ترسيخًا لقوة ومتانة العلاقات الثنائية بين مصر والسودان يجرى الرئيس عبدالفتاح السيسى زيارة للخرطوم، غدًا الخميس، للمشاركة فى اجتماع اللجنة العليا المصرية السودانية. وتوصف العلاقات بين مصر والسودان بأنها علاقات أزلية ومتشعبة فى كل الاتجاهات والمجالات ويزكيها ويدعمها أن البلدين يجرى فيهما شريان واحد يمد كل منهما بالحياة متمثلاً فى نهر النيل الذى يمثل لهما مرتكزا وأساسًا قويًا للعديد من مشروعات التعامل، كما تعد السودان تاريخيًا امتداداً جغرافيا لمصر، وهناك صلة نسب ومصاهرة ودم بين البلدين والسواد الأعظم من أهالى أسوان ترجع جذورهم إلى السودان. وتحرص السياسة المصرية فى هذه المرحلة الجديدة الفارقة فى تاريخ البلاد بعد ثورة يونيو على إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان الشقيق، وتطوير علاقاتنا الاقتصادية المشتركة وإحداث نقلة نوعية فيها تتماشى مع ما تطمح إليه شعوب البلدين. وتحرص الدولتان على تقوية ودعم العلاقات بينهما فى شتى المجالات، فالسودان يعد الدولة الوحيدة التى لديها قنصلية فى محافظة أسوان ما يدل على نمو حجم التبادل التجارى، وتلك القنصلية لا يتوقف دورها عند تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين بل يمتد هذا الدور ليشمل العلاقات فى المجالات المختلفة. ووفقًا لموقع سودان تريبيون، قال عبدالمحمود عبدالحليم، السفير السودانى بالقاهرة فى تصريحات للصحافة السودانية، إن القمة الرئاسية التى ستعقد بين السيسى ونظيره السودانى عمر البشير سوف تشهد أخبارًا سارة لشعبى البلدين، واصفة اللقاء بأنه حدث مهم للغاية على طريق العلاقات الثنائية من حيث توقيتها والقضايا المطروحة للنقاش. ووفقا للسفير السودانى بالقاهرة، فإن الزعيمين سيناقشان سبل تعزيز العلاقات الثنائية على صعيد جميع الجوانب، وكذلك القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.. مشيرًا إلى أنه سيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم خلال الزيارة. وخلال لقاء الشهر الماضى، اتفق السيسى والبشير على تطوير مصفوفة لتنفيذ المشاريع المشتركة المتفق عليها بين البلدين، وفى اجتماع عُقد على هامش منتدى التعاون الصينى - الإفريقى «FOCAC» فى بكين، قال الزعيمان، إنه سيتم الموافقة على مصفوفة التنفيذ فى اجتماع اللجنة العليا فى الخرطوم. وخلال زيارة السيسى إلى الخرطوم، أغسطس الماضى، اتفق البلدان على تنسيق الجهود لتعزيز أمن البحر الأحمر وتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى الثنائى. وتعد هذه الزيارة السادسة للرئيس السيسى إلى السودان، واللقاء ال24 بين الرئيسين، وتنعقد اجتماعات اللجنة العليا على مدار 4 أيام تبدأ الاثنين وتنتهى الخميس، حيث تنقسم اجتماعات اللجنة إلى عدة مستويات، المستوى الأول لكبار المسئولين بالبلدين، والثانى تنعقد خلاله لجنة وزارية مشتركة برئاسة وزيرى الخارجية فى البلدين، وتنتهى بقمة رئاسية بين الرئيس السيسى ونظيره السودانى عمر البشير، يتم خلالها مناقشة العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ثم تنعقد مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة بين مصر والسودان. قال السفير صلاح حليمة، رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية مساعد وزير الخارجية الأسبق ومبعوث جامعة الدول العربية إلى السودان السابق، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للسودان هى الزيارة الرابعة للرئيس فى إطار الزيارات المتبادلة بين البلدين منذ تولى الرئيس السيسى لشئون البلاد، وهى اللقاء ال23 من مجموع اللقاءات التى تمت بين الرئيسين سواء داخل أو خارج الخرطوم أو فى مناسبات أخرى، وهو ما يعكس قومة متانة العلاقات بين مصر والسودان التى وصلت إلى درجة عالية من التنامى والتعاظم فى كافة المجالات. وأوضح «حليمة» فى تصريح خاص ل«روزاليوسف»، أن الزيارة تأتى فى إطار اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على المستوى الرئاسى، وهى آلية من آليات الوثيقة الاستراتيجية الموقعة بين الرئيسين فى أكتوبر عام 2016، بالإضافة إلى الآليات الأخرى التى تتم على المستوى الوزارى والمسئولين والخبراء، لافتًا إلى أن الآليات تشمل كافة المجالات وعلى جميع المستويات. وأشار رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية، إلى أن القمم الرئاسية تعكس مستوى العلاقات بين البلدين، وتأتى فى توقيت مهم إذ إن مصر ستتولى رئاسة الاتحاد الإفريقى عام 2019 وقد باشرت دورها باعتبارها عضوًا فى اللجنة التى تضم الرئيس السابق والحالى والقادم، لافتًا إلى أن الزيارة ستتضمن مناقشة القضايا الإفريقية بصفة خاصة فى كافة المجالات، وفى إطار العلاقات الثنائية سيكون هناك اهتمام كبير بالموضوعات الأمنية سواء فيما يتعلق بين البلدين مع دول الجوار مثل ليبا، كما ستكون