التسعيرة الجديدة ل الفراخ البيضاء اليوم.. مفاجأة للمستهلك    بعد قفزة عيار 21.. كم سجلت أسعار الذهب اليوم الأربعاء 17-9-2025 صباحًا؟    اللجنة القانونية العليا في السويداء ترفض خارطة طريق الحكومة    مباحثات سعودية أمريكية للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين    اليابان لا تنوي الاعتراف بدولة فلسطين حاليًا لهذا السبب    رقم ضخم، كم يدفع مانشستر يونايتد حال إقالة أموريم؟    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول ضد أتلتيكو في دوري أبطال أوروبا والمعلق    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 17-9-2025 والقنوات الناقلة    أسامة ربيع ينعى اللواء خالد العزازي: شخصية فريدة وصاحب مسيرة مشرفة عظيمة الأثر    عودة الحركة المرورية لطبيعتها على الطريق الزراعي بعد رفع «تريلا» بالقليوبية    نصائح لخفض الكوليسترول المرتفع بطرق طبيعية    إيران: أمريكا لا تملك أي أهلية للتعليق على المفاهيم السامية لحقوق الإنسان    20 نوفمبر أولى جلسات محاكمته.. تطورات جديدة في قضية اللاعب أحمد عبدالقادر ميدو    تعليم القاهرة تعلن مواعيد العام الدراسي الجديد 2025-2026 من رياض الأطفال حتى الثانوي    السعودية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة محافظة السويداء السورية وتشيد بالجهود الأردنية والأمريكية    جوتيريش: ما يحدث في غزة مدمّر ومروع ولا يمكن التساهل معه    3 شهداء في قصف إسرائيلي على منزل وسط قطاع غزة    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    جوتيريش: لا مؤشرات على نهاية قريبة لحرب أوكرانيا رغم لقاء ترامب وبوتين    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم الشيف حسن بمدينة أبوحمص بالبحيرة    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم موتوسيكل وسيارة نقل بمركز بدر بالبحيرة    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    أسعار الخضار في أسوان اليوم الأربعاء 17 سبتمبر    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    التعليم تكشف حقيقة إجبار الطلاب على «البكالوريا» بديل الثانوية العامة 2025    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    اليوم، الفيدرالي الأمريكي يحسم مصير أسعار الفائدة في سادس اجتماعات 2025    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    على باب الوزير    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا يعرف لويس عوض.. ولا يعترف بعميد الأدب العربي الأديب الثائر محمود شاكر: معركتي مع أوروبا المعادية للعروبة والإسلام


قبل أن تقرأ..
لم تجد «روزاليوسف» من هدية تناسب ولاء قرائها لهذه المطبوعة، سوي نشر سلسلة من اللقاءات والحوارات النادرة التي لم تنشر من قبل مع كبار المفكرين والسياسيين والأدباء والفنانين، أجراها الكاتب والإعلامي الكويتي الكبير الدكتور نجم عبدالكريم في فترات مختلفة علي مدي أربعة عقود.
في الحلقة الثالثة.. ننشر حواراً نادراً مع المفكر والأديب الثائر محمود شاكر ، الذي خاض معارك كبيرة مع عميد الأدب العربي د. طه حسين، والناقد الكبير د.لويس عوض.
الحلقة الثالثة
لم أكن علي إلمام بالمكانة الأدبية ل محمود شاكر، ولكن الذي لفت انتباهي إليه، أن وزير الإعلام الكويتي في الستينيات الشيخ جابر العلي، كان مهتماً به أشد الاهتمام، وطلب من المكتب الثقافي الكويتي في القاهرة أن يجري له لقاء خاصاً لإذاعة الكويت، ورشح لإجراء ذلك اللقاء معه، الإعلامي اللامع أحمد فراج.
إلا أن شاكر رفض التحاور مع أي جهة إعلامية رفضاً باتاً، وكان يبرر رفضه بأنه خرج من السجن لتوه، ويريد الركون إلي الراحة والدعة..
