مازالت أحلام الخلافة الدموية، تشغل مخيلة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إذ باتت تحركاته الأخيرة والمثيرة للريبة لدعم الجماعات الإرهابية فى دول المنطقة، مستندا على جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وتوابعها من ميليشيات إسلامية مسلحة فى مصر وليبيا وسوريا والعراق وفلسطين، فضلا عن عدوانه السافر على عفرين واضطهاده للأكراد بالداخل والخارج، على أمل أن تمكنه هذه السياسة من استعادة الإمبراطورية العثمانية من جديد. الأمر الذى أدانه مجلس اللوردات البريطاني، لذا أرسل بالأمس وفدا استقبله أردوغان فى القصر الرئاسى بالعاصمة أنقرة، حيث جرى اللقاء بين أردوغان ووفد مجلس اللوردات بعيدا عن عدسات وسائل الإعلام. وأبدى وفد مجلس اللوردات البريطانى خلال لقائه بأردوغان استياءه من كون تركيا تقدم ملاذا لقادة وعناصر تنظيم الإخوان المحظور، الذى يشاركه ذات التوجهات، وهو ما يساهم فى دعم الإرهاب فى العالم. وفيما يتعلق بالسياسة الداخلية فى تركيا، تطرق الوفد إلى أن حزب العدالة والتنمية يعمل على استغلال المشاعر الدينية لدى الفقراء فى المناطق الريفية التركية من أجل حشد التأييد السياسى، وهو ذاته أسلوب تنظيم الإخوان. وناقش الوفد حملات الاعتقال والتسريح التى يتعرض لها الأكراد بمنطقة ديار بكر، وتوقيف أى صحفى يدافع عن حقوقهم، فضلا عن حرق مقار أحزابهم بأسطنبول، كما ناقش بحث السبل لوقف أى تصعيد آخر للعنف فى سوريا بعد أن فتحت تركيا جبهة جديدة للقضاء على الخطر الكردى. وكان مجلس اللوردات البريطانى قد عقد جلسة حول أجندة قطروتركيا لدعم جماعة الإخوان، حيث قال مؤسس منظمة «نيو سينشرى» لمكافحة الإرهاب، الكولونيل تيم كولينز، فى جلسة داخل مقر المجلس، أن حكومة أردوغان توفر ملاذا للعناصر المطلوبة للعدالة بشكل يتناقض مع مطالبته للولايات المتحدة بتسليم الداعية فتح الله جولن،الذى يتهمه بالوقوف وراء انقلاب يوليو 2016، كما قدمت قطر 165 مليون يورو لتنظيم الإخوان فى أوروبا. من جانبها، شنت المعارضة التركية الممثلة فى حزب الشعب الجمهورى، هجوما لاذعا على أردوغان، وقالت إنه يعانى من «داء البذاءة»، متمنية له «الشفاء العاجل». وقال نائب رئيس مجموعة النواب من «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أنجين ألتاى، إن «مرض البذاءة الذى أصيب به أردوغان» يكمن فى تكلم الشخص بكلام فاحش ازدرائى أو غير مقبول عرفا بطريقة لا إرادية. واعتبر المعارض التركى فى تصريحات للصحفيين أمام مدخل البرلمان بالأمس، أن تركيا تمر بمشهد خطير لأن تصريحات وأفعال أردوغان فى الآونة الأخيرة تنذر بمشاكل كبيرة من حيث الوحدة القومية. يذكر أن أردوغان قد وجه خلال الأيام الماضية انتقادات إلى ألتاى لوصفه ما يسمى ب «الجيش السورى الحر» بالقوة التى تتألف من فصائل متطرفة تابعة لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، وقال أردوغان، فى إشارة إلى ألتاى: «هناك بعض منعدمى الأخلاق الذين لا يعرفون أنفسهم. أفراد الجيش السورى الحر الذين تصفهم بالإرهابيين يقضون برفقة جنودنا على الإرهابيين الذين احتضنتهم بينما أنت تستلقى على سريرك الدافئ». ولاقت تصريحات ألتاى ترحيبا إيرانيا، إذ لوحظ أن وسائل الإعلام الإيرانية رحبت بتصريحات البرلمانى التركى المعارض، وأفردت لها مساحات واسعة، حيث تعارض طهران دعم أنقرة للجيش السورى الحر المعارض لنظام بشار الأسد المدعوم من إيران، فى القتال ضد الأكراد فى عفرين. ولفت ألتاى إلى أن «حزب الشعب الجمهوري» يتحدث منذ انطلاق العملية التركية فى عفرين عن الوحدة والأمن القوميين، كما حذروا السلطات بشأن «الجيش السورى الحر»، حيث تضم قواته فى آن واحد تركمان وعناصر تنظيم «القاعدة»، مؤكدا أن تحذيراتهم للحكومة حول هذا الأمر كانت بناءة، غير أنها أثارت غضب أردوغان، حتى أنه استاء حينما تحدث رئيس الوزراء، بن على يلدريم، عن توحيد عملية عفرين للمعارضة والسلطة.