على حافة الطرق ومداخل الشوارع وأطراف القرى والنجوع يتجمع الكبار والصغار حول الموقد من البرد القارس فى ليل الشتاء وينتشر الموقد فى الكثير من قرى ونجوع المحافظة حيث لا تكاد تخلو قرية أو نجع منه تجده أمام المنازل وساحات المضايف حيث يجتمع الجميع حوله ليلا يتسامرون ويتناقشون فى الكثير من الموضوعات منها السياسية والاجتماعية والقصص والموروثات الشعبية التى تجذب الصغار فى جو من الحب والمودة ويحكى الحج سعودى مصطفى أحد أبناء قرية دندرة عن كيفية صناعة الموقد والتى تختلف أحياناً فى الشكل من قرية لاخرى فهناك من يستخدم الموقد فى شكله القديم وهو المصنوع من الطين على شكل دائرى أو مربع به تجويف يملأ بقطع الأخشاب والحطب و«لاقاوح» كيزان الذرة ويتم أشعال النيران بها للتدفئة والبعض يستخدم «قروانة» مصنوعة من الحديد وهى التى يستخدمها عمال البناء بينما يقوم البعض الأخر بوضع مجموعة من قوالب الطوب فى شكل دائرى أو مربع ويشعل بداخلها النيران فى الأحطاب. وأوضح سعودى أن عملية الإعداد للتدفئة تحتاج الى وقت حيث يقوم أحد الأبناء بتجميع الأحطاب وفروع الأشجار من على حافة الترع بالإضافة إلى «لاقاوح» كيزان الذرة فى الساعات الأولى من الصباح ليستخدمها ليلا فى إشعال النيران فى الموقد ويجتمع حولها الجميع. ويشير عبدالله عبد المنعم بنجع الجبيل إلى أن الشباب يجتمعون أمام منازلهم ليلا حول الموقد المصنوع من القروانة ويشعلون النيران فى الأحطاب وعيدان الذرة التى جمعوها فى النهار وتستمر جلستهم حتى ساعات متأخرة من الليل حيث تزداد شدة البرودة وذلك من أجل تأمين وحماية منازلهم من عمليات السرقة التى تحدث بكثرة فى فصل الشتاء أما الباحث محمد مصطفى فيرى أنه على الرغم من التطور التكنولوجى وانتشار الأجهزة الحديثة التى تستخدم كوسيلة للتدفئة الا أن قرى الصعيد مازالت تحرص على الأجتماع والجلوس حول الموقد فى شكله البدائى ليتناقشوا ويتسامروا فى كثير من أمورهم وهى موروثات شعبية تتسم بها البيئة الصعيدية واحد مظاهر التماسك الاجتماعى والتلاحم بين أبناء الصعيد وفى كثير من الأحيان تشبه جلسات البرلمان حيث يتناقش الكبار والصغار حول الموضوعات العامة والخاصة التى تخص القرية أو النجع أو القبيلة كما أنها تحمى الشباب وتضمن تواجدهم بمحيط الأسرة بعيدا عن التطرف والانحراف.