وكنت أتصور أن الحوار مع محمود شاكر ضمن سلسلة الأدباء الذين التقيتهم في برنامج (أديب الأسبوع) يعد صفقة رابحة، فعكفت علي دراسة معطيات الرجل، فتبين لي أنه واحد من عمالقة الباحثين في آداب اللغة العربية، كما أنه شاعر متميز، خاصةً في ديوانه (القوس والعذراء)، ناهيك عن كتابه عن المتنبي والذي يعتبر أفضل ما كتب عن أهم شاعر عربي حتي يومنا هذا. .. وأصر محمود شاكر علي رفض إجراء مقابلة إذاعية معي، بل أسمعني كلماتٍ دلّت علي غضبه وعصبيته، بعد أن ألححت عليه بالطلب، لكن ذلك لم يثبط من عزيمتي، فلجأت للاستعانة بأصدقائه لكي يقنعوه بالعدول عن رأيه، ومنهم الأديب يحيي حقي، فما زاده ذلك إلا إصراراً علي الرفض..
إلي أن حلّت مناسبة عيد الأضحي المبارك، فحملت أجهزتي واتجهت إلي شقة محمود شاكر، وعندما شاهدني أحمل جهاز التسجيل بادرني بالسؤال:
ماذا تريد؟!
أجبته: إذا كان يرضيك أن تكون سبباً في فشلي في مهمتي في مثل هذا اليوم المبارك، فالأمر متروك لك!!
بعد برهة من الصمت فتح الباب وقال باللهجة المصرية: (خُش بلاش غلبة) ودار بيننا حوار، فتبين لي أن الرجل كان يرفض اللقاء معي بسبب وشايات مسيئة تبرع بها البعض كي لا أنجح في إجراء حوار معه!!
وبدأت حواري مع محمود شاكر بالسؤال التالي:
يعتبر بحثك عن المتنبي من أهم الدراسات التي كُتبت عن هذا الشاعر الكبير، فلماذا لم تواصل جهودك في ميدان الدراسات الأدبية؟!
- عندما صدر كتاب المتنبي، وتناقله الناس، كُتبت عنه كلمات كثيرة، فيها إعجاب شديد، وكنت في ذلك الوقت في الخامسة والعشرين أو السادسة والعشرين من عمري.. وقد جاءني الثناء عليه في صحف المهجر، ومن بلاد الشام، ومن العراق، ناهيك عما كُتب عنه في مصر، وكنت أري أن تلك الكلمات التي كُتبت، قد احتوت علي مبالغات.. ورأيت أن تلك المبالغة لا تلقي هوي في نفسي، لأن هؤلاء الناس الذين كتبوها أشاروا إلي ما يعرفونه هم عن المتنبي، بينما ما كتبته أنا كان مناقضاً للآراء التي كانت سائدة عنه، سواء كان ذلك في أمر مولده أو في أمر نسبته إلي أي من القبائل كان ينتمي، أو في أمر نبوته، أو في أمر ما انطوت عليه جوانحه من حب لامرأة ذكرتها في كتابي، وهي أخت سيف الدولة.
والبعض من الكتّاب كانوا أصحاب الفضل علي، وهم من الذين أعطوني هذه الشهرة التي جعلت من كتابي يوزع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة، وكان هذا شيئاً عجيباً في سنة (1936).
أعود لسؤالك لماذا لم أواصل الكتابة في ميدان الدراسات الأدبية، فإن لهذا الأمر حكاية طويلة لا يتسع المجال هنا لشرحها..
ولكن ما تفضلت به عن كتاب المتنبي كان كفيلاً لتشجيعك بالاستمرار في الكتابة، خاصةً بعد الثناء الواسع الذي لقيته!!
