على بٌعد 3 كيلو من شمال غرب إيران والوصول 30 دقيقة.. ماذا اكتشفت الطائرة التركية؟    وزير الرياضة: أهنئ الزمالك بالتتويج بالكونفدرالية.. وهناك مشروعات ضخمة في استاد القاهرة    تصل منتصف ال40 درجة.. الأرصاد تحذر المواطنين: لا تخرجوا إلا للضرورة    بالاسم والرقم القومي.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني (استعلم الآن)    الطوارئ الروسية تعلن إرسال 47 متخصصا للبحث عن مروحية الرئيس الإيراني    بعد حادث طائرة الرئيس.. لماذا التقى الرئيس الروسي بالسفير الإيراني؟    سوريا تعرب عن تضامنها مع إيران في حادث اختفاء طائرة «رئيسي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: الضغط الأمريكي لا تأثير له على إسرائيل    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف مخيم البريج وسط قطاع غزة    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    أول تعليق من أحمد زيزو بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية.. ماذا قال؟    دونجا يوجه رسالة للاعب نهضة بركان بعد لقطته الرائعة في نهائي الكونفدرالية    تراجع جديد في سعر كيلو اللحم البقري قائم اليوم 2024    مصدر أمنى ينفى الشائعة الإخوانية بوجود سرقات بالمطارات.. ويؤكد: كذبة مختلقة    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    عمر الشناوي: «والدي لا يتابع أعمالي ولا يشعر بنجاحي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    كيكة موس الشيكولاتة بالقهوة بأسرار المحلات.. «هتطلع أحلى من الجاهزة»    عبدالملك: المثلوثي وزيزو من نجوم الكونفدرالية.. وهدف الجزيري في الذهاب وراء التتويج    حسين لبيب: اليوم سنحتفل بالكونفدرالية وغدا نستعد لاستكمال الدوري    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    الهلال الأحمر الإيراني: حددنا موقعا آخر للبحث وفرق الإنقاذ بشأن مروحية رئيسي    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الإثنين 20 مايو بالصاغة    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    د.حماد عبدالله يكتب: العودة إلى الماضى والنظر إلى المستقبل    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    تقرير رسمى يرصد 8 إيجابيات لتحرير سعر الصرف    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    عواد بعد التتويج بالكونفدرالية: سأرحل بطلًا إذا لم أجدد مع الزمالك    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«روزاليوسف» تخترق دكاكين جبائر المرضى.. والحكومة «نايمة فى العسل»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 01 - 11 - 2016

استغل عدد من أهل الخرافة غيبة الصحة فى المحافظات وباعوا الوهم للمرضى تحت مزاعم الطب الشعبى، وذلك خارج النطاق الأكاديمى والقانونى أيضًا، وفى بعض الأحيان تكون على أساس تاريخى أو معتقدات موروثة وليس لها أساس علمى، إضافة إلى أسعارهم الرمزية لجلب الزبائن ولتوسعة دائرة نشاطهم الإجرامى، وبذلك أصبح المواطن عرضة للضياع وفقد صحته.

انتشر نشاطهم فى محافظتى الدقهلية والقليوبية فتجد عائلات بالكامل تعمل فى هذا المجال، واتخذوا قرية «دقادوس» بمركز ميت غمر بالدقهلية معقلا لهم، فتحوا الأكشاك لعمل التجبير والحجامة دون تراخيص، متبعين طرق بدائية للعلاج كانت موجودة فى العصور البدائية.
«روزاليوسف» رصدت أحد ورثة «التجبير» فرغم أنه ليس واحدًا من خريجى كلية الطب، إلا أن البسطاء يتجهون له بعدما فقدوا الأمل فى الأطباء، فهو يمتلك 3 مكاتب تحت مسمى «عيادات»، يقدم علاج فعالًا بأسعار رمزية على حد قول زبائنه.
على طريق مصر إسكندرية الزراعى وتحديدًا فى مدينة «بنها» وقع حادث أليم راح ضحيته 3 أشخاص، وأصيب نحو 20 شخصًا، عقب وقوع الحادث قام واحد من المارة بالاتصال بالإسعاف، حضروا على الفور، ولكن حدث شىء غريب لافت للنظر حينما رفض أكثر من شخص الذهاب إلى المستشفى بالإسعاف، مؤكدين أنهم ذاهبيون إلى «المجبراتى» ليداوى جروحهم، ويجبر كسور عظامهم، لفت هذا الحديث انتباهنا وذلك أثناء وجودنا وقتها فى مكان الحادث، من هنا بدأت «روزاليوسف» البحث وراء حقيقة «المجبراتى» وبيع الوهم باسم الطب.
