بالإنفوجراف.. الهجرة تسلط الضوء على مميزات وخدمات صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج"    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري خلال إجازة عيد الأضحى    شركات السياحة: لم نتلق أي شكاوى هذا الموسم من الحجاج    أسعار الخضراوات والفواكه اليوم الجمعة.. البطاطس ب 20 جنيهًا    بسرب من المسيرات الانقضاضية.. تفاصيل قصف حزب الله موقع رأس الناقورة البحري    كوريا الجنوبية تحث موسكو على وقف التعاون العسكري مع بيونج يانج    مجلة أمريكية تحذر إسرائيل: الحرب تأتي بنتائج عكسية وحماس تزداد قوة    معلق مباراة الزمالك وفاركو في الدوري المصري    تركي آل الشيخ يرصد 60 مليون دولار لكأس العالم للرياضات الإلكترونية    برلماني يطالب بتوقيع أقصى العقوبات على المتسببين في تعريض حياة الحجاج للخطر    غدا .. استئناف ماراثون الثانوية العامة 2024 بامتحان اللغة العربية    وفاة قائد سيارة بعد محاولته إنقاذ حياة مواطن في دمياط    إيرادات أفلام عيد الأضحى.. «ولاد رزق 3» يهيمن على الصدارة    «الداخلية» تُحرر 169 مخالفة للمحال غير الملتزمة بترشيد استهلاك الكهرباء    تقرير: هل ينتقل رابيو إلى ريال مدريد؟    إجراءات تعويض صاحب العقار الأثري وفقًا للقانون    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    إعلام فلسطينى: 21 شهيدا جراء الاستهداف المتواصل لمناطق متفرقة فى غزة فجر اليوم    بعد تسريبات حسام حبيب الأخيرة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يعلن لجوئه للقضاء    وزارة المالية تستعد لإطلاق منظومة إلكترونية للمقاصة بين مستحقات المستثمرين ومديونياتهم    صرف 90% من مقررات سلع التموين عن شهر يونيو.. والمنافذ تعمل الجمعة حتى 9 مساءً    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    الاحتلال: نهاية الحرب بعد عملية رفح الفلسطينية.. وخفض قوات محور صلاح الدين    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    "صدمة للجميع".. شوبير يكشف قرارا مفاجئا من الزمالك ضد محمد عواد    وزارة الصحة تفحص 454 ألف مولودا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    في ذكري ميلاد عبد الحليم حافظ.. ناقد فني يوضح أبرز المحطات بحياة العندليب    موجة حر في الهند تودي بحياة 143 شخصا وتهدد بزيادة الحصيلة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    رغم تذيله الإيرادات.. المخرج عمرو عرفة: فخور بإخراج فيلم أهل الكهف    ميسي بعد اجتياز عقبة كندا في كوبا أمريكا: الخطوة الأولى    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    الصحة تنصح هؤلاء بإجراء تحاليل البول والدم كل 3 شهور    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    سلوفاكيا تطمع في استغلال محنة أوكرانيا بيورو 2024    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    أسعار الأسماك اليوم 21 يونيو بسوق العبور    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    اليوم.. الأوقاف تفتتح 5 مساجد في المحافظات    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    ووكر: يجب أن نرفع القبعة للهدف الذي استقبله شباك منتخبنا إنجلترا    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحروسة القصر العائم

فى صمت ظل يخت «المحروسة» العائم يتهادى، على ضفاف الإسكندرية الساحلية، منتظراً دون يأس، المشاركة فى نحت إنجاز جديد فى تاريخ مصر، يحمل بين جوانحه، ذكريات كان شاهداً عليها، وأسرار قادة مصر والعالم، الذين قضوا الأيام والليالى فى رحلات عالمية وتاريخية بين أروقته، قبل أن ينتقل إلى الإسماعيلية، فى انتظار المشاركة فى الاحتفال بالإنجاز التاريخى اليوم.
شاهداً على لحظات الفخر والعزة والانتصار فهو اليخت الملكى الذى استقله الخديو إسماعيل 17 نوفمبر 1869، بصحبة ملوك ورؤساء أكبر دول العالم، ليشق قناة السويس، معلناً افتتاحها الأول فى حفل أسطورى، فيما استقله الرئيس محمد أنورالسادات، معلناً إعادة استقبال القناة للملاحة الدولية، 1975 بعد تطهيرها من آثار حرب تحرير سيناء، ودحر الاحتلال الإسرائيلي، واليوم يستقله الرئيس عبدالفتاح السيسى، بصحبة ضيوف مصر من ملوك ورؤساء العالم، معلناً الافتتاح الرسمى، للمجرى الملاحى الجديد للقناة.
