نقيب المهندسين: المعادلة شرط أساسي لتأهيل طلاب الدبلومات    وزير العمل يسلم 350 شهادة لخريجي الدورات التدريبية المجانية على 23 مهنة    أطباء السودان: وفاة 13 طفلا في مخيم نازحين بدارفور جراء سوء التغذية    أول تعليق من إسرائيل على اعتزام بريطانيا الاعتراف بدولة فلسطين    هل ارتكب محمد صلاح إثما؟ علماء الأزهر يحسمون الجدل حول زيارة نجم ليفربول لمعبد بوذي    الأهلي يفوز على إنبي بثنائية نظيفة وديا استعدادا للموسم الجديد    طعنة على كوبري سيدي جابر.. راكب يهاجم سائق ميكروباص بسبب جنيه في الإسكندرية    المؤبد لعامل وتغريمه 200 ألف جنيه لاتجاره في المخدرات بالقليوبية    كيس على البنكرياس، محمود سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لأنغام    الفنانون المصريون والسفر لتقديم العزاء لفيروز!    وكيل صحة الشرقية يشارك في ورشة عمل "الغسيل البريتوني بالنظام المغلق"    جدول امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة 2025 للمكفوفين.. المواعيد والتفاصيل    الغندور: صفقة تاريخية على وشك الانضمام للزمالك في انتقال حر    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    مراسل "إكسترا نيوز": الفوج الخامس من شاحنات المساعدات يفرغ حمولته بالجانب الفلسطيني    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    أمين الفتوى: الشبكة ليست هدية بل جزء من المهر يرد فى هذه الحالة    أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء    بريطانيا: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر إذا لم تُنه إسرائيل حربها على غزة    مبابي ينتقل لرقم الأساطير في ريال مدريد    ما حدود تدخل الأهل في اختيار شريك الحياة؟.. أمين الفتوى يجيب    التريند الحقيقي.. تحفيظ القرآن الكريم للطلاب بالمجان في كفر الشيخ (فيديو وصور)    خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    تجديد حبس 12 متهما في مشاجرة بسبب شقة بالسلام    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    نقابة الموسيقيين تكشف تفاصيل التحقيق مع محمود الليثي ورضا البحراوي |خاص    من عبق الحضارة إلى إبداع المستقبل| فعاليات تبهر الأطفال في «القومي للحضارة»    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    هآرتس تهاجم نتنياهو: ماكرون أصاب الهدف وإسرائيل ستجد نفسها في عزلة دولية    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    لماذا يتصدر الليمون قائمة الفاكهة الأكثر صحة عالميا؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. 8 محظورات خلال فترة الصمت الانتخابي    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    موعد مرتبات شهر أغسطس.. جدول زيادة الأجور للمعلمين (توقيت صرف المتأخرات)    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر السياسي رفعت لقوشة يطرح حلاً للخروج من أزمة «الوثيقة»: نعم للمبادئ العامة ولا للمبادئ فوق الدستورية

خلال اللقاء الذي تم يوم الثلاثاء الماضي مع عدد من أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي رأسهم الفريق سامي عنان رئيس الأركان وبحضور عدد من قادة الرأي والفكر طرح دكتور رفعت لقوشة اقتراحاً للخروج من أزمة وثيقة المبادئ الدستورية من خلال البحث عن سند مرجعي للمبادئ العامة وقد تحدث عن هذا السند الذي وصفه بأنه يفتح الطريق للخروج من الدائرة المفرغة التي باتت تهدد المجتمع كله.. وحول هذا الاقتراح كان هذا الحوار:
• ما اقتراحكم للخروج من أزمة الوثيقة والمباديء العامة؟
اقتراحي هو البحث عن سند مرجعي للمبادئ العامة - «سند يفتح طريقا» إلي الخروج من هذه الحلقة المفرغة التي باتت تهدد المجتمع كله والسند المرجعي وكما أرتأيته يتمثل في الإعلان الدستوري الذي سبق وأصدره المجلس الأعلي وارتضاه الجميع باتفاق عام فإعلان يضم مباديء عامة وأساسية جنبا إلي جنب مع احكام انتقالية وبالتالي يمكن للمجلس أن يصدر بيانا يؤكد فيه التزامه بنقل السلطة إلي مؤسسات مدنية منتخبة وأنه باقتراب موعد نقل السلطة فإن المجلس الأعلي يعلن أن الاحكام الانتقالية التي تضمنها الإعلان سوف تسقط بعد الانتهاء من عملية نقل السلطة ولكن المباديء العامة والأساسية التي جاءت في الإعلان الدستوري تبقي نصا وروحا ممتدة المفعول وأن القوات المسلحة وباسم الشعب ووفاء لمطالب الثورة تبقي ضامنة لها ولعلي أضيف أننا عندما نراجع الإعلان الدستوري سوف نكتشف أن المباديء الأساسية والعامة التي تضمنها هي ذاتها وفي السياق العام المباديء التي تكررت في كل الوثائق.
