تطوير مناهج اللغة الإنجليزية بالتعاون مع كامبريدج لأول مرة بالمدارس الحكومية    مدبولي: تشكيل خلية استثنائية خلال الإجازات لمنع أى تعدى على الأرض الزراعية    محمد شردى يرصد الطفرة فى إنتاج الصلب المدرع بمصنع 100 الحربى    "اليونيسيف" ل"القاهرة الإخبارية": المساعدات لا يجب أن تكون أداة ضغط على المدنيين في غزة    بعد التتويج.. أرقام لا تنسى من فوز الأهلى باللقب ال45    تعليم بني سويف يكشف تفاصيل الاستعدادات لامتحانات الدبلومات الفنية    الوثائقية.. فيلم "أهازيج مراكش" يعرض أبرز عروض وفعاليات مهرجان مراكش    زيزو يُشعل تتويج الأهلي بلقب الدوري المصري في مواجهة فاركو    وزير الصحة اللبناني يوجه نداء استغاثة للمجتمع الدولي لتمويل احتياجات النازحين السوريين    دول أوروبية تدعو لقبول فلسطين عضو كامل العضوية بالأمم المتحدة    «مبفوّتش مباراة».. كريم عبد العزيز يكشف انتمائه الكروي ويوجه رسالة ل محمد صلاح (فيديو)    نوران ماجد تتعاقد على تقديم مسلسل «للعدالة وجه آخر» ل ياسر جلال    «ابتعدوا عن هذه التصرفات».. 3 أبراج الأكثر عرضة للانفصال    اغتنموا الطاعات.. كيف يمكن استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة؟ (الافتاء توضح)    تشكيل تشيلسي الرسمي لمواجهة ريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    محافظ سوهاج: يعقد اجتماعًا لبحث الموقف التنفيذي لمشروعات "حياة كريمة" بمركز جرجا    تسبب فى «عماه».. السجن 5 سنوات لمتهم بضرب زوج أخته بالدرب الأحمر    أمن الغذاء.. «هيئة ضمان الجودة» تعتمد برنامجين جديدين ب كلية الزراعة جامعة بنها    عمرو الورداني: الحب بوابة الدخول إلى هذه الأيام العشر من ذى الحجة    عاجل.. «الصحة العالمية» تحذر من متحور جديد ل «كوفيد 19»    سقوط طائرة الحجاج الموريتانية.. اعرف التفاصيل الكاملة    دانا أبو شمسية: اتهامات حادة لنتنياهو بالفشل فى استعادة المحتجزين داخل الكنيست    أموريم: أشعر بالذنب بعد كل خسارة لمانشستر يونايتد.. ولا توجد أخبار عن كونيا    «الوفد»: 200 عضو أبدوا رغبتهم الترشح في الانتخابات المقبلة.. وسندخل في تحالفات مع حزب الأغلبية    حكم صلاة العيد يوم الجمعة.. أحمد كريمة يوضح    غدًا الأوبرا تستضيف معرض "عاشق الطبيعة.. حلم جديد" للفنان وليد السقا    نائب وزير الصحة يشيد بأداء عدد من المنشآت الصحية بقنا.. ويحدد مهلة لتلافي السلبيات    دعاء الإفطار في اليوم الأول من ذي الحجة 2025    رئيس وزراء كندا يؤكد سعي بلاده لإبرام اتفاق ثنائي جديد مع أمريكا لإلغاء الرسوم الجمركية    مسؤولة أممية: المدنيون بغزة يتعرضون للاستهداف المباشر    حسن الرداد وإيمي سمير غانم يرزقان ب «فادية»    مواقيت الصلاة بمحافظات الجمهورية غدًا.. وأفضل أدعية العشر الأوائل (رددها قبل المغرب)    مدير «جنيف للدراسات»: تزاحم أوروبي أمريكي للاستثمار في سوريا    عطل مفاجئ في صفقة انتقال عمرو الجزار من غزل المحلة إلى الأهلى    الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لنصب مستوصف ميداني جنوب سوريا ل "دعم سكان المنطقة"    اتحاد الصناعات يبحث مع سفير بيلاروسيا التعاون بالصناعات الثقيلة والدوائية    الفيوم تحصد مراكز متقدمة في مسابقتي المبتكر الصغير والرائد المثالي    13 شركة صينية تبحث الاستثمار فى مصر بمجالات السياحة ومعدات الزراعة والطاقة    مسئول أوروبي يتوقع انتهاء المحادثات مع مصر لتحديد شرائح قرض ال4 مليارات يورو أواخر يونيو    طارق يحيي: لن ينصلح حال الزمالك إلا بالتعاقد مع لاعبين سوبر    رومانو: تاه يخضع للفحص الطبي تمهيدًا للانتقال إلى بايرن ميونخ    طريقة عمل الموزة الضاني في الفرن لغداء فاخر    د.محمد سامى عبدالصادق: حقوق السربون بجامعة القاهرة تقدم أجيالا من القانونيين المؤهلين لترسيخ قيم الإنصاف وسيادة القانون والدفاع عن الحق.    الإمارات تستدعي السفير الإسرائيلي وتدين الانتهاكات المشينة والمسيئة في الأقصى    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات توصيات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    نسرين أسامة أنور عكاشة ل«البوابة نيوز»: مفتقد نصيحة والدي وطريقته البسيطة.. وأعماله تقدم رسائل واضحة ومواكبة للعصر    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    ألف جنيه انخفاضا في سعر الأرز للطن خلال أسبوع.. الشعبة توضح السبب    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    صحة أسيوط تفحص 53 ألف مواطن للكشف عن الرمد الحبيبي المؤدي للعمى (صور)    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 ببني سويف الترم الثاني.. رابط وخطوات الاستعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا فعلت بنا يا بلفور؟
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 30 - 11 - 2016

«إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومى فى فلسطين للشعب اليهودى، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يأتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة فى فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسى الذى يتمتع به اليهود فى أى بلد آخر، وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيونى علمًا بهذا التصريح».
