فى كتابه بعنوان «عروش تتهاوى.. النهايات الدرامية للأسرة العلوية» للباحث والكاتب محمد غنيمة الصادر عن دار حسناء للنشر يمزج الكاتب بشكل ملفت بين المعلومة الموثقة وبين الكتابة الدرامية والأدبية ملتقطا مناطق الضعف ومناطق الانكسار التى غفل التاريخ الرسمى عن إبرازها وهو ما أكده المؤلف فى تقديم كتابه فيقول «منذ أن جاء محمد على وجاءت أسرته لتحكم، مجدها مؤرخون وهال عليها التراب آخرون، لكننا انتهاء من سلالة البشر، لنا من الضعف والقوة، الانتصار والانكسار، أسرد فى هذا الكتاب مشاعر بشر، تسير على درب القبور، وقبل أن نبدأ فى سرد قصص هذه النهايات التى أظنها حالة مشبعة من الدراما الإنسانية أحلت بهذه الأسرة العلوية، تلك الأسرة التى حكمت أرض الفراعنة مصر، نحو قرنا ونصف. بدأ «غنيمة» فصله الأول تحت عنوان «الإمبراطور الذى هوى» ويقصد به محمد على باشا فى آخر أيامه حيث التقط المؤلف لحظات الضعف الشديدة فى حياة محمد على وكيف استطاع إبراهيم باشا وعباس حلمى الأول الجلوس على عرش مصر فى حياته. وفى الفصل الثانى بعنون «الغازى يتذكر» يسرد غنيمة لحظات المرض والألم الشديد الذى تعرض له إبراهيم باشا، الذى أوشك على احتلال الأستانة كما يوضح المؤلف علاقة المد والجذر بين محمد على وأبنه , كما أشار المؤلف فى هذا الفصل على قصة إسماعيل كامل باشا بن محمد على الذى حرق وتوفى فى فتح السودان. أما الفصل الثالث فكان عنوانا صادما حيث اختار غنيمة أن يحكم على عباس حلمى الأول بأنه «سلفى فى قلعة الجبل»، ويتناول فيها الكاتب العلاقة بين رأس الدولة العلوية وحفيده، يتضح فى هذا الفصل تحديدا مدى حيادية الكاتب فى عمله حيث عرض لآراء عديدة حول مقتل الحاج عباس حلمى الأول، وقام بتحليلها بشكل موضوعي. ثم يأتى الفصل الرابع والذى عنونه غنيمة تحت اسم «وحيدا فى جنازته»، حيث التقط هنا المؤلف لحظتى موت محمد سعيد باشا الذى ظل حبيسا للفراش للفترات طويلة، وبين لحظات الفرح والانتشاء الذى حصل عليهما الخديوى إسماعيل لجلوسه على العرش، كما يوضح هنا غنيمة محمد سعيد باشا على حقيقته ويبتعد عن الإشاعات التى علقت بهذا الحاكم ليوضح لنا الصورة الحقيقة دون تزييف. أما الفصل السادس والذى كان عنوانه «المعزول»، حيث جاب المؤلف هنا للحظات التى تعرض لها الخديوى إسماعيل بعد عزله ويوضح لنا الصورة بينه وبين ابنه الخديوى توفيق.. وكيف كان إسماعيل متلهفا للعودة لمصر حتى أنه تنقل بين إيطاليا والأستانة ليقترب من مصر، لعل الظروف تسمح له بالعودة مرة أخرى إلى أرض مصر. ثم يأتى الفصل السابع الذى كان عنوانه «إنفلونزا قاتلة»، حيث وضح الكاتب كيف كانت نهاية الخديوى توفيق، وكيف تحدث الأطباء عن المرض المفاجئ الذى أصاب الخديوى وجعله ينزل من سدة الحكم إلى قبره. وكيف كانت جنازته. أما الفصل الثامن فكان للخديوى عباس حلمى الثانى الذى أطلقها الكاتب صراحة بأنه« وطنى فى المنفى » ليعيد بذلك قراءة الجانب الغير واضح فى الكتابات عن شخصية هذا الحاكم، وكيف تم عزله من الإنجليز وكيف ردد الشعب المقولة الشهيرة «الله حى عباس جاي»، كما قص المؤلف لمشاعر الخديوى عباس حلمى الثانى أثناء محاولة اغتياله من مصرى بتركيا. وفى فصل تحت عنوان «فاروق الملك الأخير» حيث أوضح لحظة عزل وتنازل الملك فاروق عن الحكم وكيف كانت نهايته فى إيطاليا وحديثه الصحفى الأخير الذى رد فيه عن بعض الاتهامات التى وجهت إليه بشأن الأسلحة الفاسدة، فنجد هنا الكاتب تحرى الموضوعية الشديدة وعرض كل الآراء بموضوعية الباحث وبلسان الأديب، ثم تبع قصة نهاية الملك فاروق بوثيقة إعلان سقوط الدولة العلوية بمصر بإمضاء مجلس قيادة الثورة لينهى حكايات قصة العرش العلوى بين القوة والضعف والانكسار والانهزام فى لغة فريدة من نوعها من حيث السرد بلغة أدبية.