• هل ستكون هناك حاجة للاستفتاء علي هذا البيان؟
- لا.. لا أجد ما يبرر الاستفتاء علي البيان فالإعلان الدستوري حظي بالتوافق العام وصار بمثابة مرجعية دستورية والبيان مشتق من الإعلان الدستوري فما المبرر إذن للاستفتاء عليه؟
• نلاحظ انك استخدمت مصطلح مباديء عامة - ولم تستخدم المصطلحات الدائرة - الآن مثل مباديء فوق دستورية أو مباديء حاكمة للدستور لماذا؟
- من وجهة نظري فقد كان من قبيل الخطأ وعدم التدقيق استخدام مصطلحات مثل مباديء فوق دستورية أو مباديء حاكمة للدستور فالأصل.. أن هذه المباديء هي مباديء قبل دستورية ولقد عرفتها ثلاث دول فقد عرفتها الولايات المتحدة وفرنسا عقب ثورتيهما فلم يكن هناك دستور في أي منهما يمكن الاحتكام إليه قبل الثورة، فجاء إعلان المباديء ليملأ الفراغ ويسبق إعلان الدستور ثم جري بعد ذلك الحاق الإعلان بالنص الدستوري وأيضا في ألمانيا لايختلف الوضع كثيرا، ففي اعقاب هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية وتقسيمها جري التفكير في انشاء دولة ألمانيا الغربية علي أن تكون دولة مقطوعة الصلة بما قبلها وبالتالي دولة بدون ذاكرة دستورية ومن ثم صدر إعلان مباديء يسبق إنشاء الدستور الالماني وهكذا فنحن في الحالات الثلاث أمام ما قبل الدستوري وليس ما فوق الدستوري.
وللأمانة فإن مصطلح المباديء فوق الدستورية ومصطلح المباديء الحاكمة يعني أنها مباديء غير قابلة للتعديل وهذا صحيح وقد يري البعض أن الشعب وحده هو صاحب الحق في أن يقرر ما هي المواد غير القابلة للتعديل وما هي المواد التي تقبل بالتعديل وهذا أيضا صحيح، ولذلك كان من الخطاء أن تتقدم قوي سياسية وشخصيات بوثائق تحت مسمي المباديء فوق الدستورية دون أن تبحث عن سند مرجعي وأن تطرح هذه الوثائق وكأنها اختراع مبتكر معنون باسم صاحبه بينما الأمر برمته هو عبارة عن مبادئ عامة جري تضمينها وكما سبق في الإعلان الدستوري ومن قبله في دستور 1971 ومن وجهة نظري.. فإن اقتراحي تجاوز هذا الخطأ وقفز فوقه.
• هل هذا الخطأ من وجهة نظرك هو شاهد علي أزمة النخبة التي طالما حذرت منها قبل ثورة 25 يناير وبعدها؟
- بالتأكيد فأنا لا أجد امامي مبررا «فكريا» لكل هذه الوثائق التي تتحدث عن مبادئ عامة ترقي إلي مستوي المسلمات البديهية ثم تدير جدل الحلقات المفرغة حولها وأتساءل ماذا ستفعل هذه النخبة عندما تقترب من إعداد الدستور وقضاياه الخلافية وتساؤلاته المركبة وإذا كنا بصدد الحديث عن أزمة النخبة فإنني أعود إلي ما صرح به د.محمد سليم العوا في إحدي الصحف مؤخراً فلقد نشرت الصحيفة علي لسانه قوله إن المبادئ فوق الدستورية بدعة وهذا ما أكده دكتور يحيي الجمل في اجتماعنا بشيخ الأزهر ونحن سعداء لأن صاحب الفكرة هو الذي أنكرها واتساءل بدوري ما هو التوصيف الدقيق لنخبة تقول فكرة ثم تنكرها بعد أسابيع؟ أظن.. أن الإجابة الوحيدة هي أنها نخبة مأزومة.
