شهد سبتمبر من العام الماضى بدء التنفيذ الفعلى لأوامر الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، بتوفير مترجم بلغة الإشارة للصم والبكم، لنقل شعائر صلاة الجمعة لهم، وبدأت التجربة فى الجامع الأزهر، وتحديدا داخل رواق الأتراك، ثم امتدت لمساجد أخرى، ولقت ترحيبا كبيرا من جماعة الصم والبكم، الذى حرمهم الله من نعمة السمع والنطق، ولكنه ألهم بنى آدم العلم لتذليل الصعاب، ومن حكمته أن رزق هذه الفئة بمترجمى الإشارة، الذين هم بمثابة حلقة الوصل بينهم وبين العالم الخارجى، حيث إن وظيفتهم اكتسبت أهمية خاصة. وكان المجلس القومى لشئون الإعاقة قد توجه بخطاب شكر لشيخ الأزهر على قراره اتاحة خطبة الجمعة ولقاءات كبار العلماء بالجامع الأزهر للأشخاص ذوى الاعاقات السمعية من خلال الاستجابة لمطالب المجلس والتنسيق معه لتوفير مترجم إشارة أثناء صلاة الجمعة وأثناء الندوات واللقاءات الدينية المهمة التى تقام بالمسجد ودعوة أصحاب الإعاقات السمعية لحضور الصلاة بالجامع الأزهر ليستفيدوا من هذه الخدمة الجديدة. وبالتالى لم يعد دور مترجم الإشارة فقط فى نقل النشرات الإخبارية فى الشاشة الصغيرة بالأسفل، وإنما امتد لما هو أعظم، من خلال الدعوة والتبليغ ونقل شعائر صلاة الجمعة. ينهمك مترجم الصم والبكم فى الشرح بلغة الإشارة طوال فترة الخطبة، ومن ثم ينتقل للصلاة، وهو على نفس الهيئة، إلى أن تنتهى الصلاة بالتسليم، والسؤال هنا حول مدى شرعية صلاة مترجم الإشارة، وهل يعد دوره شفيعا له فى الصلاة بهذا الشكل. من جانبه أكد الشيخ محمود دراز، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر أن صلاة مترجم خطبة الجمعة لفئة الصم والبكم صحيحة، مؤكدا أنه يقوم مقام الخطيب، وينقل الخطبة بلغة يفهمها أناس حرمهم الله من نعمة السمع والنطق. وأضاف دراز فى تصريحات ل«روزاليوسف» : إن الإسلام كفل حق تحصيل العلم لهؤلاء، فهم مطالبون بالفرائض، ولا يمنعهم عن تأديتها عذر، ولكن فى حدود أدوات الترجمة، داعيا أن يتم تفعيل لغة الإشارة بشكل أقوى، فقال: «يا حبذا لو استطاعت وزارة الأوقاف توفير مترجم إشارة صم وبكم فى كل مسجد من مساجد الأوقاف خاصة إذا كان من مريديه ذوى الاحتياجات الخاصة لأننا مانعين عنهم العلم»، موضحا أن الوزارة تأخرت فى تلبية احتياجات هذه الفئة التى ظُلمت على مدى سنين طويلة، ولم تُعط حقها فى الدعوة. واختتم دراز: «سوف يقع علينا نحن وزر إذا لم يتم تبليغ هؤلاء بالدعوة، وليس عليهم». فيما قال الشيخ حسين خضر، وكيل وزارة الأوقاف سابقا، إن ثواب صلاة مترجم الإشارة ستكون أعظم، فهو يأخذ ثواب نقل الخطبة للصم والبكم، وثواب فهمها والعمل بها، لأنه لن يستطيع ترجمتها إلا إذا فهم معانيها جيدا. وأردف خضر فى تصريحات ل«روزاليوسف» أن الدعوة بلغة الإشارة نعمة، حيث إن تبليغ الدعوة أمر واجب، حتى لفئة الصم والبكم، وطالما توفرت الوسيلة لتوصيل هذه الدعوة، فالحساب يقع عليهم مثل الشخص العادى، قائلاً: «مترجم الصم والبكم يجب أن يكون حريصا فى توصيل المعانى خاصة فى الأحاديث النبوية والآيات القرآنية حتى لا يحدث لبس»، مختتما: «هذه أمانة تكفيه شرفا أن يحملها». فى سياق متصل أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالجامع الأزهر سابقا، أن هناك فرقاً بين خطبة الجمعة، وصلاة الجمعة، فقال: «أما الخطبة فثوابها كامل لمترجم الإشارة وليس عليها مشكلة..أما الصلاة نفسها فلا تحسب»، واستطرد: «الصلاة أقوال وأفعال محتكمة بالتكبير، أما مترجم الإشارة فلا يجوز أن ينهمك بترجمة الصلاة ذاتها للصم والبكم»، وتابع: «لا تحسب صلاته لأنه لا يقف اتجاه القبلة.. والأخرس فقط هو الذى تجوز له الصلاة بالإشارة»، مؤكدا على احتساب ثواب خطبة الجمعة. واستشهد الأطرش على ذلك حينما يسافر دعاة الأوقاف إلى البلاد الغربية لإلقاء خطبة الجمعة، قائلا: «عندما أسافر لبلد أوروبى لإلقاء خطبة الجمعة يقف بجوارى مترجم ليترجمها من العربية إلى الإنجليزية»، وتابع: «هو مثل متجرم لغة الإشارة يُحسب له ثواب الخطبة، أما الصلاة فلا إذا استمر فى الترجمة». واختتم الأطرش: «الصم والبكم يملكون قدرات عقلية فائقة وذكاء لا مثيل له، فهم يقومون بأعمال حرفية فى غاية الدقة، وعليه يجب على وزارة الأوقاف والأزهر تكثيف الدروس الدينية لهم بجانب خطبة الجمعة طالما أنهم يستوعبونها عن طريق المترجم».