فى عام 1869 بدأت التجهيزات للاحتفال بافتتاح أهم قناة ملاحية فى العالم، فأرسل الخديو إسماعيل يخت «المحروسة» ليقل ملوك وأمراء أوروبا لحضور ذلك الحفل الذى وصف بالأسطورى، ومن أبرزهم أمير وأميرة هولندا، وولى عهد ألمانيا الأمير فريدريك، والإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا وزوجة نابليون، وإمبراطور النمسا فرنسوا جوزيف وغيرهم. وكانت «المحروسة» أول سفينة تبحر فى وعبر قناة السويس. كان ل«المحروسة» السبق كأول عائمة بحرية فى العالم تعبر قناة السويس عام 1869 وعلى متنه الملوك والأمراء. وبعد مرور 150 عاما على تدشينها، يعود اليخت إلى الأضواء من جديد فى تمام الساعة الثالثة من عصر يوم 6 أغسطس، من خلال احتفالات مصر بافتتاح قناة السويس الجديدة، أحد أهم الإنجازات فى العصر الحديث. الاحتفال يتضمن قيام الرئيس عبدالفتاح السيسى باستقلال «المحروسة» وحده دون مرافقة أى من ضيوف الاحتفال، كما سيتم توزيع 12 مركبا على الصيادين من أصل 50 مركب صيد. حسبما صرح الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس. وفى تفاصيل الاحتفال، وصول الرئيس السيسى إلى موقع الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة، على (المحروسة)، وفى نفس التوقيت تطلق سفينة واحدة فى كل ميناء من نحو 40 من الموانئ العالمية سارينتها تحية لافتتاح الممر الملاحى العالمى الجديد. وقد انتهت ترسانة بورسعيد البحرية - إحدى الشركات التابعة لهيئة قناة السويس- من إنشاء 6 منصات بحرية كمراسٍ لليخت الملكى المحروسة، وتم نصبها بموقع احتفالات افتتاح القناة الجديدة والمقرر له السادس من أغسطس المقبل. وقالت مصادر ملاحية مطلعة إنه تم إنشاء منصتين بحريتين كبيرتين، و4 أخرى صغيرة، تستخدم كمراسٍ ترسى عليها المحروسة لسهولة الانتقال بين البر والبحر خلال الاحتفالات الأسطورية. جاء ذلك بعد أن أنهت العمرة التى أجرتها القوات البحرية المصرية ل«المحروسة»، بالإسكندرية، وأصبح اليخت قادرا على الإبحار، والمشاركة فى احتفالات افتتاح قناة السويس الجديدة. بعد إجراء عَمرة الصيانة والنظافة وتجهيز «الخصوصى» وهو الجناح الذى كان مخصصا للملك، وتجميع مقتنيات السفينة والآثار والتى يعود تاريخها للملك فاروق، وكذلك صيانة «بروة» السفينة، والانتهاء من أعمال التجديد والتشحيم، وتشغيل موتور الونش والذى يستخدم فى ربط السفينة على الرصيف. يرجع تاريخ المحروسة إلى عام 1863، عندما أمر الخديو إسماعيل ببنائه. وتم الانتهاء منه فى أبريل عام 1865، وكان طوله 411 قدما وعرضه 42 قدما وحمولته 3417 طنا، ويسير بالبخار بوقود الفحم بواسطة «إطارات» جانبية بسرعة 16 عقدة فى الساعة، وله مدخنتان ومسلح بثمانية مدافع، استلمه الطاقم البحرى المصرى فى أغسطس 1865 وتم الإبحار به من ميناء لندن فى شهر أغسطس 1865 عبر نهر التايمز إلى ميناء الإسكندرية بمصر. لم يظل «المحروسة» على حاله، حيث أدخلت تعديلات عديدة غيرت من معالمه أبرزها عام 1872 عندما أرسل إلى لندن لزيادة طوله 40 قدما، فى 1879 أبحر به الخديو إسماعيل لثانى مرة وآخر مرة، بعد عزله عن الحكم بواسطه ابنه توفيق إلى ميناء نابولى فى إيطاليا حيث منفاه. وكان إسماعيل باشا أول ثلاثة كلهم ملوك