«عبدالمطلب المجبراتى»
استمر الحديث بيننا وبين أحد المصابين - محمد محمود - للإمساك بطرف الخيط، والذى أوضح لنا أنه لا يثق فى الأطباء بقدر ثقته فى «عم عبدالمطلب المجبراتى» أو أحد أفراد عائلته، فهى عائلة تمتهن تطهير جروح المصابين، وتجبير عظامهم، وخلاف ذلك من عمل كاسات هواء وحجامة، وبعد حديث طويل استمر لأكثر من ساعة طلبنا منه عنوان المجبراتى لحاجتنا له لعلاج مرضى من أسرنا، وبالفعل تمكنا من معرفة عنوانه وتم الوصول إليه.
اعتقادات خاطئة
وفى جولة ميدانية قامت بها «روزاليوسف» فى محافظتين، داخل قرية «دقادوس» التابعة لمدينة ميت غمر، وفى مدينة المنصورة التابعين لمحافظة الدقهلية، وفى مدينة بنها التابعة لمحافظة القليوبية، علمنا سبب لجوء معظم الأهالى هناك للمجبراتى إما بسبب اعتقاد موروث لديهم بأن المجبراتى أفضل من الطبيب الذى حول المهنة إلى تجارة أو عدم قدرتهم على دفع «فيزيتا» الأطباء ذات الثمن المرتفع خاصًة فى ظل انخفاض سعر «فيزيتا» عم عبدالمطلب.
السيد منعم - 46 عامًا - سائق من المنصورة - أكد أنه منذ ولادته وهو يذهب إلى المجبراتى للتداوى هو وجميع أفراد عائلته، فهم لا يثقون فى كلام الأطباء خاصًة أن معظم الأطباء داخل المستشفيات حديثى التخرج يجعلون المواطنين فئران تجارب لهم.
أما إبراهيم عيد - 61 عامًا - مشرف عمال من المنصورة - أوضح أنه لا يستطيع تحمل ثمن الكشف فى عيادة الطبيب الخاصة، ولن يستطيع شراء قائمة الأدوية الطويلة التى حررها الطبيب مجاملًة لصيدلية زميل له.
أما أهالى قرية دقادوس بميت غمر، فقال محمد محروس – 34 عامًا – إن الشفاء لا يأت إلا على يد المجبراتى، فهو فى كثير من الأحيان يذهب للمريض فى منزله، يوقع عليه الكشف الطبى ويعالجه أيضًا وهو فى فراشه مقابل مبلغ مالى زهيد.
«إيده فيها الشفا» هذا ما بدأت به حديثها نفيسة عاطف - 65 عامًا صاحبة كشك بالقرية - كتعبير عن مدى رضائها عن أداء عائلة المجبراتى، وترى أن مثل هذا الرجل لابد أن تستفيد من خبرته وزارة الصحة، فهذه العائلة بالكامل ورثت المهنة على مدار عقود ماضية.
ووافقها الرأى سعد على - 45 عامًا -عامل - أن الطب الشعبى موجود منذ وجود أجدادنا الفراعنة، وواصل: وظلت تتوارث حتى وصلت لعائلة عبدالمطلب، ذلك الرجل الذى يشفى كل من ذاق آلام المرض.
دكان التجبير
لم يكن من السهل علينا الوصول إلى «دكان» المجبراتى، ومعرفة طبيعة العمل فيه، فأرسلنا أكثر من وسيط بحجج متعددة كى نتمكن من معرفة أدق التفاصيل لهذا الطب الوهمى والمزيف، إلا أن جميع أفراد العائلة قابلوا جميع طلباتنا بالرفض، إلى أن جاء بصحبتنا متطوع قرر أن يقوم بتمثيل دور مريض كى نتمكن من اختراق دكاكين الطب الوهمى.
وجدنا أنهم عائلتان بكامل أفرادهما يعملون فى «التجبير والتدليك والحجامة وكاسات الهواء» وكل عائلة منهم لها 3 «عيادات» كما يطلقون عليها، اثنتان فى محافظة الدقهلية «قرية دقادوس ومركز المنصورة ومركز منية النصر»، العمل يبدأ من الساعة 10 صباحًا، وحتى 8 مسًاء أو حتى آخر مريض موجود، المكان عبارة عن محل صغير جدا عتم ورائحته كريهة فهى مختلطة بين رائحة العفن والمراهم والدهانات التى يستخدمها، به طاولة عليها مجموعة أخشاب تستخدم فى عمل الجبيرة، وقطع من القطن تملأ أرض المكان، وقطع شاش أيضًا، وصندوق آخر به أدوات مجهولة المصدر يعتمد عليها فى عمل ما يطلق عليه التدليك، كما يوجد داخل المحل كرسى خشبى يجلس عليه المريض، وطاولة قصيرة يضع عليها قدمة، وسرير طبى صغير يشبه الموجود بالمستشفيات يستخدم أثناء التدليك والحجامة.
