«منضدة مصحف أو كرسى عشاء».. تحفة قلاوون فى المتحف الإسلامى

إذا أردت البحث عن الإبداع والروعة فى الفنون الإسلامية، رحلة واحدة تقوم بها إلى المتحف الإسلامى بالقاهرة لتشاهد الآثار المملوكية فيه،حيث تعد فترة المماليك الأكثر إبهارا بين العصور التاريخية فيما يتعلق بالفنون الإسلامية فى مصر.
وبجانب العمائر والمنشآت الثابتة التى تركها المماليك،فقد خلفوا وراءهم آلافا من الآثار والتحف المنقولة، والتى تنوعت خاماتها ما بين المعادن والزجاج والخزف والأحجار والسجاد والأخشاب، والتى تمثل كل منها قطعة فنية رائعة بما عليها من زخارف ورسومات يدوية الصنع بمهارة.
وقد كشف لنا د.ممدوح عثمان مدير عام المتحف الإسلامى حكاية إحدى تلك القطع وهى منضدة من النحاس الأصفر المكفت بالفضة، وتنتمى تاريخيا إلى مصر – العصر المملوكى 8ه/ 14م»،مشيرا إلى أنه شاعت تسمية هذه المناضد بمسمى كراسى العشاء لدى بعض علماء الفنون الإسلامية.
وتابع قائلا: وربما كانت تُستخدم هذه التحف كمنضدة لوضع المصاحف فى المساجد، أو لحمل الشماعد التى كانت تضاء ليلاً عند الصلاة على يمين ويسار المحراب، وربما لوضع أدوات الزينة.
وهذه المنضدة ذات شكل منشور سداسى الأضلاع يزينها زخارف نباتية وهندسية ورسوم حيوانية وكتابات قرآنية وعبارات دعائية، وفى أحد جوانب المنضدة يوجد باب مزدوج معقود يشغله رسوم نباتية.
ويربط بين أرجل المنضدة ست دعامات نقشت عليها كتابات، تُشير إلى اسم الصانع «محمد بن سنقر البغدادى السنكري» وتاريخ الصناعة سنة 728ه/1327-1328م، وتشير نصوص كتابات هذه المنضدة إلى السلطان المملوكى الناصر محمد بن قلاوون, الذى تولى حكم مصر ثلاث مرات آخرها سنة 709- 741ه/ 1309- 1340م. تاريخيا فإن الملك الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون ولد بالقاهرة فى 684 ه / 1285 ،وتوفى بالقاهرة فى 741 ه / 1341، وهو تاسع سلاطين الدولة المملوكية البحرية، ولقب بأبو المعالى وأبو الفتح.
ويعد قلاوون من أبرز سلاطين الأسرة القلاوونية والدولة المملوكية، وخاض حروباً ضد الصليبيين والمغول، وحروباً إصلاحية فى الداخل ضد الفساد، وشهدت مصر فى فترة حكمه الثالثة نهضة حضارية وعمرانية لم تشهدها فى عهد أى سلطان آخر من سلاطين الدولة المملوكية.