فى محاولة لتبرير الوجود العسكرى التركى فى الأراضى السورية، فجأة وبدون مقدمات بدأ الرئيس التركى رجب طيب اردوغان الحديث عن أن «اتفاق أضنة» الذى كان قد وقع فى عام 1998 برعاية مصرية بين أنقرةودمشق لا يزال قائما حتى الآن، وهو الأمر الذى أثار حفيظة سوريا، حيث ترى أنه ذريعة تستند عليها تركيا فى عملياتها داخل أراضيها. وكان اردوغان قد قال فى كلمة: «أخبروا من يسأل عن سبب تواجد تركيا فى سوريا، بأن أحكام اتفاق أضنة لا تزال سارية المفعول.. الأطراف التى ترغب فى إبعاد تركيا عن سوريا لا تهدف لضمان حرية الشعب السورى، وإنما على العكس تمامًا فهى تسعى إلى تعميق المستنقع». وتابع قائلا: «فى الوقت الذى نعيش فيه نحن فى أمان لا يمكن أن نترك أشقاءنا تحت رحمة الظالمين وقنابلهم وبراميلهم المتفجرة»، مضيفا: «الجميع يقول إنه موجود بسوريا لمحاربة داعش، لا نعلم ماذا فعلوا بالتنظيم، لكنهم إما تجاهلوا مقتل ما يقرب من مليون شقيق سورى أو أصبحوا شركاء مباشرين بقتلهم». فيما أوضح وزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو أن اتفاق أضنة يعطى تركيا حق التدخل العسكرى فى سوريا، فى حالة عدم إيفاء سوريا بتعهداتها فى حماية تركيا من خطر التهديد الكردى. وبالرغم من تلك التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية التركى إلا أن تلك الاتفاقية الموقعة قبل 21 عامًا لا تحتوى على أى مادة تمنح تركيا حق استخدام القوة، حيث أكد مسئولون تولوا مناصب رفيعة المستوى فى وزارة الخارجية التركية فى فترة التوقيع على الاتفاقية، فى تصريحات لقناة بى بى سى (BBC) تعليقًا على تصريحات جاويش أوغلو، أن الاتفاقية لا تعطى تركيا حق التدخل المباشر فى سوريا. وقالوا: « لا حاجة لمادة تحتوى على التدخل بشكل مباشر. فقد كان أمام تركيا أن تستغل الكثير من الحقوق الناتجة عن القانون الدولي، وعلى رأسها المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، فى حالة عدم اتباع سوريا للاتفاقية. إن الأهمية الحقيقية لتلك الاتفاقية هى اعتراف سوريا بأن تنظيم حزب العمال الكردستانى وأذرعه تنظيمات إرهابية، وتقديمها تعهدات لتركيا فى هذا الشأن». الخبراء والمحللون يرون أن إعادة فتح ملف اتفاقية أضنة هى ضغط بسيط من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على تركيا من أجل إعادة العلاقات الرسمية بين أنقرةودمشق. وكان حزب الشعب الجمهورى أكبر أحزاب المعارضة دعا، فى وقت مبكر، حزب العدالة والتنمية والرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى تطبيق متطلبات الاتفاقية، وإعادة العلاقات المباشرة مع سوريا. و ردت دمشق عبر مصدر بوزارة الخارجية، وقال: «سوريا تؤكد أن أى تفعيل لاتفاق التعاون المشترك مع تركيا يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت وأن يلتزم النظام التركى به ويتوقف عن دعمه وتمويله وتسليحه وتدريبه للإرهابيين وأن يسحب قواته العسكرية من المناطق السورية التى يحتلها». مضيفا المصدر وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية: «بعد ما يتم تداوله حول اتفاق التعاون المشترك بين تركياوسوريا أو ما يعرف باتفاق أضنة وبعد التصريحات المتكررة وغير المسؤولة من قبل النظام التركى حول النوايا العدوانية التركية فى سوريا تؤكد أنها ما زالت ملتزمة بهذا الاتفاق والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكاله جميع من قبل الدولتين إلا أن النظام التركى ومنذ عام 2011 كان ولا يزال يخرق هذا الاتفاق عبر دعم الإرهاب وتمويله وتدريبه وتسهيل مروره إلى سوريا أو عبر احتلال أراض سورية من خلال المنظمات الإرهابية التابعة له أو عبر القوات المسلحة العسكرية التركية بشكل مباشر». واردف قائلا: «الجمهورية العربية السورية تؤكد أن أى تفعيل لهذا الاتفاق يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت وأن يلتزم النظام التركى بالاتفاق ويتوقف عن دعمه وتمويله وتسليحه وتدريبه للإرهابيين وأن يسحب قواته العسكرية من المناطق السورية التى يحتلها وذلك حتى يتمكن البلدان من تفعيل هذا الاتفاق الذى يضمن أمن وسلامة الحدود لكليهما». وما أن التقطت روسيا إشارة تركيا، فى محاولة منها لحفظ التوازن مع حلفائها رغم تناقضتها الكثيرة معهم، حيث قال وزير الخارجية الروسى، سيرغى لافروف، إن بلاده تعتبر «اتفاق أضنة» المبرم بين أنقرةودمشق، عام 1998، «لا يزال ساريا»، مضيفا أن «جوهر الاتفاق يتمثل فى تبديد المخاوف الأمنية لتركيا». تحليلا لما يدور من تصريحات حول «اتفاق أضنة»، اعتبر السفير السورى السابق فى تركيا، نضال قبلان، أن استئناف مناقشة اتفاق أضنة، بشأن مكافحة الإرهاب بين سورياوتركيا، يهدف لاحتواء الخطط التوسعية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، لافتا إلى أن أى تواجد عسكرى تركى فى سوريا يسقط تلقائيا لو استطاعت روسيا وإيران وسوريا ضمان أمن الحدود.