احتفل الإعلام المصري في (السر) بعيد الإعلام بمناسبة يوم بث أول إذاعة وطنية (يوم 31 مايو 1936) ومع ذلك فإن الإعلام المصري بكل تنوعه من تليفزيون وفضائيات وجرائد ومجلات وغيرها من وسائط الإعلام يدين بالفضل كله للإذاعة المصرية، وكنت قد كتبت أكثر من مقال موجهاً ندائي إلي وزير الإعلام، سواء كان "صفوت الشريف وحتي "أنس الفقي" في أهمية الاهتمام بمبني الإذاعة في (شارع الشريفين) وذلك بعد أن استضافتني (محطة إذاعة القاهرة الكبري) في حديث علي الهواء مباشرة وقمت بتفقد الاستوديوهات حيث كانت تسجل "أم كلثوم" في استوديو (35) وحيث أطلق الشيخ "محمد رفعت" أذانه الشهير وتلاوته للقرآن الكريم في بدء بث الإذاعة المصرية من القاهرة، وتفقدت أيضاً الاستوديوهات التي أطلق منها "محمد أنور السادات" أول بيان لثورة يوليو 1952 وكذلك الاستوديو الذي خاطب فيه الرئيس "جمال عبد الناصر" شعب مصر بعد الانفصال في الوحدة بين "مصر وسوريا" عام 1961 كل هذا التاريخ الزاخر، مهمل ولا يكترث به أحد علي الإطلاق. المبني متقادم جداً، ويقع بجانب مبني البورصة والشوارع في العاصمة المصرية في تلك المنطقة، كان قد نالها بعض الاهتمام في عصر "د. كمال الجنزوري" فعاد إليها بهاؤها ومنعت السيارات من المرور فيها، وأصبحت ترتاد من سكان القاهرة، حيث تفترش تلك الشوارع بكراسي المقاهي والكافيهات، شيء جميل ولكن مبني الإذاعة ليس مسئولاً عنه ولا مالكاً له، حيث كان الجميع مشغول بما يتم في دهاليز (ماسبيرو)! واليوم أكتب مرة أخري عن مبني الإذاعة في (شارع الشريفين) الذي يجب أن تهتم به هيئة مصرية محترمة كهيئة الآثار أو تركه لأي جمعية أهلية لكي تتولي إنشاء متحف لذاكرة الوطن، وتقيم متحفا للتراث الإذاعي المصري، ونجومه وكتابه وأدبائه وثواره، وفنانيه من موسيقيين ومطربين ومؤلفين. فهنا ولد "عبد الحليم حافظ"، "وفريد الأطرش" و"فايزة أحمد" وأم كلثوم "وعبد الوهاب"، كانت حفلاتهم تنقل عبر هذا المبني إلي العالم العربي فوحدتهم جميعهم علي صوت مصر، "هنا القاهرة" حتي جاءت محطة إذاعة "صوت العرب"، لكي تحول البلاد الطالبة للتحرر إلي جهنم حمراء في وجه أعدائهم، وعلي رأس هذه الدول الشقيقات "الجزائر، وفلسطين، والسودان، والكونغو، والعراق، والكويت"، عشرات وآلاف من المواقف المسجلة في هذا المبني تحتاج لعناية المصريين. وبمناسبة الكتابة عن الإذاعة وحيث كتبت عمودا منذ أسبوعين أشيد بمحطة وليدة "لعبد الحليم حافظ"وأخري "لأم كلثوم" وفرحنا بهما كمصريين ومستمعين، إلا أن فجأة وبدون سابق إنذار اختفت تلك المحطتين بعد نجاحهما، وقيل في المقاهي إن المحطتان سحبتا المستمعين من بقية المحطات! فهل هذا منطق؟، أو هذا تصرف طبيعي من مسئولي الإذاعة المصرية، مطلوب مخاطبتنا كمستمعين لإذاعة بلادنا، ماذا يحدث بشفافية؟ ويجب أن تصاغ تلك البرامج والمحطات بما يحب ويهوي شعب مصر!