• طالما استشهدت بهذه العبارة فهل هذا يفسر أن اقتراحك الذي عرضته في اللقاء مع المجلس الأعلي تضمن استبعاد الحكومة من العملية السياسية وأن تتم العملية بالاتصال المباشر بين المجلس الأعلي والقوي السياسية؟
- بالفعل فقد طالبت ومازلت أطالب باستبعاد الحكومة من العملية السياسية وأن تجري العملية بالاتصال المباشر بين المجلس الأعلي والقوي السياسية وليس استشهادا بالعبارة السابقة، ولكن لأسباب أكثر بكثير فالحكومة السابقة وبعد 25 يناير كانت مسئولة عن خلق أزمة الثقة بين القوي السياسية ذات المرجعية الدينية والقوي الأخري والحكومة الحالية تأخذ العملية السياسية إلي دوامات القاع بدون مبررات فنائب رئيس الوزراء د.علي السلمي كان له تصريح يضرب به البنية الدستورية للمرحلة الانتقالية فلقد تحدث عن إعلان دستوري سوف يصدر من الحكومة ويتضمن وثيقة بالمبادئ، ولكن الحكومة في المقابل ليس من اختصاصها نهائيا إصدار إعلان دستوري فهو اختصاص يتمتع به وحده ومنفردا المجلس الأعلي وهو اختصاص لا يقبل التصرف ولا يقبل التفويض وتحدث السلمي عن هذه الوثيقة باعتبارها وثيقة تجمع كل الوثائق وعندما نشرت إحدي الصحف هذه الوثيقة إاذا بها منقولة نصا من وثيقة المجلس الوطني وإذا بدباجتها وكما نشرتها الصحيفة تتضمن فقرة تقول إنه لا حاجة إلي إعلان دستوري بينما كان سيادته يتحدث قبل أيام عن إعلان دستوري ثم عاد بعد ذلك ليتحدث مجددا عن إعلان دستوري يتضمن المبادئ العامة ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية وعلاوة علي ذلك فالوثيقة، وكما جري نشرها لا تعرض مطلقا لضمانة المجلس الأعلي لهذه المباديء بينما المجلس الأعلي يؤكد ضمانته لها ويبدو الأمر هكذا وكأن الحكومة تسلك في اتجاه معاكس للمجلس وهو أمر لا يفيد العملية السياسية ويثير حولها بلبلة وإزاء الانتقادات الموجهة لكل هذه التصريحات المتضاربة، فإن نائب رئيس الوزراء «تهرب» من الرد يكتفي بتكرار مقولته التقليدية بضرورة توافق القوي السياسية علي الوثيقة وهو يعلم أنهم لن يتفقوا وأن تصريحاته قد تراجعت بفرص احتمال الاتفاق وفي السياق فإنني اتوافق بملاحظة تقاطعية فإذا كان سيادته يبدي كل هذا الاحترام لتوافق القوي السياسية واهميته فلماذا لم يستجب وتستجب الحكومة لتوافق القوي السياسية حول القوائم غير المشروطة كنظام لانتخابات مجلس الشعب القادمة، لذلك كله ولغيره فإنني طالبت ومازلت اطالب باستبعاد هذه الحكومة من العملية السياسية وحذرت ومازلت احذر من نتائج تدخلها في هذه العملية.