غادروا مصر على ظهر اليخت منفيين خارجها بدون عودة. وفى عام 1894 تم تغيير الغلايات بورشة «حسبو» بك بالإسكندرية، وفى عام 1905 تم تعديل الشكل الخارجى وتطوير وسائل الدفع بترسانة إنجلترا، حيث تم نزع «الطارات الجانبية» لتحل محلها «الرفاصات» وزود بأحدث توربينات بخارية فى العالم. وفى عام 1899 أبحر اليخت من الإسكندرية إلى بورسعيد للاحتفال بإزاحة الستار عن تمثال ديليسبس. وفى عام 1914 أبحر مقلا الخديو عباس حلمى الثانى إلى منفاه بالأستانة بتركيا وكان ثانى ملك يغادر البلاد منفياً على ظهر اليخت. كما تم تزويده بالتلغراف عام 1912، وفى عام 1919 عاد إلى إنجلترا لدخول الحوض بميناء «بورت ثموث» لتغيير وقود الفحم إلى مازوت وتمت إطالة اليخت 27 قدما من المؤخرة، عام 1939جاء على متنه محمد رضا بهلوى شاه إيران الراحل وهو متوجه إلى مصر لعقد قرانه على الأميرة فوزية شقيقة جلالة الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان. وفى عام 1946 أمر الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان لميناء جدة ليبحر على متنه الملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية إلى ميناء بورفؤاد المصرى فى زيارته لمصر بتاريخ 6/ 1/ 1949 حيث عاد به اليخت إلى ميناء جدة فى 25/ 1/ 1949 بعد انتهاء زيارته لمصر. وفى الفترة من عام 1949 تم تطوير وتعديل اليخت بالترسانة البحرية ب«جنوة» فى إيطاليا ليصبح عام 1952 من أحدث اليخوت. وفى 26 يوليو عام 1952 غادر به الملك فاروق الأول إلى منفاه الاختيارى فى إيطاليا بعد تنازله عن عرش مصر والسودان بعد قيام حركة الجيش المصرى فى 23/ 7/ 1952، وكان ينوى الاحتفاظ به معه إلا أن طلبه قوبل بالرفض من السلطات المصرية وقتها. شارك اليخت قى الافتتاح الثانى لقناة السويس قى يونيو 1975م إبان حرب أكتوبر 1973 وعلى متنها الرئيس الراحل محمد أنور السادات وهو أكثر من أقل اليخت على الإطلاق من الملوك والرؤساء المصريين. أما أبرز الأحداث التى سجلتها ذاكرة المحروسة فكانت لحظة رحيل الملك فاروق عن مصر إلى إيطاليا فى 26 يوليو عام 1952، بعد تنازله عن حكم مصر لابنه الأمير أحمد فؤاد الثانى، مصطحبا بناته الأميرات معه ليعشن بعيدا عن أمهن الملكة فريدة، والتى كانت تخشى السفر لروما لرؤية بناتها خوفا من فقدانها الجنسية المصرية. وفور عودة اليخت إلى مصر تم تغيير اسمه ليصبح «الحرية» حيث شارك فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956 فى العديد من الرحلات البحرية التاريخية وسافر على ظهره الرؤساء خروشوف وتيتو، كما شارك فى مؤتمرات باندونج وبريونى والدار البيضاء واللاذقية لدول عدم الانحياز. ومن بين رؤساء مصر، كان السادات الأكثر تعلقا بالمحروسة، ومن أشهر الرحلات التى صاحبه فيها رحلته إلى يافا لتوقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، وقبلها حضر على متنه الافتتاح الثانى لقناة السويس فى 5 يونيو 1975، كما شارك اليخت فى المناورة البحرية عام 1974 وعلى متنه العاهل السعودى الراحل الملك فيصل،وصعد على متنه أيضا الملك خالد والملك حسين والسلطان قابوس، وقد استخدم اليخت خلال الفترة من 1955 حتى 1973 لتدريب طلبة الكلية البحرية المصرية.