تكمن أهمية التنافسية فى ضرورتها لتحقيق رخاء الدول، من خلال إدارة الموارد المتاحة بأقصى كفاءة ممكنة، مما يؤدى إلى تعظيم الاستفادة من المزايا التى يوفرها الاقتصاد العالمى والتقليل من سلبياته، حيث تعتبر التنافسية أهم وسيلة لتطوير قدرة الاقتصادات المتقدمة والنامية على التعايش فى ظل بيئة دولية منسجمة مع العولمة وتحرير الأسواق تحت شعار البقاء للأفضل، وذلك لكون التنافسية مؤشراً للقوة الاقتصادية، فقوة أى دولة من قوة اقتصادها بمعنى تفوقه على الاقتصادات الأخرى وقدرته على منافستها داخلياً وخارجياً. وذلك نتيجة لحدوث تحول فى المفاهيم من المزايا النسبية التى تعتمد على ما تتمتع به الدولة من موارد طبيعية وبشرية، مناخ مناسب وموقع جغرافى متميز..، إلى آخره من العوامل التى تسمح بإنتاج سلع رخيصة فى الأسواق العالمية، إلى المزايا التنافسية التى تعتمد على التوصل إلى اكتشاف طرق جديدة لإنتاج سلع وخدمات ذات خصائص فريدة ومتميزة ومبتكرة وجودة عالية وقيمة مضافة مرتفعة من خلال الإدارة والمعرفة وقيام التحالفات الاستراتيجية وإنشاء الترابطات الشبكية. وتعرف التنافسية، وفقاً للمنتدى الاقتصادى العالمى، بأنها مجموعة المؤسسات والسياسات والعوامل التى تحدد مستوى الإنتاجية فى الاقتصاد. وتعتبر الدول أكثر تنافسية عندما تكون أقدر من غيرها على النمو فى المدى المتوسط والطويل. ونستطيع القول بأن تنافسية دولة ما تقترن زيادة نسبة مساهمتها فى التجارة العالمية أو التدفقات المالية بزيادة الدخل وتحسن مستوى معيشة أفرادها دون تدهور ميزان مدفوعاتها أو زيادة أعباء ديونها فى المدى الطويل، كما تقترن بأداء الاقتصاد وتوفير مناخ ملائم للاستثمار بصفة عامة، وأداء القطاعات الخاضعة للمنافسة بصفة خاصة بشكل يضمن التحسن المستمر فى حصصها السوقية. وتحرص المنظمات الدولية على إمداد المستثمرين وصناع القرار بالتقارير التى تحتوى على مؤشرات ترصد جميع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتساعد فى الكشف عن القدرات التنافسية لدول العالم ومدى جاذبيتها للاستثمارات وتحديد أهم المعوقات التى تمنعها من جذب المستثمرين الأجانب. وتوجد صلة قوية بين ترتيب الدولة أو درجة تقييمها وفقاً لتلك المؤشرات وبين ما تجذبه من استثمارات. ويعتبر تقرير التنافسية العالمى الذى يصدره المنتدى الاقتصادى العالمى مؤشراً أساسياً لقياس القدرة التنافسية لدول العالم على النمو لتحقيق التنمية المستدامة وزيادة الكفاءة الإنتاجية باستخدام أحدث التقنيات وتحسين مناخ الأعمال، كما يعتبر وسيلة مهمة لتوضيح نقاط القوة والضعف فى بيئة الأعمال وأداة مهمة لتوجيه السياسات الاقتصادية للدول المختلفة لتعزيز تنافسيتها وتقليل مدى تأثرها بالأزمات العالمية. ويتم حساب المؤشر الإجمالى للتنافسية العالمية عن طريق جمع البيانات المتعلقة بعدة مؤشرات فرعية تمثل الدعائم الأساسية للتنافسية لتكون جميعها صورة شاملة للوضع التنافسى للدولة، وتتمثل هذه المؤشرات فى كل من: 1- المتطلبات الأساسية (المؤسسات، البنية التحتية، بيئة الاقتصاد الكلى، الصحة والتعليم الابتدائي). 2- معززات الكفاءة (التعليم العالى والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور الأسواق المالية، الجاهزية التكنولوجية، حجم السوق). 3- عوامل التطور والابتكار (تطور بيئة الأعمال، الابتكار). ووفقاً لنتائج تقارير التنافسية خلال السنوات 2010-2016، نجد تراجعاً مستمراً فى مؤشر التنافسية الإجمالى لمصر من المركز 81 من 139 دولة (تقرير2010-2011) إلى المركز 119 من 144 دولة (تقرير 2014-2015)، ثم تحسن بعد ذلك الترتيب ليصل إلى المركز 115 من 138 دولة (تقرير 2016-2017). وتبرز أهمية تحديد مواطن القوة والضعف فى الاقتصاد المصرى فى دعم صانعى القرار فى ترتيب أولوياتهم ودعم قراراتهم المستقبلية الخاصة بتحسين السياسات الاقتصادية وتخصيص الموارد اللازمة لتعزيز القدرات التنافسية للاقتصاد المصرى. ولتحديد مواطن قوة وضعف الاقتصاد المصرى، وفقاً لتقرير التنافسية لعام 2016 - 2017، يجب أولاً معرفة أداء الاقتصاد المصرى فى المؤشرات الفرعية ال 12 المكونة للمؤشر الإجمالى للتنافسية. ويعتبر المؤشر الفرعى موطن قوة عند حصول مصر على ترتيب أفضل فى ذلك المؤشر مقارنة بالترتيب العام لها (115) مما يساعدها فى تعزيز تنافسيتها فى المستقبل. كما يعتبر المؤشر الفرعى موطن ضعف عند حصول مصر على ترتيب متأخر فى ذلك المؤشر مقارنة بترتيبها العام مما يستلزم ضرورة دراسته ومعالجته لتحسين التنافسية فى المستقبل. وقد تمثلت مواطن قوة الاقتصاد المصرى فى المؤشرات الفرعية التى حققت فيها مصر مراكز متقدمة عالمياً مقارنة بالترتيب العام لها، وشملت كلًا من: المؤسسات (87)، البنية التحتية (96)، الصحة والتعليم الأساسى (89)، التعليم العالى والتدريب (112)، كفاءة سوق السلع (112)، تطور الأسواق المالية (111)، الجاهزية التكنولوجية (99)، حجم السوق (25)، تطور بيئة الأعددمال (85). بينما تمثلت مواطن ضعف الاقتصاد المصرى فى المؤشرات الفرعية التى حققت فيها مصر مراكز متأخرة عالمياً مقارنة بالترتيب العام لها، وشملت كل من: الاقتصاد الكلى (134)، كفاءة سوق العمل (135)، الابتكار (122).