- ربما كل الناس يحبون الثناء، وأنا أيضاً أحب الثناء، ولكن أحب الثناء إذا كان في موضعه، الثناء مفهوم خاطيء عندنا، الثناء عندنا هو بذخ لا أصل له، هو أقرب ما يكون إلي النفاق الاجتماعي!!
لكن الثناء الصحيح ألم يحفزك علي الاستمرار في الكتابة الأدبية؟!
- نعم حفزني بالتقدم، ولكن لم يحفّزني علي احترام ما أنا فيه، لأني أعلم عيوب ما كتبت، أكثر مما يعلمه هؤلاء!!
عفواً.. لم أفهم ماذا تعني؟!!
- كنت أحب أن أجد كاتباً نقد كتابي نقداً صحيحاً، وللأسف إلي هذا اليوم، لم أجد ذلك الكاتب الذي فهم طريقة نقد ما كتبته..
ولا حتي الدكتور طه حسين؟!
- طه حسين هذا في كتابه (مع المتنبي) الذي لا أستطيع أن أعده كتاباً في الحقيقة، لأنه غير ناضج، وسلك فيه سبيلاً قلّدني فيه، وقد كتبت في (البلاغ) في ذلك الوقت ثلاث عشرة مقالة عن ال (73) صفحة التي في أول كتابه، أثبتت أنها محشوة بأشياء كثيرة تدل دلالة قاطعة علي أن طه حسين لم يسلك هذا الطريق الجديد علي كتبه في كتاب المتنبي، إلا بعد أن قرأ كتابي..!! وكتاب طه حسين صدر سنة (1938) بينما صدر كتابي سنة (1936) وطه حسين نفسه أثني علي كتابي مشافهة، وأخبرني بمناسبة العيد الألفي للمتنبي الذي أقامته جامعة الدول العربية، أنه شديد الإعجاب بكتابي.. لكن لا ثناء طه حسين، ولا غيره يؤثر علي!!.
ولم أجد كلمة واحدة جديرة بالاحترام قيلت عن كتابي، سوي ما كتبه الأستاذ: الوديع تلحوم ونشرها في (المقتطف)، ومقالة أخري جديرة بالاحترام كتبها الأستاذ: مصطفي صادق..
ولكن لم تجبني عن السؤال: لماذا لم تستمر في كتابة الأبحاث الأدبية؟!
أجيبك صادقاً، وليس فيما أقوله تواضعاً: لم أستمر في كتابة الأبحاث الأدبية لأنني كنت في ذلك الوقت صغيراً، والثناء الذي لقيته علي كتاب المتنبي فاجأني بأشياء جديدة لم أعهدها في حياتي!!
فالاحترام الذي لقيته من صاحب (البلاغ) عبد القادر حمزة، وغيره من الرجال الذين لقيتهم، جعلني أشعر أنني في موقع لا أستحقه.. وبغير كبرياء أقول لك: إنني لا أستطيع أن أتخلي عن حقائق كثيرة أؤمن بها، وعلي رأسها حقيقة نفسي.. أنا قضيت حياتي أعالج نفسي، أعالج أثراً يندب في، أعالج أثر الاستعمار في قلبي، في ضميري، في عقلي، في رؤيتي، أعالج أكبر المسائل في داخلي!!
رغم أن ما تفضلت به ليس مقنعاً بعدم استمرارك بكتابة الأبحاث الأدبية، الا أن هناك سؤالاً يرتبط بالثقافة العربية المعاصرة التي تعاني من الاصفرار والجفاف، خاصةً بعد أن توقفت مجلة ( الرسالة ).. وغيرها من المجلات التي تُعني بالثقافة والآداب..