الغريب أن «عبدالمطلب» لم يقتصر على عمل الجبائر وغيرها بنفسه فقط، ولكن وصل الوهم ليقنع ذاته أنه طبيب بحق، فقام بتعيين 4 أشخاص أشداء ذات بنيان جسدى قوى كطاقم تمريض يساعدونه فى العمل، فوظيفتهم أن يقوم اثنان منهم بتقييد المريض وتثبيته والاثنان الآخران يقومان بكسر عظامه التى قد جربت خطأ على أيدى الأطباء فى المستشفيات أو العيادات الخاصة على حد قوله.
أما الكشف فتجد أمام العيادة «المحل» عددًا كبيرًا من المرضى خصص لهم المجبراتى مكانًا للجلوس، يستقبل المرضى هو ومساعديه بالترتيب حسب أسبقية الوصول، يتم إدخاله المحل ومعه شخص أو اثنان من مرافقيه على الأكثر، والباقى ينتظر بالخارج، وبمجرد دخول المريض تجد صرخاته تتعالى لتملأ المكان، وحينها سألنا عن سبب صراخ المرضى عقب دخولهم، علمنا أن ذلك بسبب تكسير عظامهم لتجبيرها من جديد، وبمجرد الإنتهاء يدخل شخص آخر وهكذا، ولكن فى حالة بقاء مريض فترة طويلة بالداخل لإجرائه أكثر من نظام علاج يخرج المجبراتى للمرضى ويقوم بتوقيع الكشف عليهم بالترتيب.
المتطوع والمجبراتى
عندما جاء دور المتطوع المرافق لنا خرج له المجبراتى خارج المحل، سأله عن شكواه، فأخبره بأنه يعمل سائق ويعانى من ألم شديد فى قدمه اليمنى بل إنه يزداد بشدة أثناء القيادة، فطلب منه الجلوس على الأريكة الموجودة بالخارج، وأحضر واحدًا من طاقم تمريضه، قام برفع قدم المتطوع وتثبيتها، وقام بالضغط عليها من بداية منطقة الركبة وحتى أطراف أصابعه، ولكن عندما وصل لمنطقة معينة فى قدم المتطوع توقف المجبراتى عندها وقال للمتطوع هذه هى منطقة العلة والتى تتسبب فى ألمك، علمًا بأن المتطوع لم يخبر المجبراتى بأنه هذه المنطقة تؤلمه فعلًا حتى نرى هل سيعرف المجبراتى العلة وتشخيصها أم أنه دجال ونصاب، واستكمل المجبراتى حديثه مع المتطوع وأخبره أن هذه المنطقة بها «شرخ» فى العظم منذ أكثر من سنة، تم تجبيره ولكن من الواضح أن الجبيرة تم نزعها قبل إتمام الشفاء أو قبل موعدها المحدد، وأنه سيقوم بعمل جبيرة جديدة له على أن تبقى لمدة 14 يومًا ولا يقوم بنزعها المتطوع من تلقاء نفسه حتى وإن اتسخ الرباط الخارجى لها، فقط يأتى للمجبراتى وهو الذى يتولى أمر وضع رباط جديد خلفًا عن القديم.
كتب المجبراتى مجموعة طلبات فى ورقة بيضاء، وطلب منا إحضارها من صيدلية موجودة فى الشارع الخلفى له، وهى « 4 لفات رباط شاش أصغر مقاس، 2 كيس قطن، عبوة سبيرتو، جيل لفك العضلات»، بالفعل ذهبناإلى الصيدلية إلا أننا وجدناها خاوية خالية يقتصر عملها على بيع طلبات المجبراتى، ووجدنا أنفسنا ضمن طابور طويل من زبائن المجبراتى موجود داخل الصيدلية لصرف «روشات طلبات المجبراتي»، وبعد قرابة 15 دقيقة جاء دورنا فى الشراء، أعطينا ورقة الطلبات للصيدلى الموجود، وتحدثنا إليه لنسأله عن المجبراتى وهل هو شخص ذو علم كما ذيع صيته؟ وبالفعل جاء كلامه مؤكدًا لذلك، وأنه رجل متمكن فى عمله هو وأفراد عائلته، فهناك طبيب صاحب شهادات ودراسات متعددة ولا يفقه شيئًا، وفى النهاية أخذنا منه الطلبات والتى كانت قيمتها 45 جنيها، ثم عدنا إلى مكان المجبراتى مرة أخرى.