وفى لحظات من تاريخ مصر، كان «محروسة» وهو اسمه الحقيقى، فيما يعرفه العامة ب«المحروسة» نسبة إلى اسم مصر المحروسة، شاهداً على امتزاج لحظات الانتصار الوطنى، بلحظات انكسار شخصى لبعض القادة التاريخيين لمصر فى عهدها الملكى، فاليخت الملكى الذى أصدر الخديو إسماعيل الأمر ببنائه، ليستقله فى رحلته الأولى، إلى أوربا لدعوة ملوكها وقادتها، لحضور حفل افتتاح قناة السويس، ومن ثم استقلاله وضيوف مصر ليكون أول عائمة تعبر القناة العالمية، هو ذاته اليخت الذى حمل الخديو إسماعيل إلى منفاه فى نابلى بإيطاليا ومنها لمنفاه الأخير بالاستانة، بعد عزله بفرمان أصدره السلطان العثمانى تحت ضغوط من إنجلترا وفرنسا القوتين الاستعماريتين فى ذلك الوقت، اللتان أثار مخاوفهما، مساعى إسماعيل لاستقلال مصر وإعادة نفوذها لما كانت عليه فى عهد جده محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة.
وعام 1914 أبحر اليخت مقلا الخديو عباس حلمى الثانى إلى منفاه بالآستانة بتركيا.
مشهد آخر للانكسار الشخصى للملك فاروق آخر ملوك أسرة محمد على باشا الكبير، كان يخت «محروسة» شاهداً عليه، حيث امتزج فى الوقت ذاته بلحظات انتصار وطني، ففى الخامسة والنصف مساء 26 يوليو من العام 1952، وقف فاروق وعدد من أبناء أسرته، وسط حاشيته، وبحضور قيادات ثورة 23 يوليو أو حركة الجيش، كما كانت تسمى فى ذلك الوقت، وقف على الشاطئ ينظر فى ساعته، حتى دقت السادسة، فانطلقت فرقة الموسيقى تعزف السلام الملكى والمدفعية تطلق 21 طلقة، والملك يصافح مودعية، ليتم إنزال آخر علم ملكي، خدم القصر يجهشون بالبكاء، بينما يلف أحد الحراس العلم الملكى ويسلمه لعلى ماهر رئيس الوزراء الأسبق الذى كان فى وداعه، حيث سلمه بدوره للملك، الذى واصل خطواته نحو المحروسة ليشق اليخت البحر، متجها بفاروق إلى منفاه الأخير فى ميناء نابولى بإيطاليا حيث تلقى قائد «محروسة» أوامر بايصال الملك الذى أجبرته الثورة على التنازل عن العرش لنجله، قبل أن يتم عزله وإعلان الجمهورية بعد ذلك بأيام، ففى الرحلة الأخيرة للملك على المحروسة تجسدت مشاعر انكساره الشخصى، بينما كانت انتصارا وطنيا لثورة وإرادة شعب، وكان السادات بين مودعيه فى ذلك اليوم.
وعقب ثورة يوليو 1952، غير الرئيس جمال عبدالناصر اسم اليخت الملكى من محروسة، إلى «الحرية» فى دلالة سياسية، بتحرر الشعب الذى واصل مساعيه نحو الحرية حتى أجبر الاحتلال الإنجليزى على الجلاء عن أرض مصر، إلى أن أعاد الرئيس مبارك له اسمه التاريخى «محروسة»، فى عام 2000.
مليون و200 ألف ميل شق فيها المحروسة أعالى البحار حول العالم حاملاً ملوك ورؤساء مصر والعالم، على مدار تاريخه، الرئيس جمال عبدالناصر استقله فى رحلات مهمة، منها رحلته للمشاركة فى مؤتمر دول عدم الانحياز، ومؤتمر الدار البيضاء، ومؤتمر الرباط، إلى جانب رحلته إلى أمريكا، بعد أن غير اسمه إلى «الحرية».
اليخت الذى تم بناؤه فى عام 1865 بواسطة ترسانة سامودا بورس بإيطاليا وفقا لتصميم السير أوليفر لانج، يبلغ طوله الآن، 145.72 مترا وتم بناؤه بناء على طلب من الخديوى إسماعيل باشا، بعد أن أهدى يخت كان يملكه للاستانة، وكان هذا اليخت وما زال ضمن أسطول البحرية المصرية.
محروسة يحوى كنوزا أثرية، بينها بيانو نادر صنع خصيصاً ل أوجينى إمبراطورة فرنسا، زوجة نابليون الثانى، فى ألمانيا، وعندما حضرت على متن المحروسة للمشاركة فى الحفل الأسطورى للافتتاح الأول لقناة السويس عام 1886، أهدت البيانو الذى عزفت عليه فى حضور ملوك العالم، للملك فاروق، وهذا البيانو التاريخى قطعة فنية تاريخية ما زال فى مكانه على اليخت وبحالة جيدة، إلى جانب احتواء اليخت الذى يضم 5 طوابق على تحف فنية، تجسد على جدران قاعاته، تاريخ مصر الفرعونى وعصوره المختلفة رسمها أشهر الفنانين العالميين.