• لقد قلت إن القوي السياسية لن تتفق علي الوثيقة وقلت إن المباديء العامة هي من قبيل المسلمات البديهية فكيف تفسر عدم اتفاق القوي السياسية علي الوثيقة؟
- استعيد ما قلته قبلا إن هذه الوثيقة وما سبقها من وثائق افتقروا إلي السند المرجعي وفي غياب السند المرجعي تتبعثر المواقف ولا يعود لها ضابط ايقاع هذا من ناحية، ولكن من ناحية أخري فالأمر لم يعد يخص المباديء العامة ولكنه بات يخص الشكوك فالتيارات السياسية ذات المرجعية الدينية تتخوف من مقولة الدولة المدنية وتأخذها الشكوك إلي أن مقولة الدولة المدنية تعني لدي أصحابها الدولة العلمانية خاصة أن بعض شبه المقيمين في القنوات الفضائية يقولون بذلك وعلي الجانب الآخر فإن القوي الأخري تساورها الشكوك حول أن القوي ذات المرجعية الدينية لديها مشروع مستتر لبناء دولة دينية ويساعد علي الشكوك بعض التصريحات غير المسئولة التي تتحدث عن إقامة الحدود وأهل الذمة والمبايعة بالإمارة والولاية الكبري والصغري.... الخ، وهكذا رسمت الشكوك حدود الموقف وحالت دون الاتفاق لينتهي الأمر إلي اختبار بين المعسكرين فكل معسكر يصف الآخر بالأقلية.
• وماذا تري؟
- بالإضافة إلي اقتراحي والذي سبق الحديث عنه فإنني أعتقد أن هناك مسارين ينبغي الحركة في اتجاههما لتهدئة الشكوك، المسار الأول يتعلق بمقولة الدولة المدنية والثاني يتعلق بمفاهيم التأسيس الإسلامي، وفيما يتعلق بالدولة المدنية فإنها ليست الدولة مقطوعة الصلة بالدين ولكنها الدولة التي تعترف بحقوق الناس أولا والدولة التي تعترف وتضمن حق الناس في مساءلة الحاكم وعدم ترك مساءلته لله عز وجل فقط فكلنا مساءلون أمام الله والدولة التي تلتزم بتعهداتها لمواطنيها وتفي بها وما تعترف به يعترف به الإسلام كدين وينتصر له فالقرآن هو القائل «وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرضي .. والرسول صلوات الله عليه هو الذي طلب من الناس وهو في سكرات الموت ان يأتيه منهم من له مظلمة عنده لأنه يكره أن يلقي الله وفي رقبته مظلمة لأحد من احاد الناس أيا ماكان دينه.
ومن بعده كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحمد الله لأن أحد الناس قال له والله لو رأينا فيك أعوجاجا لقومناه بسيوفنا وهو أيضا عمر بن الخطاب الذي أسس موقفه الفقهي علي قاعدة حيثما مصلحة الجماعة فثمة شرع الله ولذلك أبطل نصوصا في القرآن بل إنني أضيف أن مقولة الدولة المدنية كانت حافزاً في أثناء الثورة علي عثمان بن عفان رضي الله عنه وانتصر لها صحابة إجلاء فالثورة علي عثمان لم تكن طعنا في إيمانه فلقد عاش تقيا ومات نقيا وبين يديه المصحف الكريم ولكن الثورة كانت بسبب إخلاله لتعهد مدني ربط بينه وبين الناس فلقد تعهد أمامهم بألا يولي أحدا من أقاربه ثم ولاهم ومن ثم بات مساءلا أمام الناس ولم يتردد أحد في مساءلته عن التعهد المدني الذي اخل به صحابة أجلاء لا يقدر أحد علي الطعن في إيمانهم وتقواهم وبالتالي فإن وضع خط فاصل وواضح بين الدولة المدنية من ناحية والدولة العلمانية التي يروج لها البعض بمقولة فصل الدين تماماً عن الدولة من ناحية أخري قد يهدئ من الشكوك لدي القوي السياسية ذات المرجعية الدينية.