هذه السطور القليلة، كانت هى محتوى الرسالة التى أرسلها وزير الخارجية البريطانى جيمس بلفور فى نوفمبر عام 1917 إلى اليهودى الثرى المعروف اللورد روتشيلد، والتى عرفت فى التاريخ بوعد بلفور، اعترف فيه لأول مرة بوجود «شعب» له هوية دينية واحدة هى اليهودية، وأن هذا الشعب له وطن قومى تاريخى فى فلسطين ويجب مساعدة اليهود فى استعادته.
والمفارقة ان بريطانيا قد قطعت وعودا متعددة خلال تلك الفترة كحوافز لحلفائها فى معاركها بالحرب العالمية الأولى، كان منها وعد آخر للشريف حسين حاكم مكة بإقامة دولة عربية كبرى تحت زعامته، وبينما تعثر تحقيق الوعد بالدولة العربية، فان الوعد الآخر بالدولة العبرية قد جرى تنفيذه بكل دقة.. كما توج مجهودات هائلة بذلتها الحركة الصهيونية العالمية منذ مؤتمرها الاول الذى عقد بزعامة تيودور هرتزل فى مدينة بازل بسويسرا عام 1897.
قبل وعد بلفور، كانت فلسطين تضم ضمن تركيبتها السكانية 5% فقط يهودا، والباقى عربًا مسلمين ومسيحيين، لكنها تحولت بعد هذا الوعد إلى ميناء لسفن تأتى من كل دول العالم وتحمل على متنها أسرا يهودية للاقامة فى أرض الميعاد كما وعدتهم التوراة. لتتغير التركيبة الديموجرافية بها وتستثار مشاعر السكان العرب الأصليين وتبدأ سلسلة طويلة من الصراعات المسلحة بين الطرفين شاركت فيها الدول العربية بمساندة الفلسطينيين وتبنى قضيتهم التى اصبحت القضية المركزية الاولى للدول العربية.
وتغيرت على إثره وللأبد طبيعة منطقة الشرق الاوسط، ووجه بوصلة شعوبها من السعى لنيل الاستقلال ورحيل الاستعمار وتحقيق التنمية، إلى الوقوع فى براثن صراع جديد لأول مرة فى تاريخ المنطقة، وتحول اليهود من مواطنين يتمتعون بكامل حقوق المواطنة فى بلادهم، ويلعبون دورا رئيسيا فى حلبة الاقتصاد والمال، تحولوا إلى أقلية دينية هجرت اوطانها التى عرفتها لآلاف السنين فى مصر والعراق والمغرب واليمن، إلى جيتو مغلق اسمه اسرائيل.
ولو لم يصدر هذا الوعد، فلم تكن لتقع حرب 48 أو 67 أو الاستنزاف وحرب 73 ايضا. وبالتالى لم تكن تخسر مصر اكثر من مائة الف من شبابها، دفاعا عن القضية الفلسطينية التى تحولت إلى قضية محورية للعالم العربى كله، وربما لم تقع ثورة يوليو 52 التى قامت ضمن اسبابها هزيمة حرب 48 واستياء ضباط الجيش المصرى من الاداء المتخاذل للانظمة الحاكمة فى دعم القضية الفلسطينية. لو لم يصدر وعد بلفور، لتركزت الاهتمامات المصرية فى تحقيق معدلات تنمية مرتفعة كنا نملك كل مقوماتها، وبالتالى ستكون مصر على قدم المساواة مثل الدول التى بدأت نهضتها معنا مثل كورياأو بعدنا مثل سنغافورة وماليزيا، دون الاستدراج للدخول فى صراع طويل استنزف مواردنا.
ولو لم يقدم هذا الوعد لاحتفظ اليهود بمكانتهم المرموقة فى المجتمعات العربية، وفى مصر وحدها كان عدد اليهود يقارب ال 80 ألف نسمة ضمن النسيج المصرى، حيث كانت محلات عمر افندى وبنزايون وعدس وريفولى كلها مملوكة ليهود، وعائلات قطاوى وموصيرى وعدس وسموحة وسوارس كانت تلعب دورا واسعا فى الاقتصاد المصرى، وعائلة سوارس على سبيل المثال كانت تتحكم فى زراعة اكثر من مليون فدان من الاراضى الزراعية، كما ساهمت فى بناء خزان اسوان وانشاء شركة كوم امبوا الزراعية وانشأوا خطوط سكة حديد وشركة لنقل الركاب وهى التى عرفها المصريون بعربات “سوارس”. كما ان مساحات واسعة من الاراضى فى كوم آمبو قامت عائلات كاسل وقطاوى وهرارى اليهودية باستصلاحها وزراعتها.
والنتيجة الاخطر من صدور وعد بلفور، فى تقديرى، هو فتح الباب لتوالى انفجارات الشظايا فى انحاء الشرق الاوسط، ليخرج وحش التعصب الدينى من معقله، ليهدم دولا ويقسم أوطانا على أساس دينى، وتحولت مشاعر الود وقبول الآخر التى ميزت مجتمعاتنا طوال تاريخها، إلى مشاعر كره واقصاء لكل مخالف فى الدين أو العقيدة. بدأ الصراع عربيا صهيونيا ثم تحول إلى اسلامى يهودى، ثم انتقل إلى مرحلة أكثر خطورة تعتمد على التصنيف العرقى والمذهبى ليصبح سنيًا شيعيًا، أو كرديًا عربيًا، ومازالت الانقسامات تتوالى.
لقد فعل بنا وعد بلفور الكثير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.