناك ما يسمي بالمنتج النهائي المحلي, والاستيراد من المنتج الخارجي, ورسوم الإغراق, وضرائب المبيعات, والجمارك, و التكلفة, وتكلفة الفرصة البديلة, وهذه قصة كبيرة جدا, ومصانع الدرفلة, ومصانع حديد التسليح بالطريقة القديمة( صهر الحديد في الأفران) في حلوان, والتي تختلف عن التقنية الحديثة في مصانع الدخيلة, ثم دراسة عناصر التكاليف كاملة, لتحديد سعر المنتج النهائي الذي يضمن مكسب المنتج, والموزع, والمقاول, واستفادة المستهلك وهو المواطن المصري سواء كانت الجهات الحكومية التي تنشئ مباني للتنمية, أو المواطن المصري الذي يقيم مسكنا خاصا له, ووضعنا عناصر الدراسة, وناقشناها مع السيد رئيس الجهاز, ووافق عليها, ومن ثم حددنا المواقع التي سنقوم بزيارتها للحصول علي البيانات اللازمة لانجاز الدراسة, واذكر هنا وزارات المالية, و الصناعة, وقطاع الأعمال العام, والكهرباء لمعرفة أسعار الطاقة الكهربائية وهل هي مدعمة أم لا, فضلا عن وزارة الاستثمار, ووزارة التجارة الخارجية للتعرف علي بورصة أسعار الحديد في الخارج, علي جانب زيارة مصلحة الضرائب, والجمارك, وبعض مصانع القطاع الخاص, ومرفق المياه, وشكلنا فريقا بحثيا, بحيث تتولي كل مجموعة جهة أو عدة جهات, وعرضنا الخطة علي رئيس الجهاز, وفي ذلك الوقت كنت همزة وصل بين اللجنة, ورئاسة الجهاز, وأروقة مجلس الشعب بلجانه النوعية, ونما إلي علمي أنه يتردد في أروقة مجلس الشعب أن الموضوع هيموت, وهيتحفظ, لان أحمد عز شخصية مرعبة, ومخيفة, وأبلغت السيد رئيس الجهاز بذلك, وقلت له: إذا كان سيحدث تأثير علينا, فأنا أعتذر عن المهمة.. إنما ها نشتغل بالشفافية المطلقة, وبأمانة المسئولية.. فقال لي المستشار جودت الملط- المشهود له بطهارة اليد, وحسن الخلق: لك هذا, هم غلطوا في العنوان! بعدها, ارتفعت معنوياتي, ودخلت في سباق مع الزمن, بمنتهي الشفافية, وبأمانة المسئولية, وصرت أبذل قصاري جهدي لمعرفة الحقيقة كاملة بدون رتوش, المهم حصلنا علي المعلومات, وبدأنا في تفريغها, وانتهينا منها. المستندات الدامغة قلت: ومتي قمتم بإجراء هذه الدراسة؟ - وكيل جهاز المحاسبات السابق: كان ذلك منذ8 سنوات تقريبا, ويحضرني أن رئيس الجهاز عمل مداخلة, وعقد لنا اجتماعا في ذلك الوقت, وقال لنا أن الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب يتهمنا بالتقاعس, والتأخير, قلت: فليعقب كيفما يشاء, هو ليس رئيسنا, ونحن نجري الدراسة كخدمة لمجلس الشعب, و للوطن, بالتوازي مع عملنا الأصلي, ولذلك لابد أن نأخذ فرصتنا لكي تكون الأمور واضحة, والقرائن دالة, والمستندات دامغة, والأقوال متكافئة, ومضينا في العمل, وأنجزنا الدراسة في شهرين أو ثلاثة تقريبا, وسلمت الدراسة للمستشار جودت الملط, لكي يقرأها. وانتظرت لكي يرسل المستشار الدكتور رئيس الجهاز في طلبي, ليناقشني في الدراسة, فلم يحدث, وبدأت أتحسس, فوجدت اجتماعات في الدور الأول بها بعض الوكلاء, ومراقبي الحسابات المعنيين بالأمر, واستبعدوني, ثم جمعنا رئيس الجهاز لاجتماع عاجل, وذهبت ومعي كل المستندات, ثم فوجئت بخطبة عصماء كانت بدايتها مثل نهايتها, ولم أصل إلي شيء, وقال إن هناك تقريرا أعدته الإدارة المركزية لشئون مجلس الشعب, وتقريرا آخر أعدته اللجنة.. وخرجت