هناك الملفات المتعلقة بالمياه والأمن المائى وخاصة سد النهضة، كما ستشمل مناقشة القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى أزمات المهاجرين والنازحين والهجرة غير الشرعية. ولفت إلى أن الزيارة ستهتم بالموضوعات الاقتصادية خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية التى تم إنشاؤها بين البلدين على مدى السنوات القليلة الماضية والموضوعات التى تتعلق بالربط الكهربائى والسكك الحديدية مما يضمن وجود تنوع وتكامل فى البنية التحتية البلدين والتى من الممكن أن تتطور لتشمل دول أخرى بالجوار خاصة أن هناك مشروعا ربط بين القاهرة وكيب تاون، ومشروع ربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط. واستكمل أنه سيكون هناك اهتمام بالعلاقات الاقتصادية فى المجال الزراعى والثروة الحيوانية وما يمكن أن يقام بين البلدين من صناعات على هامش هذه المشروعات، لافتًا إلى هناك مذكرات تفاهم واتفاقيات معدة للتوقيع عليها تقارب 23 مذكرة تفاهم واتفاقية بالإضافة إلى ما تم الاتفاق عليه من قبل من مذكرات تفاهم واتفاقيات. القضايا الإقليمية مثل المتعلقة بالقرن والاستقرار فى القرن الإفريقى وإنشاء نوع من التعاون بين دول القرن بمفهومه الواسع التى تضم الصومال وإثيوبيا وجيبوتى وإريتريا، ويمتد ليشمل السودان وجنوب السودان ومصر بالتالى، لافتًا إلى أنه سيتم مناقشة التعاون الاقتصادى بين هذه الدول، بالإضافة إلى موضوع الأمن فى البحر الأحمر خاصة بعد محاولات محور تركيا وإيران وقطر التواجد فى البحر الأحمر وخلق وجود مؤثر وفاعل، مشيرًا إلى أنه من الواضح وجود تحرك قوى من الجانب الآخر سواء دول القرن الإفريقى ودعم سعودى وإماراتى لوقف تحركات المحور الثلاثى وهناك نجاح كبير فى هذا الصدد. ولفت إلى أن هناك قضايا إقليمية شائكة ستكون محل اهتمام مثل الصومال وجنوب السودان وليبيا والقضايا الخاصة بالمنطقة العربية، والقضايا الخاصة بالتعاون العربى الإفريقى سواء كانت فى إطار ثنائى أو فى إطار الجامعة العربية. وفى السياق ذاته قال السفير السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى سيرأس اجتماعات اللجنة العليا المصرية السودانية المشتركة، فيما يترأس الرئيس عمر البشير رئاسة الوفد السودانى تكميلًا لما اتفق عليه فى شهر أغسطس الماضى، لافتًا إلى أن انعقاد اللجنة يحمل رسالة للشعبين المصرى والسودانى وللشعوب العربية والإفريقية بأن مصر والسودان يعملان على تعزيز العلاقات بينهما فى شتى المجلات بطريقة تلبى طموحات الشعبين المصرى والسودانى كما تتطلب مصالح الشعبين. وأضاف «هريدى» أن الاجتماعات ستشهد التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم التى تتعلق بالأمن الغذائى والنقل والمواصلات، وبالتالى فإن هذا الاجتماع هو حلقة مهمة فى تطور العلاقات المصرية السودانية. ولفت مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن اجتماعات اللجنة والمباحثات التى ستعقد بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى وعمر البشير ستتناول بعض الملفات ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها ملف سد النهضة الذى اتفق الدول الثلاث مصر والسودان وإفريقيا على بنائه على قاعدة لا ضرر ولا ضرار بالإضافة إلى تعاون البلدان فى ملف مكافحة الإرهاب، والتطورات الإيجابية التى شهدتها منطقة القرن الإفريقى على ضوء اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا، وأمن البحر الأحمر وكيف يمكن للدولتين العمل على أن يكون هذا البحر ممرًا دوليًا للسلام وليس للعدوان والتتر بين الدول المطلة على شواطئه. يشار إلى أن اللجنة العليا بين مصر والسودان تتكون من عدد من اللجان القطاعية تشمل، قطاع السياسى والأمنى والقنصلى برئاسة وزيرى الخارجية، قطاع العسكرى برئاسة وزيرى الدفاع، قطاع الاقتصادى والمالى برئاسة وزير التجارة والصناعة من مصر ووزير المالية من السودان، قطاع النقل برئاسة وزيرى النقل، قطاع التعليم والثقافة برئاسة وزيرى التعليم العالى، قطاع الخدمات، برئاسة وزيرى الصحة، قطاع الزراعة والموارد المائية والرى برئاسة وزيرى الزراعة. وعلى مستوى قطاع التعاون الاقتصادى والمالى ينتظر أن تناقش اجتماعات اللجنة العليا موضوعات تيسير التبادل التجارى، وإيجاد بيئة استثمارية جاذبة للقطاع الخاص، كما ينتظر توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر والسودان، بهدف تكثيف التعاون القائم بين البلدين، أما على مستوى اللجان القطاعية فسوف تشمل قطاع النقل، خاصة ربط السكك الحديدية بين البلدين، والتوسع فى الربط النهرى والبحرى والبرى قطاعات الخدمات والصحة والدواء والسياحة والاتصالات والثقافة والتعليم والتعليم العالى والرياضة والزراعة، بما فى ذلك العمل على تعزيز وترشيد الدور المهم للشركة المصرية السودانية للتكامل الزراعى.