وفيما يتعلق بالمسار الثاني الذي يتصل بمفاهيم التأسيس الإسلامي فإنني أجد أنه من الضروري أن نؤكد أن نبي الإسلام هو محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامته عليه وليس ابن تيمية ومحمد بن عبد الله قال إن ديني هو العقل ولم يقل إن ديني هو النقل ولم يتحدث عن الولاية الكبري أو الصغري ولو تحدث عنها وعن شروطها لاختار من يخلفه وما ترك شأن اختياره للناس من بعده وأقر في حياته أن الاجتهاد هو مصدر من مصادر التشريع، ولذلك رفض تفسير القرآن وهو الاقدر عليه وتركه للاجتهاد البشري يخطئ ويصيب، ولكن في كلتا الحالتين ينبغي أن يتطور بتطور الزمن ومستجداته فلم يأت الإسلام ليعتقل الروح الانسانية، ولكن ليحررها ولعل ذلك يهدئ من شكوك القوي السياسية فالإسلام لم يعرف الدولة الدينية فحسب بل إن الدولة الدينية في حد ذاتها هي انقلاب علي الإسلام كدين ولعل الحركة علي هذين المسارين يستبعدان وباتفاق عام خيارين ويستبقيان الثالث يستبعدان خيار الدولة الدينية وخيار الدولة العلمانية ويستبقيا خيار الدولة المدنية بدون وساوس او شكوك.
• هل تجد شيئا من هذين المسارين في وثيقة الأزهر؟
- نعم فالوثيقة هي خطوة متطورة علي الرغم من أنها لا تساعد كثيرا علي حل المعضلة السياسية فعندمايتحدث الأزهر عن حقوق المواطنين وعن دولة وطنية لا تقبل أرضيتها بالتجزئة فنحن أمام خطوة متطورة بالفعل وأتمني أن يتبعها الأزهر بخطوات أخري تقود إلي بناء تيار فقهي مستنير لا يكتفي بمجرد الحديث عن الوسطية والاعتدال، ولكن يعيد اكتشاف المضمون المدني والإنساني في الإسلام ولعلها مناسبة لكي اقترح أن يتم نقل اختصاص تعيين أئمة المساجد والإشراف عليهم إلي الأزهر بدلاً من وزارة الاوقاف وهو اقتراح يعود بنا إلي الأصل ففي الأصل كان الأزهر هو الذي يقوم بتعيين أئمة المساجد والإشراف عليهم، ولذلك حمل شيخ الأزهر مسمي الإمام الأكبر فهو الإمام الأكبر لائمة المساجد.
• بعض كلماتك تقودنا إلي سؤالين أخيرين يعودان بنا إلي المبادئ العامة أولهما يتعلق بمبرر تأييدك لقيام المجلس العسكري الأعلي بضمان المبادئ العامة علي الرغم من اعتراض بعض القوي السياسية والثاني يتعلق بالجدل الدائر حول معايير اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور؟
- هناك بالفعل من يعترض علي التأكيد ضمانة القوات المسلحة للمبادئ العامة وهؤلاء يساورهم القلق احتكاما إلي التجربة التركية والتي قادت المؤسسات العسكرية إلي الانقلاب علي حكومات جاءت بإرادة الناخبين في انتخابات ديمقراطية ولكن وضع المؤسسات العسكرية في التجربة التركية يختلف تماما عن وضع المؤسسات العسكرية في الحالة المصرية ففي التجربة التركية كانت المؤسسة العسكرية هي الوريث والضامن لمباديء اتاتورك بحكم الاحداث التي جرت قبل انقلابه علي الخلافة العثمانية وإعلانه للجمهورية التركية بمساعدة ودعم الجيش، وبالتالي اعترضت المؤسسة طريق قوي سياسية ذات مرجعية دينية وحازت لنفسها الحق في الانقلاب علي نتائج أسفرت عنها الانتخابات، ولكن الأمر في الحالة المصرية يبدو مختلفا تماما فالمبادئ العامة، وكما جاءت في الإعلان الدستوري تضمنت أن السلطة يجري تداولها دوريا وسلميا وفقا لانتخابات ديمقراطية نزيهة وعندما تكون المؤسسة العسكرية ضامنة لهذا المبدأ فلايعود هناك مبرر للتخوف من انقلاب عسكري علي نتائج انتهت إليها انتخابات ديمقراطية وعندما تتضمن المبادئ أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وتكون المؤسسة العسكرية ضامنة لهذا المبدأ ألا يبدو ذلك مطمئنا للقوي السياسية ذات المرجعية الدينية ويستبعد تماما من مخيلتهم وقائع التصادم بين المؤسسة العسكرية والقوي ذات المرجعية الدينية في التجربة التركية.