- يحتاج الكلام عن (الرسالة) الي حديث خاص، خاصةً أن كُتاب هذه المجلة من الاسماء اللامعة في العديد من البلدان العربية، ومع ذلك فقد اختفت هذه الاسماء، ولم يبق ممن كانوا يكتبون للرسالة الا عدداً قليلاً محدوداً.. وفي الحقيقة ان الاستاذ الزيات رحمه الله قد أهملها في آخر سنواته لأنه شُغل عنها بشئونه الخاصة، فأُوكلت الي من لا يصلح أن توكل اليه أمور المسألة الفكرية، وهذا خطأ أساسي في تحرير المجلات الأدبية، لأن المجلة الأدبية ينبغي أن تقوم علي صاحب الفكرة..
وقد تعرضت الرسالة الي كارثة فكان لابد من موتها، فماتت، ثم أُحييت بطريقة مصطنعة سنة (1964 ) وسنة ( 1965 ) وطُلب من الزيات، كما طُلب مني أن ننهض بها من جديد، فرفضت في بداية الأمر، ولكنني أذعنت للكتابة فيها تحت إلحاح الأصدقاء.. لكن كتابتي كانت مختلفة عما كنت أكتبه في الرسالة الأولي، التي كنت أُعد نفسي صاحبها..
لماذا نجد أن المجلات الأدبية لا تحظي بذلك الاقبال من ناحية، ومن الناحية الأخري، فإنها لا تُعمر طويلاً ؟!
- المجلات الأدبية لا تعمر طويلاً في العالم لأسباب كثيرة، لكن في بلادنا لا يصح أن نربط عدم تعمير المجلات الأدبية بالأسباب التي تحدث في البلدان الأخري .. وللأسف أيضاً إن الذين يصدرون الأوامر لانشاء المجلات الأدبية، لايزالون يعدون الأدب و الفكر ليس أصيلاً في حياتهم !! فهم لا يقرأون إلا في حدود معينة..
إذاً أنت تري أن مجلة (الرسالة) قد دُفنت؟!
- لا.. الذي دُفن هو الحياة الأدبية الصحيحة!!
الي هذا الحد؟!
- نعم.. وأكثر من ذلك.. الحياة الأدبية الصحيحة، دُفنت دفناً كاملاً، وهذا الجيل الذي نراه منزوعًا من أصوله نزعاً كاملاً.. ولا بقاء لأمةٍ بغير حصيلتها الماضية، بغير هذا التيار المتدفق من القرون الطويلة، وما أعنيه بالتيار المتدفق، ليس التيار التاريخي المزيف الذي نستقيه عن طريق الآثار وسواها، وإنما أعني به التيار الفكري واللغوي الذي يعيش به الانسان، فهذا الانفصال بين الماضي والحاضر قطع كل طرق الحياة الأدبية والفكرية في حياتنا..!!
كأنك تدق أجراس الخطر فيما تقول؟!
- لا تستطيع الأمة أن تعيش بغير تاريخها، والذي يريد أن ينشئ في هذا الزمن أمة أخري عن طريق التوهم فهو مخطئ!!.. هذا ضرب من الخطأ، الأمم بلسانها فقط، الأمم بحركاتها الأدبية واللغوية فقط، أما الاشياء الأخري من الصناعة، وكذا، وكذا، والآراء الاجتماعية، فهذه زائلة ومتحولة، ويمكن أن تتحول في أي وقت، لكن اذا تحول التاريخ، فلا يمكن أن يبقي إنسان علي صورة صحيحة في هذه الحياة!!
أستاذ شاكر.. لك معارك ادبية كثيرة، آخرها معركتك في مجلة الرسالة مع الناقد الدكتور لويس عوض، هل من الممكن أن نتحاور في هذا الامر؟!
أولاً.. أنا انكر عليك توجيه مثل هذا السؤال؟!
لماذا؟!