حقيقة مرض المتطوع
عندما عدنا مرة أخرى إلى مكان المجبراتي، انتهزنا فرصة انشغاله بمريض آخر داخل المحل وسألناه هل هو بالفعل يعانى من ألم حقيقى فى قدمه؟ وهل حدث له إصابة فيها «شرخ» من قبل ولم يكمل فترة العلاج؟ المفاجأة أنه أجابنا بصحة كلام المجبراتى وأن إصابته كانت منذ سنة ونصف، وقام بتجبير قدمه إلا أنه أزال الجبيرة لأنها كانت تُعيقه عن عمله الذى هو مصدر رزقه الوحيد، ثم خرج له المجبراتى ومساعده، وطلب من المساعد رفع قدم المتطوع وتثبيتها، وأحضر نوعان من المرهم بالإضافة لجيل فك العضلات الذى أحضرناه من الصيدلية، وقطعة خشبية صغيرة بطول «الشرخ» الموجود بقدم المتطوع، قام بتدليك قدم المتطوعة بالدهانات، ثم لفها بالقطن وبعد ذلك وضع القطعة الخشبية ووضع فوقها طبقة أخرى من القطن، ثم قام بفك علب الشاش وربط قدم المتطوع، وحدد له الراحه التامة لمدة 3 أيام والامتناع عن القيادة، وبعدهم يعود إلى عمله ولكن مع مراعاة عدم الوقوف أو المشى لفترة طويلة حتى إنتهاء فترة التجبير.
الفيزيتا
بعد الانتهاء من الكشف وعمل العلاج اللازم كنا نتوقع أنه سوف يطلب منا مبلغاً مالياً كبيراً فى مقابل الكشف والتشخيص والعلاج فى نفس الوقت، ولكن علمنا من زبائنه الدائمى التردد عليه أنه يرضى ولو بالقليل، وأنه يساعد الجميع كلًا على حسب حالته المادية، وبالفعل عندما انتهى من عمله سألناه عن المبلغ الذى يريده طلب من 90 جنيها، ولكن رفضنا دفع هذا المبلغ وأوضحنا له أنه أكثر مما كنا نتوقع خاصًة أننا قمنا بشراء أدوات التجبير، وفى النهاية أعطيناه 50 جنيهًا، وبالفعل لم يعترض.
مهنة الجدود
أثناء قيام المجبراتى بربط قدم المتطوع دار حديث بيننا وبينه، سألناه عن كيفية معرفته أوجاع المرضى رغم عدم دراسته الطب أو حتى حاصل على معهد تمريض؟، ومن أين يأتى بكل هذه الجرأة فى تجبير العظام بدون عمل الأشاعات اللازمة والتى لا يقبل الطبيب المختص على التجبير دونها؟، وتحمل مسئولية تكسير عظام شخصًا ما وإعادة تجبيره من جديد، فأجاب علينا بأنه تربى فى وسط عائلة تمتهن الطب الشعبى على مدار أعوام ماضية كثيرة، واستطرد: كنت أقف أشاهد أجدادى وهم يعالجون المرضى وتخفيف الألم عنهم، وبعد ذلك كنت أُشارك والدى العمل حتى تمكنت من علاج المرضى بالطب الشعبي، وعملى ليس هدفه الربح كحال معظم الأطباء، ولكنه عمل إنسانى بحت لوجه الله، والشعور بالسعادة لتخفيف المرض عن المرضى خاصًة الفقراء منهم، ولدى خبرة أتحدى بها أكبر أطباء العظام والعلاج الطبيعي.
زبائن المجبراتى
عدد كبير من المرضى ومرافقيهم أمام محل المجبراتي، جميعهم يؤكدون أنه أفضل وأمهر من الأطباء، وهذه لم تكن المرة الأولى فى التعامل معه، وعالج عدداً كبيراً من مرضاهم، بالإضافة إلى أنه رحمهم من جشع العيادات الخاصة لأنه لا يفرض مبلغًا ماليًا على أحد، ويراعى الحالة المادية للجميع.
