إجراءات ضرورية لإنجاح مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة

أعلن البنك المركزى ،منذ أيام،عن طرح مبادرة لإتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كان أهم عناصرها استهداف إتاحة تمويل بقيمة 200 مليار جنيه خلال 4 سنوات، وتخفيض الفائدة إلى 5% متناقصة،إلى جانب إمكانية خصم القيمة التمويلية التى تتيحها البنوك من الاحتياطى الالزامى.
لكن ورغم أن المبادرة برّاقة،وتحمل الكثير من التسهيلات لضخ التمويلات البنكية للمشروعات الصغيرة،إلا أن ثمة إجراءات لابد أن تقوم بها الحكومة خلال الفترة المقبلة من أجل إنجاح المبادرة،وجعل المشروعات الصغيرة قوة دفع لمعدلات النمو الاقتصاى، وذلك لتفادى النتائج الهزيلة التى حققتها مبادرات سابقة،وإجراءات منفردة قامت بها جهات أو وزارات، أو بنوك فى سنوات سابقة.
أما الإجراء الأول الذى لابد أن تسارع الحكومة فى اتخاذه هو إصدار قرار بتأسيس جهة تنظيمية للمشروعات الصغيرة، تكون هذه الجهة هى المسئولة عن التخطيط للمشروعات الصغيرة، وتوفير التدريب اللازم، بالتعاون مع المعهد المصرفى والصندوق الاجتماعى للتنمية، وتوفر دراسات جدوى جاهزة للمقبلين على تأسيس مشروعات صغيرة، وإعطاء النصائح اللازمة للمستثمرين الصغار.
وتساهم الهيئة الجديدة فى التشبيك بين جهود الحكومة والقطاع الخاص،و منظمات الأعمال من جمعيات المستثمرين، واتحاد الصناعات،واتحاد الغرف التجارية.
أما الإجراء الثانى فيتمثل فى ضرورة قيام وزارة المالية بإعداد برنامج خاص للإعفاءات والتسهيلات الضريبية للمشروعات الصغيرة، بحيث يجد المستثمر معاونة من الضرائب، لا تضييقًا عليه من العام الأول لبدئه النشاط، وإن كانت هناك قرارات فعلية بتسهيلات، لكنها مازالت مشوهة، ولا تقدم اللازم للمستثمرين من أجل تحفيزهم للبدء فى أعمالهم، وكذا لتشجيع من يعملون بالسوق غير الرسمية ،للدخول فى السوق الرسمية للاستفاة من مبادرة التمويل البنكى، والتوسع فى حجم الأعمال.
أما العنصر الأهم، والذى تراه جمعيات المستثمرين حيويًا، هو أن تتجه البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة الجديدة، وليست القائمة فقط، لأن هناك عدداً كبيراً من البنوك، ترفض إتاحة التمويلات للمشروعات الصغيرة الجديدة، وتطلب نتائج أعمال لثلاثة أعوام مالية متتالية، وهو الأمر الذى يصعّب على المستثمرين، ويجعل التوسع فى المشروعات الصغيرة أمرًا محل شكوك.
أما الإجراء الرابع، فيتمثل فى إمكانية قصر إنتاج عدد من السلع على المشروعات الصغيرة، بحيث لا تجد هذه المشروعات نفسها أمام مستثمرين كبار يلتهمون السوق، فتضطر إلى إغلاق أبوابها، وأن يتم التنسيق بين هذه المشروعات والمشروعات الكبرى، بحيث يكون هناك تشبيك للإنتاج،فتقوم المشروعات الصغيرة بإنتاج السلع الوسيطة التى تحتاجها المشروعات الأكبر.
لا يقتصر الأمر على ذلك بل يمتد إلى ضرورة أن تتجه الحكومة لإنشاء مجمعات صناعية وتجارية للمشروعات الصغيرة، وأن يتم التسهيل على من يقومون بإنشاء مشروعاتهم بالمناطق الصناعية للحصول على التمويلات بشكل أكبر، وأن تكون هذه المجمعات متخصصة، على أن يتم توزيع هذه المجمعات جغرافيًا، بحيث يتم دعم الصناعات والمشروعات التى تناسب كل إقليم أو محافظة، وهو الأمر الذى يعزز من فرص التوسع فى المشروعات الصغيرة بشكل منظّم، وبما يدعم معدلات النمو الاقتصاى.
وبالنظر إلى عدد من التجارب الدولية الناجحة فى المشروعات الصغيرة، سنجد أن اليابان قامت بتشجيع إقامة المجمعات الصناعية والخدمية والقيام بتحديث المشروعات الصغيرة والمتوسطة القائمة ،وإنشاء بعض المؤسسات التمويلية لتوفير التمويل والدعم اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تأسيس برنامج يمكن عن طريقه حصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة على نفس المميزات والشروط التعاقدية الممنوحة للقطاع العام والحكومي.
وحصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة على بعض الحوافز الفنية والإدارية، إلى جانب دعم رجال الأعمال عن طريق تسهيل حصولهم على قروض بشروط ميسرة.
أما التجربة الهندية فقد بدأت فى عام 1984 فكرة STEP من خلال المركز القومى للأبحاث والدراسات (NRDC)، وتتمثل فكرة STEP فى إنشاء مؤسسة فنية أو معمل أبحاث متخصص يقوم بمساعدة أصحاب المشروعات الصغيرة من المستثمرين الجدد وتوفير المعاونة الفنية والتكنولوجية والتسويقية لهم خلال فترة زمنية محددة تتراوح عادة ما بين ثلاث إلى خمس سنوات ما يعمل على إخراج عناصر جديدة من شباب رجال الأعمال والمنظمين يتمتعون بمهارات تدريبية متطورة تساعدهم على تطوير مشاريعهم لمواكبة التطور العالمى فى تكنولوجيات المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وقد وضعت الهند نظاماً للإعفاءات الضريبية على أنشطة المشروعات الصغيرة والمتوسطة يتدرج عكسيا مع قيمة رأس المال المستثمر، بحيث تقل نسبة الإعفاء الضريبى تدريجيا مع الزيادة التدريجية فى رأس مال المشروع الصغير إلى جانب خلق نوع من التكامل بين المشروعات الكبيرة والصغيرة، حيث ألزمت المشروعات الكبيرة بتقديم جميع المعلومات المتاحة للمشروعات الصغيرة.