- لأن الرجل الذي ذكرت اسمه لاوجود له عندي في الحقيقة!! وقد ذكرت ذلك في مقدمتي في المقالات التي طبعتها، وبينت رأيي فيه، أنا أعلم حقائق كثيرة عن هذه الدنيا، ومن الحقائق أن كثيراً من الناس في كل زمان يظهرون ثم يختفون الي الأبد، ومع الأسف أحب أن أقول لك إني أري الآن أناساً يتصدرون، وهم غير جديرين بهذه الصدارة، واذا استمرت سيطرة هؤلاء علي هذه الأمة البائسة، فإنه الضياع لها، لابد لهذه الأمة أن تستيقظ!! واذا استيقظت، فلن يذكر أحد من هؤلاء قط.. ولن يحترم انسان في الدنيا عقله اذا ذكر اسم هؤلاء في التاريخ الأدبي، وأظنك تعلم أن تاريخ الأدب الانجليزي، وتاريخ الأدب الفرنسي، مليء بأمثال هؤلاء علي امتداد فتراته، ولكن بسبب هزال معطياتهم في المجال الأدبي، انتهي الأمر بهم أن أصبحوا أصفاراً، ولا يمكن لمن يحترم نفسه أن يقرأ لهم كتابا..
وهذا الذي ذكرته في سؤالك لا يساوي شيئاً في تاريخنا الأدبي..!!
ألاحظ أن الاستاذ محمود شاكر يتحاشي أن يذكر اسم الدكتور لويس عوض، بل أكاد أن أتبين من أجاباتك علي السؤال أنك تنفيه تماماً ككيان، وكوجود في الساحة الأدبية..
- الاسم ثقيل علي نفسي منذ القديم، ولكنني أعرفه منذ أن كان صغيراً، ولا زلت أراه صغيراً.. أعرفه وأعرف كيف نشأ، ومن أستاذه الذي أنشأه.. فهذا وأشباهه يريدون هدم هذه الأمة، فلو كنا أمة حقيقية، لفهمنا أهداف هذا الذي ذكرته وأشباهه..
أستاذ شاكر، أرجوك أن تهدأ، وأن تشرح لنا ما هي اسباب اختلافك مع الدكتور لويس عوض..؟!
- كتبت ما تسأل عنه، وأشرت الي هذا الخطر، وقلت إنه خطر سياسي، لأنني أراه من الناحية السياسية، لا من الناحية الادبية..
وهذا الانسان الذي ذكرت اسمه لا يستطيع أن يقرأ أبياتاً من شعر أبي العلاء المعري، ولا غير أبي العلاء، بل لا يستطيع ان يقرأ شعر شاكر السياب علي الوجه الصحيح..
الذي أعرفه أن الدكتور لويس عوض تطرق الي بعض المثقفين القدامي من العرب، وقال بأن البعض من هؤلاء لم تكن ثقافاتهم عربية أو إسلامية.. هل هذا الذي أزعجك منه؟!
- لا.. هذا سخف.. لا.. أنا لم أرد علي هذا، فهذا التابع البسيط المبتذل المبهور بكتابات بعض اليهود يهذي بكلام سخيف لا يعتد به.. وهذا ما لا يستحق الرد، لكنني تناولته من الناحية السياسية لأُبين كيف أنه يشكل خطراً في مفاهيمه الأدبية التي ترتدي لباساً سياسياً، أما أن العرب قد قرأوا كلام الأوائل، فهذا شيء مقطوع به، فهذه أمة، من أعظم الأمم، لا توجد أمة أخري علي ظهر الأرض احترمت العقل الانساني كما احترمه العرب.
استاذنا.. أنت استنكرت علي سؤال، ولم تقل لي حقيقة هذه المعركة؟
- لأنك سميتها معركة!! والمعركة الحقيقية هي بيني وبين العالم الاوروبي، أنا ليست لي معركة مع هؤلاء أبداً، لا مع الدكتور طه حسين، ولا مع هذا الذي ذكرت اسمه، ولا مع سواه، إنما كانت معركتي بين عربيتي وعقيدتي من جهة، وبين الذين يريدون أن يذلوننا من جهة أخري..