هذا من ناحية المخاوف التي لدي البعض من ضمانات المؤسسة العسكرية وازاحة التخوفات تمنح دعما «تبريريا» للضمانات، ولكن للضمانات مايبررها أيضا فنحن علي الطريق إلي بناء دولة جديدة وفي كل تجارب التاريخ لبناء دولة جديدة كانت المؤسسة العسكرية هي أحد اضلاع هندسة البناء حدث ذلك في فرنسا وفي الولايات المتحدة.. الخ ولأنها ضلع ارتكاز ضمن اضلاع ارتكاز أخري فإنها مكلفة بواجبات إزاء الدولة الجديدة وضماناتها هي واجبات وليست امتيازات وعلي نحو مواز فإنني أطرح المثال الافتراضي التالي بافتراض أنه قامت ولسبب أو لآخر حالة شغب واسعة النطاق تهدد مقومات الدولة وهو أمر عرفته وتعرفه العديد من البلدان فإن رأس السلطة التنفيذية يستدعي قوات الجيش للنزول إلي الشوارع فإذا لم تكن هناك مرجعية دستورية تحيل إلي المؤسسة العسكرية مسئولية ضمان قوام الدولة وشرعيتها الدستورية فلسوف يكون بمقدور البعض أن يتوجهوا إلي المحكمة الدستورية العليا للطعن بعدم دستورية القرار الخاص بنزول الجيش إلي الشوارع للسيطرة علي حالة الشغب.
• حدثنا عن رؤيتك للجدل الدائر حول معايير اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور؟
- ابتداء فإنني اتحفظ كثيرا علي ما ذكره نائب رئيس الوزراء ويخص تضمينه هذه المعايير في إعلان دستوري فالمعايير هي قضية إجرائية وبالتالي فهي ليست في حاجة إلي إعلان دستوري وفي الوقت ذاته فالمعايير هي قضية مفتوحة للاجتهاد وليس من المستحب أن يتم وضع إعلان دستوري في اجتهاد مفتوح وبالتوازي فلقد جري استفتاء يمنح لمجلس الشعب الحق في اختيار اعضاء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، ونتائج الاستفتاء ينبغي احترامها فالأصل أن الشعب هو الذي يضع الدستور وهو الذي يقوم بالموافقة عليه ومن ثم فإن من حق الشعب ديمقراطيا وتأصيلا وقبل أن يتوجه إلي صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس الشعب أن يكون علي علم مسبق بالمعايير التي يجري تطبيقها لاختيار أعضاء اللجنة التأسيسية وحقه في العلم بهذه المعايير يعادل تماماً حقه في العلم ببرنامج الأحزاب التي سوف تقوم بترشيح أعضائها في الانتخابات وعلي الجانب الآخر فإن النص الذي جري الاستفتاء عليه اعطي لمجلس الشعب الحق في اختيار أعضاء اللجنة، ولكن النص لم يذكر أن للمجلس الحق في وضع معايير الاختيار وبالتالي قد يكون مقبولا أن يخاطب المجلس العسكري الأعلي باسم الشعب وحقوق الديمقراطية كل القوي السياسية بطلب الإعلان عن معاييرها لاختيار اللجنة التأسيسية أمام الرأي العام وقبل الانتخابات وبإعلان هذه المعايير يمكن إدارة حوار حولها تحت مظلة المجلس الأعلي وليس تحت مظلة الحكومة وصولاً إلي قوائم مشتركة واتفاق عام يضمنه المجلس الأعلي.
• هل لديك تصور حول هذه المعايير؟
- هذا ملف مفتوح وتتسع سطوره للكثير من الأفكار، ولكن من حيث المبدأ فإنني أري أنه لا ينبغي أن تضم اللجنة أي عضو من أعضاء الحزب الوطني المنحل وأري ومن حيث المبدأ أن الأمر لا يتوقف عند معايير اختيار أعضاء اللجنة فقط، ولكنه يمتد إلي معايير اختيار الخبرات المساندة لها واقصد فقهاء دستوريين مشهود لهم بالإبداع والتعمق واتساع الافق ولم يحصلوا علي لقب فقيه دستوري في استديوهات القنوات الفضائية وأيضا نوعية من السياسيين يتمتعون بالخيال السياسي والذكاء الاستراتيجي والمعرفة السياسية المعمقة فلا يمكن وضع دستور بدون هذه النوعية من السياسيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.