قالت نجوى عبدالرحمن - زوجة أحد المرضى - جئت مرافقة لزوجى كى يجبر يديه عقب تعرضه لحادث، وواصلت: عقب تعرض زوجى لحادث أليم نتج عنه كسور فى ذراعيه، ذهبنا إلى المستشفى وعقب الفحص والاشعات قرر الطبيب «تجبيس» زراعى زوجى، على أن يبقى زراعيه فى الجبس لمدة شهر، وبعد انتهاء المدة ونزع الجبس لم يشعر زوجى بأى تحسن ولكن استمر ألمه وشكواه، حتى دلنا أحد أقاربنا على «عم عبدالمطلب» وبالفعل جئنا إليه وقام بكسر واحد من ذراعيه وتجبيره من جديد لمدة شهر ونصف، وعقب نزع الجبيرة وجدنا ذراعه قد شفى ولم يعد يشتكى منه، ولذلك نحن هنا اليوم لتجبير الآخر.
وتابعت كريمة سعيد - ربة منزل - أعانى من آلام فى العمود الفقرى «عرق النسا» وبعد رحلة عذاب مع الأطباء لم أتحسن وكنت لا أستطيع حتى القيام بأعمال المنزل، إلى أن علمت بأمر «عم عبدالمطلب» وبعد فحصه لحالتى أخبرنى بأننى فى حاجة إلى عمل كاسات هواء، وتدليك بمجموعة «مراهم وجيل» لتدليك فقرات الظهر، وبالفعل بدأت فى عمل الجلسات وأشعر بتحسن كبير.
وأوضح محمد حسين - 37 عامًا - أنه كان يعانى من ألم شديد فى فقرات رقبته يصل إلى فقده الشعور بأطراف أصابع يده، ولم يستطع الأطباء تحديد العلة رغم الفحوصات والأشعات التى أجراها، وفى النهاية توصل لعائلة الطب الشعبي، والذى حدد له عمل «الحجامة، وكاسات هواء» وعقب خروج الدم الفاسد من كتفه ورقبته شعر براحة كبيرة، ويأتى من حين إلى آخر لعمل جلسات خاصة بفقرات ظهره.
نقابة الأطباء
ومن جانبه قال الدكتور رشوان شعبان – أمين عام مساعد نقابة أطباء مصر- أن أكثر من %40 من المصريين يلجأون إلى الطب الشعبى والعلاج بالأعشاب والدجل وغيره من الخرافات، وواصل: لم يقتصر الاتجاه هذه الفئة من قبل الفقراء فقط ولكن من جميع طبقات الشعب سواء من المتعلمين أو الأميين، ومن الأغنياء والفقراء، وأرجع هذا التصرف إلى اعتقاد بعض المواطنين أنه هذا العلاج أكثر فعالية وأمان لأنه طبيعى نظرًا لخوفهم من التركيبات الدوائية الكيميائية، وأن الطب الشعبى متعارف عليه منذ الفراعنة.
وأوضح أن وزارة الصحة ونقابة الأطباء ليست مسئولة عن التفتيش عن هؤلاء أو القبض عليهم فليس لدينا ضبطية قضائية، واستطرد: فهى مسئولية شرطة الآداب أولًا، وإدارة العمل الحر والمؤسسات غيرالحكومية.
وأضاف أنه الجهات المسئولة لا يمكنها التحرك إلا فى حالة وجود شكوى من إحدى الحالات التى تضررت، أو أحد جيران المجبراتي، وتابع: أُناشد المواطنين بالتعاون مع الجهات المسئولة للقضاء على المخالفات المجتمعية الموجودة.
وزارة الصحة
وتابع الدكتور صابر غنيم - وكيل وزارة الصحة لشئون التراخيص والمؤسسات غير الحكومية – أن عمل التجبير فقط غير ممنوع وليس له عقوبة قانونية، أما عمل الحجامة وكاسات الهواء وغير ذلك، فغير قانونى وممنوع، وواصل: من يتم الوصول إليه يعاقب بالقانون.
وأضاف أن الإدارة تقوم بعمل تحريات حول هؤلاء الأشخاص، وفى حين ثبوت المخالفة عليهم يتم محاسبتهم بالقانون، وأكد أنه سيتولى أمر مجبراتى الدقهلية، وإذا ثبت أن عمله يتعدى التجبير سيتم تشميع مقره، ومحاسبته قانونيًا.
قمنا بالاتصال عدة مرات، وإرسال رسائل للدكتور سعد مكى - وكيل وزارة الصحة بالدقهلية - إلا أنه لم يجب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.