لندع هذا السؤال، ولندخل الي ما نراه من إعراض الغالبية العظمي من القراء عن مطالعة الكتب التراثية القديمة، فما تفسيرك لهذه الظاهرة ؟!
- أنا لا اريد أن أُعطي هؤلاء القراء عذراً، ولا اريد أن أحمل في نفسي المسئولية عن ذلك، فكل انسان مسئول عما يقرأ، وعما لا يقرأ، ولماذا تسأل عن قراءة الكتب القديمة، ولا تسأل عن انهيار اللغة العربية في الصحف والمجلات والجرائد.. بل وفي التليفزيونات ايضاً..!! والأدهي من كل هذا وذاك أن أسماء الفنادق في بلادنا لا تجد فيها اسماً عربياً إلا في القليل النادر، فأصبحت موجة الاحتقار للأشياء الأصيلة في تراثنا قاعدة يسير عليها الناس.
والحل؟!
- الحل؟!! من أين آتي بحلٍ، والمناهج السياسية نفسها تُدرس الطلاب الجهل، إن طالب الثانوية لا يستطيع قراءة شعر الجاهليين، ولا يستطيع قراءة المتنبي، بل لا يستطيع قراءة حافظ إبراهيم وأحمد شوقي..!!
من المسئول؟!
- هذه مسئولية الأمة، مسئولية الوطن، أمامنا اليهود الذين يحزّون اليوم أعناقنا، أنشأوا لغةً من لا شيء، والذي لا يصدق يقرأ عما قالوه عن جهودهم في الأدب اليهودي الحديث، وكيف تمت الاستعدادات لهذه الجهود..
كنت أتمني أن أسألك عن أشياء كثيرة، ولكن أجد أنك غاضب وحزين لما يجري من أحداث علي الساحتين الأدبية والفكرية، وأكاد أن ألمح من ثنايا اجاباتك ما يجري من أحداث سياسية، ولكني سأسألك عن محمود شاكر الشاعر..
- كتبت الشعر وأنا في الحادية عشرة من عمري، ولدي الكثير من الأشعار، ولكني لا أريد نشرها لنفس الأسباب التي جعلتني لا أهتم بنشر الأبحاث الأدبية، كما جاء في سؤالك الأول، مع أنني كنت صديقاً للعديد من الشعراء، أمثال شوقي وحافظ، كذلك هناك مراسلات بيني وبين حافظ الزهاوي، وبيني وبين عباس العقاد مناظرات شعرية.. وأحفظ الآلاف من الأبيات الشعرية، بدءاً من الشعر الجاهلي، مروراً بصدر الاسلام الأول، فالشعر الأموي، فالعباسي، وحتي عصور الانحطاط التي نعيشها الآن.
كيف تم لك ذلك؟!
- ببساطة أقول لك : أنني تعلمت أصول اللغة والنحو العربي منذ الصغر، لأنني عكفت علي قراءة الآجرومية، وهي عبارة عن ثماني صفحات تحتوي علي النحو العربي كله، وبعدها أخذت أقرأ تراثيات مثل قطر الندي، والألفية، ناهيك عن ألف ليلة وليلة، وسيف بن ذي يزن.. فبهذا وغيره تمكنت من حفظ الشعر وقرضه..
هل لنا أن نسمع بعضاً من أشعارك؟
- وإن كان هذا الأمر يضنيني، ولكني سأسمعك بعض أبيات من قصيدة (اعصفي يا رياح):
اعصفي كالمجنون في عقل صبٍ
هتك الغيض عزمه والوقارا
وازأري يا رياح في حرم الدهر
زئيراً يزلزل الأعمارا
اعصفي كالشكوك في مهجة الأعمي
تخاطفت حسه حيث سارا
اعصفي وانسفي فما أنت
الا نعمة تنشئ الخراب اقتدارا
عالم لم يكن ولا الساكنون فيه غير أشباح نقمة تتباري
شكراً.. استاذ محمود شاكر
- عفواً..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.