من الاجتماع, وشعرت بأن ناقوس الخطر قد دق.. وفي اليوم التالي ذهبت إلي عملي, ونسيت موضوع الحديد, فقد أبلغت الرسالة إلي ولي الأمر, أمام الله, وأمام ضميري, ولا يمكن تحت أي مسمي أن أغير ضميري, أو أحيد عن الحق أيا كانت النتيجة.. ثم فوجئت بأحد مسئولي الجهاز يعطيني نتائج معدلة تقرير الدخيلة, والتوصيات للتوقيع عليها, وفوجئت بأن هذه النتائج والتوصيات جعلت من أحمد عز بطلا قوميا.. فرفضت التوقيع, لأن من يوقع علي هذا التقرير يتهم بالغش والتواطؤ, وخيانة الأمانة, وذهبت لرئيس الجهاز, وحكيت له عن موقفي, فقال لي بشياكه.. لك هذا! بعدها انقلبت الدنيا علي, وظل التقرير الأصلي الذي شاركت فيه حبيس الأدراج, ثم قدم التقرير الآخر إلي مجلس الشعب, فثار بعض أعضاء المجلس علي الجهاز, والدكتور جودت, وانقلب عاليها واطيها! وبعدها تم نقلي من الإدارة التي كنت أعمل بها! نصائح الزملاء متي.. وإلي أي إدارة نقلت؟ -الذهبي: نقلوني بعدها بعدة شهور إلي الإدارة المركزية للرقابة المالية علي القطاع العام, وكان الجانب الأكبر من عملي ليس رقابيا وإنما كان إداريا, صحيح أنني كنت أشرف علي18 إدارة مراقبة حسابات, لكنه عمل إداري,. وقدمت تظلما من القرار في المدة القانونية المقررة, ونصحني بعض الناس الأفاضل بأنني أوشكت للخروج علي المعاش خلال سنة و8 أشهر, وعلي ما ترفع تظلم لن يرد أحد عليك, ولو رفعت قضية في مجلس الدولة, وعلي ما يتحكم فيها تكون مت أو خرجت للمعاش, ولم استجب لهذه النصيحة, ثم مرت الأيام, و التقيت أحد المختصين في جهة رقابية سيادية بالجهاز, وقال لي: طبعا لما هترفع دعوي قضائية, سوف تكشف فيها عن أسباب نقلك من الإدارة التي كنت تعمل بها, وستضطر لتقديم التقرير الأصلي, وها يبقي فيه مشكله, والموضوع ها يكبر, والذي قال لي هذا الكلام مازال حيا يرزق.. واكتفي بهذا القدر, وكرر ما قاله لي زملائي المخلصون بالجهاز, فاكتفيت, وقلت اللهم إني بلغت, اللهم فاشهد! وأي مشكله في الدنيا ليس لها حل, الزمن كفيل بحلها, إلي أن حدثت ثورة الشعب في25 يناير, وظهرت ملفاتي التي دخلت الثلاجات, ودفنت, وتحللت, إلي عالم الوجود من تاني.. التقرير الأصلي لماذا لم تسلم النائب العام نسخة من التقرير الأصلي, خاصة أن أحمد عز أصبح رهن التحقيق في نيابة الأموال العامة العليا؟ - الذهبي: لم أفعل.. لأنك عندما تبلغ عن واقعة, لابد أن تكون لك صفة, ومصلحة, وأنا ليس لي صفة لأني خرجت علي المعاش, وليس لي مصلحة لأني ليس لي علاقة بهذا النوع من القضايا! لكن بعد ثورة25 يناير, فتحت الجهات الرقابية الباب علي مصراعيه للتقدم ببلاغات حول مختلف قضايا الفساد؟ - وكيل جهاز المحاسبات السابق: ذهبت إلي نيابة الأموال العامة العليا, وأحيطت علما بالتقرير الذي يحتوي علي معلومات مؤكدة تدين أحمد عز بأسلوب الاستيلاء علي حديد عز الدخيلة, واحتكار هذه النوعية من المنتجات. هل سلمت التقرير بالفعل للنيابة أم لا؟ - الذهبي: لم أفعل حتي الآن.. لكني سوف أقوم بتسليمه خلال الأيام القليلة القادمة وما أبرز النتائج والتوصيات التي خلص إليها التقرير؟ - وكيل جهاز المحاسبات السابق: تعامل احمد عز مع شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة علي اعتبار أنها احدي شركاته رغم أنه مجرد مساهم بنسبة20.89%, وذلك قبل شرائه لعدد1.611.430 مليون سهم حصة اتحاد العاملين المساهمين بالشركة وذلك بتقديم قرض حسن من شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة بمبلغ61.033.956 مليون جنيه مصري بسداد ما تم استقطاعه من العاملين مقابل تنازل العاملين عن كافة حقوقهم قبل الاتحاد والشركة في هذا الخصوص, وقد جري اتخاذ الإجراءات اللازمة ببيع الاتحاد حصته في رأسمال الشركة إلي مجموعة عز القابضة للصناعة والاستثمارات وبذلك تصبح نسبة مساهمة مجموعة شركات العز في رأس مال شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة حوالي32.72%, فضلا عن قيام شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة بإنتاج مكورات الحديد المختزل(DRI) بكميات تفوق طاقة إنتاج ال(Billtes) التي يصنع منها حديد التسليح, لبيعها لشركتي العز لصناعة حديد التسليح, والعز للصلب المسطح, حيث بلغت كمية الإنتاج الفعلي عن أعوام2003,2002,2001, يناير سنة2004 نحو2.374 مليون طن,2.528 مليون طن,2.870 مليون طن,242 ألف طن علي التوالي تم استخدام نحو1.432 مليون طن,1.623 مليون طن,1.724 مليون طن,147 ألف طن علي التوالي في إنتاج مربعات الصلب(Billte) فقط. وتقوم الشركة ببيع مكورات الحديد الاسفنجي بالمزاد الذي يتم من خلال ممارسة محدودة بين شركات العز لحديد التسليح, والعز للمسطحات بالسويس, وشركة السويس للصلب, وشركة الصلب المخصوص. وقد تلاحظ أن رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة وهو أحمد عز يتعامل مع الشركة باعتبارها واحدة من مجموعة شركاته الخاصة حيث ورد بتقرير مجلس الإدارة عن نشاط الشركة عن عام2000 تحالف شركتي العز لحديد التسليح والإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة وتوحيد نشاطي التسويق والمبيعات بهما أدي إلي زيادة حصتها في السوق من60% في عام1999 الي69% عام2000, ومن ثم بدأت الشركة في التنسيق مع شركة العز لصناعة حديد التسليح لشراء احتياجاتهم من الخامات والتوريدات لضمان الحصول علي أفضل الاسعار والشروط. وأسس عز شركة(EZDKSTEELEUROPEGMBH)( ش. ذ. م. م) بواقع50% من رأس المال البالغ قدره25000 يورو وهذه الشركات أنشأت في30 أكتوبر2001 في دوسلورف المانيا مسجلة تحت رقم40292HRB وهي مملوكة للسيد/ علاء أبو الخير( نائب السيد/ أحمد عز وعضو مجلس إدارة شركة الدخيلة) ومستر الريتس, بغرض توزيع الحديد المنتج في الدخيلة الي أوروبا. ويكشف تقرير جهاز المحاسبات ارتفاع متوسط سعر بيع طن حديد التسليح( أسياخ ولفائف) علي مدار ثلاث سنوات اعتبارا من عام2001 بشركة الاسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة والتي يتولي رئاسة مجلس إدارتها أحمد عز. وقد أوصي التقرير الأصلي للجهاز باستبعاد المهندس/ أحمد عز من رئاسة شركة الدخيلة فورا وممكن تنفيذ ذلك من خلال نقل ملكية الأسهم المملوكة له الي البنوك التي قامت بتحويل شراء هذه الأسهم واستبعاد المهندس أحمد عز من رئاسة شركة الدخيلة يؤدي الي التخلص من الممارسات الاحتكارية والاستغلالية التي يمارسها, كما أوصي بضرورة إدارة الدولة شركة الدخيلة ذات التكلفة المنخفضة جدا للانتاج وتستخدمها كأداة لعمل استقرار وضبط لسوق الحديد.