يبدو أن الصراع والمنافسة من أجل تبوأ مكانة عالمية متقدمة أصبحا سمة مشتركة للعديد من الدول الساعية لمغادرة نادى الدول النامية والدخول إلى نادى الدول المتقدمة، ويبدو أن كلمة السر فى ذلك التنافس هو عام 2030، الذى تتخذه تلك الدول كتاريخ لتحقيق ذلك الهدف المنشود، حيث وضعت بعض الدول خططا واستراتيجيات تسير عليها حتى ذلك العام لتصل إلى مركز محدد بين الدول المتقدمة اقتصادياً. تعتبر إندونيسيا رغم عدم إعلانها عن خطة أو استراتيجية محددة لعام 2030، إلا أن مراكز الأبحاث والمعاهد المتخصصة ترشح اندونيسيا لتحل محل بريطانيا كسابع أكبر اقتصاد فى العالم بحلول عام 2030، وذلك بشرط أن يستمر معدل النمو الاقتصادى فى البلاد الذى ينمو بوتيرة متسارعة وثابتة عند ذلك المعدل، حيث وضعت اندونيسيا مجموعة من الخطط الطموح حتى عام 2030 لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المنشودة خلال تلك الفترة. يعول المخطط الاندونيسى فى خططه الطموح على الموارد البشرية، خاصة أن نسبة الشباب بين سكان اندونيسيا تشكل تزايداً ملحوظاً، هذا إلى جانب استمرار التوسع العمرانى، ونمو مستويات دخل الطبقة المتوسطة، يضاف إلى ذلك تزايد النمو السكانى خلال السنوات المقبلة، حيث من المقرر أن يزداد عدد سكان البلاد 90 مليون نسمة بحلول عام 2030، من المفترض أن يشكلوا قوة استهلاكية، كما سيبلغ حجم قطاع الخدمات 1.1 تريليون دولار، كل ذلك يجعل آفاق النمو مواتية للوصول إلى ذلك الهدف الذى تسعى إليه اندونيسيا لتكون ضمن السبع الكبار اقتصادياً فى العالم. حافظت اندونيسيا على معدل نمو للناتج المحلى الإجمالى بأكثر من 5% سنوياً، ويتوجب عليها أن ترفع تلك النسبة إلى 6% سنويا لتحقيق هدفها المنشود بالوصول إلى المرتبة السابعة بحلول 2030، حيث تعد رابع أكبر دولة فى العالم من حيث عدد السكان البالغ عددهم 240 مليون نسمة، ويحتل اقتصادها المرتبة السادسة عشرة عالمياً من حيث الناتج القومى الإجمالى. تمتلك إندونيسيا اقتصاداً أكثر ديناميكية وحداثة وتطوراً، حيث حقق نمواً كبيراً خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، ويعد أكثر استقراراً اقتصادياً من دول مجموعة البريكس «الصين، روسيا، الهند، البرازيل، جنوب إفريقيا» التى تعتبر أكثر الاقتصاديات العالمية نمواً، فالاقتصاد الاندونيسى يعتمد بدرجة أساسية على قطاعى التصدير والخدمات، إذ يشكل قطاع التصدير بشكل عام 35 % من الناتج القومى الإجمالى، منها 16 % مواد أولية خاصة النفطية ومنتجات الغابات. يعتمد الاقتصاد الاندونيسى على التنوع خاصة فى قطاعى الصناعة والزراعة، حيث تمتلك إندونيسيا ثروات طبيعية كبيرة، وقطاعاً زراعياً متطوراً، وثروة سمكية هائلة، إضافة إلى العديد من المعادن تحت الأرض أهمها الفحم الحجرى والذهب والغاز، أما قطاع الصناعة فيعتمد على الصناعات الثقيلة خاصة فى جزيرة جاوا مثل صناعة السيارات، ويعتمد قطاع الصناعة بشكل عام على نحو 60% من المواد الأولية المحلية المنشأ، مقابل 40% من المواد المستوردة، مع وضع خطط طموح لزيادة نسبة المدخلات المحلية على حساب المدخلات المستوردة حتى عام 2030، كما تشكل صناعة المنسوجات أحد أهم ركائز الصناعة الإندونيسية، إذ تستحوذ على ما يقرب من نصف احتياجات الطبقة المتوسطة فى البلاد. لم تكن اندونيسيا فى خطواتها بعيدة عن العمل والتعاون المشترك مع الآخرين، خاصة من خلال مجموعة «آسيان» وعلاقات التعاون بين المجموعة وبين كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية، فقد عملت « آسيان» على زيادة عملية الاندماج والتكامل فيما بينها، الأمر الذى من شأنه أن يزيد من الناتج المحلى الإجمالى لدول المجموعة من 2.5 تريليون دولار عام 2015، إلى 4.7 تريليون دولار بحلول عام 2020، ولذلك تعمل «آسيان» على إزالة كافة الحواجز أمام حركة التجارة بين دول المنظمة، وتعزيز الروابط الاقتصادية مع القارة الآسيوية وجميع دول العالم. تعتمد اندونيسيا فى تخطيطها الاقتصادى على الاهتمام بتطوير البنية التحتية، واعتماد نظام الصكوك الإسلامية باعتبارها أكبر الدول الإسلامية، والاهتمام بالاقتصاد المبدع الذى يعتمد على التنوع والابتكار فى طرق وفنون الإنتاج، وتطوير قطاع السياحة، وبناء الشركات الصغيرة والمتوسطة، التى تعتمد فلسفتها على نمو تلك الشركات لتتحول إلى شركات كبرى قائدة لقطاعات الاقتصاد المختلفة.