فى عام 1868 أبحر به الخديو إسماعيل لحضور المعارض المقامة بباريس، فالتقى بالمهندس المعمارى اوسمنت، مصمم العاصمة الفرنسية الحديثة، التى عشقها إسماعيل خاصة أنه تلقى جزءا من تعليمه بها، فجاء بالمهندس الفرنسى على ظهر هذا اليخت لتصميم القاهرة الخديوية على ذات الطراز الفرنسى، وهو ما قد كان، والتى لا تزال حتى الآن فى المثلث الذى يضم ميدان التحرير وشارع قصر العينى وحتى رمسيس ومنطقة عابدين، المحيطة بالقصر الملكى.. وفى عام 1899 أبحر اليخت من الإسكندرية إلى بور سعيد للاحتفال بإزاحة الستار عن تمثال ديليسبس عند مدخل قناة السويس الشمالي، عام 1926 أبحر به الملك فؤاد الأول فى 21 ديسمبر من السويس إلى بورسعيد لافتتاح مدينة بورفؤاد.
فى العهد الجمهورى شهد اليخت الملكى، حوادث تاريخية، فقد أدت حرب تحرير سيناء، وتدمير خط بارليف، إلى وجود مخلفات حرب، وحطام آليات، وانهيارات لخط بارليف الذى تهاوى أمام ضربات الجيش المصرى الباسل، مما أعاق الملاحة بالقناة، وهو ما تطلب عامين لتطهيرها وإعادة افتتاحها، وكعادته كان «محروسة» فى الانتظار على أهبة الاستعداد، وقد جدد شبابه، ليشق القناة المحررة للمرة الثانية فى لحظة تاريخية، حاملاً على متنه، الزعيم الراحل بطل الحرب والسلام محمد أنور السادات، معلناً فى 5 يونيو 1975، وقبل ذكرى نكسة 7 يونيو بيومين، عودة القناة المحررة للملاحة الدولية، معلناً انتصار الإرادة المصرية، وقد استقله السادات فى رحلة تالية فى زيارته إلى حيفا.
ويتكون بناء «محروسة» من خمسة طوابق: السفلى يضم الماكينات والغلايات وخزانات الوقود.. الطابق الرئيسى غرف الجلوس، المطابخ، المخازن، الجناح الشتوى، والقاعة الفرعونية إضافة إلى جناح الأمراء والأميرات.
الطابق العلوى الأول يضم مقدمة اليخت، المخطاف، الأوناش، صالة الطعام، وهى صالة كبيرة متسعة مرتفعة، تحوى طاولة طعام تصل 14 مترا من قطعة واحدة، مثبتة فى جسم اليخت، يحيط بها مقاعد، أكبرهما حجما متقابلين فى الوسط، للملك والملكة، وأقل منهم درجة فى الحجم على يمين ويسار الملك والملكة لكبار رجال الدولة.
الطابق العلوى الثانى سطح المدفعية، الحديقة الشتوية والصيفية، الجناح الصيفى والصالة الزرقاء، وهى صالة سقفها مرتفع لدورين، دوبليكس، بديعة الجمال، السلام الموصلة للمستوى الثانى منها دائرية، مطعمة بالذهب والفضة الخالصة، وتحوى «ألبوم صور سحرى» على شكل كتاب مثبت فى جدار، كل صفحة خشبية منه تحمل صورة من الصور التى سجلت، حفل الافتتاح الأسطورى للقناة.
الطابق العلوى الثالث الممشى والعائمات واحتوى اليخت على أربعة مصاعد منها المصعد الخاص بالجناح الخصوصي. وجراج خاص بسيارة جلالة الملك ذات اللون الأحمر الملكى، التى كان يحملها معه على اليخت لاستخدامها فى البلدان الأوروبية التى يزورها.
وبعد 150 عاماً، يضع الرئيس عبدالفتاح السيسي، بصمته التاريخية، على «محروسة» التى تواصل شهادتها على حلقة جديدة من التاريخ المصري، مستقبلة بين جوانحها، المزيد من ملوك ورؤساء العرب والغرب، المنتظر مشاركتهم، فى حفل الافتتاح الثالث للقناة، بافتتاح فرعها الجديد، ليشهد قادة العالم إنجازاً مصرياً جديدا، بينما سفينة فى كل ميناء على وجه الكرة الأرضية ستطلق صافرتها بالتزامن مع مرور «محرسة» بالقناة تحية لشريان الحياة العالمى المتدفق على أرض مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.