منذ فجر التاريخ ومصر تعرف الصناعات الصغيرة والحرف اليدوية، فاشتهرت معظم بلاد ومحافظات وقرى مصر بصناعات صغيرة تعتبر صناعات يدوية مثل «كليم فوه» و«السجاد الأسيوطى» واشتهرت مدن مثل «كرداسة» و«الحرانية» بصناعة «الملابس المطرزة»، وتنبهت الدولة لأهميتها منذ الثمانينيات وأنها تستوعب «الأيدى العاملة» فى صناعة الألومنيوم والأثاث المنزلى والرخام وأنها إذا تم استخدامها بشكل أمثل ستعد «قاطرة للتنمية» فى مصر. «روز اليوسف» التقت مع بعض أصحاب تلك المشروعات وتحدثت مع المسئولين القائمين على هذه المشروعات بالحكومة للتعرف على جميع الحقائق والمشكلات التى تواجههم داخل هذا التحقيق. نفى البداية قال محمود راغب - رئيس شعبة الأثاث المعدنى والأدوات المنزلية باتحاد الصناعات المصرية - إن صناعة الألومنيوم بميت غمر أصبحت فى خطر بعد الموقف السلبى بمحافظة الدقهلية بسبب المنطقة الصناعية رغم تخصيص مبلغ 89 مليون جنيه كدفعة أولى، ولم يتم العمل بها إلى الآن، وأشار راغب إلى أن عدم دخول الغاز الطبيعى إلى مصانع مدينة ميت غمر هو مقدمة لانهيار الصناعة، علما أنها تستخدم 3000 أنبوبة بوتاجاز يوميا من الحجم التجارى 25 كيلو، كما أن الغاز الطبيعى يبعد عن ميت غمر من 10 إلى 15 كيلو. وأشار إلى أن التعثر فى سداد القروض تسبب فى غلق 9 مصانع، كما أن انقطاع التيار الكهربائى أفسد الخامات المستخدمة فى التصنيع، حتى خفضت المصانع نظام العمل من 3 إلى وردية واحدة لانخفاض التوزيع، لافتا إلى توجه العملاء الأجانب إلى السوق الأوروبية بسبب عدم وجود معارض وأسواق محلية وخارجية، وانخفضت جودة الانتاج بسبب ضعف الامكانيات، كما أن دعم البنوك يوجه للمصانع الكبرى فقط. وطالب بإنشاء بنك صناعى لتوفير الإقراض بفائدة لا تتعدى 4% وإعادة النظر فى رسوم الضرائب العامة والمبيعات فى ظل حالة الركود التى تمر بها البلاد، كما أن استخدام أنابيب البوتاجاز تسبب انفجارات وتوفى سابقا 6 أشخاص بسبب ذلك، بينما يوفر الغاز الطبيعى 400%من قيمة الإنتاج. وقال عادل ياسين - مالك مصنع للرخام بالمنوفية - إن صناعة الرخام من الحرف القديمة فى مصر، لكن لم تكن الأولى لارتفاع أسعار الرخام والجرانيت، وقال إن التكنولوجيا الحديثة أصبح لها دور كبير فى ترويج هذا المنتج كما أنه ساعد فى تطوير الإنتاج، وعلى الدول أن تحمى هذه الصناعة بإقامة معارض خاصة بها والوقوف على أسعار المنتجات حتى لا يتحكم فيها صاحب المنتج ويعود بالسلب على التوزيع، مطالبا الحكومة بتحديد قيمة إيجارية للمصنع لمدة 3 سنوات فى المناطق الصناعية المتوافرة بالأقاليم، وتسهيل إجراءات الاقتراض من صندوق التنمية الاجتماعى بنسبة فائدة لا تتعدى 5% على القرض حتى تتوسع المصانع فى الإنتاج ولا تتدخل الواسطة والمحسوبية فى الاقتراض، وعلى الدولة أيضا تسهيل استخراج التراخيص اللازمة بنظام الشباك الواحد. ومن جهته قال محمد عبده - رئيس مجلس إدارة النقابة المستقلة لتصنيع الأثاث بدمياط - إن ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن الكهرباء من أهم المشكلات التى يعانى منها صناع الأثاث كما أن السوق المحلية تمر بمرحلة خطيرة، ولابد من إعادة الحكومة النظر فى توفير مناطق صناعية جديدة، وحماية تأمينية لصناع الأثاث، من أجل القدرة على تحسين جودة المنتج ورفع الكفاءة داخل المصانع. عادل عباس - صاحب مصنع أثاث بدمياط – قال إنه فى ظل النهضة العمرانية العملاقة التى تقام على أرض مصر لابد أن يكون لدمياط دور أساسي، مقترحا إنشاء شركة تحت مسمى «مركز دمياط للتجارة والتصنيع» ويكون عمله الأساسى هو تسويق جميع الأعمال الخشبية من أبواب وشابيك وعمل نماذج مختلفة من الأثاث المودرن والمطابخ المنخفضة التكاليف وتسويق هذه المنتجات فى معارض تقام فى مدينة دمياط الجديدة، وعرض جهاز كامل للعروسين بالتقسيط مشاركة مع بنك الإسكان والتعمير للتسهيل على المواطنين. ومن جانبه أكد د. صلاح جودة - الخبير الاقتصادى - أن الصندوق الاجتماعى للتنمية كان يقرض أصحاب المشروعات الصغيرة بشروط متعسفة فى معظم الأحيان، وهى أن سعر الفائدة لا يقل عن (8%) وأحيانا يصل إلى (13%) وهى نسبة مرتفعة، ويطلب ضامنا أو ضمانة عينية مثل (منزل أو قطعة أرض وخلافه) وحتى عام 2006 فإن 65% من المتعاملين مع الصندوق كان مصيرهم السجن، حتى عرفت عنابر بالسجون باسم الصندوق الاجتماعي، ومن هنا فقد الصندوق دوره المنوط به، ولم يحقق الهدف المنشود من إنشائه، وكانت حجة القائمين عليه أن ارتفاع سعر الفائدة مقابل المصروفات الإدارية ولمواجهة حالات التعثر مستقبلا، ويخالف ذلك القواعد المصرفية وقواعد الهدف النهائى للصندوق. واستطرد: هدف الصندوق هو توفير فرص عمل للشباب والخرجين والمبدعين، والاستفادة بالصناعات الصغيرة ومدخلات لصناعات أخرى كثيرة، وأعلنت الدولة مؤخرا أنها وضعت طرق المحاسبة للصناعات الصغيرة بما تختلف عن طرق محاسبة المشروعات والمنشآت المتوسطة والكبيرة، وهذا ليس كافيا، فلابد من وجود بنك لتمويل المشروعات والصناعات الصغيرة وتمويل الأفكار للشباب وغيرهم، وذلك بآلية متابعة المشروعات، وبفائدة لا تتجاوز 4% على القروض وتسدد على آجال طويلة لا تقل عن (5) سنوات، إضافة لإعفاء المشروع من جميع أنواع الضرائب والرسوم، وتدريب أصحابها. مشيرا إلى أن قيمة المنح المعطاة للصندوق تجاوزت خلال الثلاثة عقود الماضية (1985 – 2014) ال 93 مليار جنيه، وقيمة القروض ذات العائد خلال نفس الفترة (70 مليار جنيه) بفائدة لا تتجاوز نصف فى المائة، وعلى مدد لا تقل عن 10 سنوات، وأعاد الصندوق الاجتماعى إقراض هذه الأموال مرة أخرى للشباب ولكن بفائدة من 7 إلى 12%. ولفت إلى أن الصناعات الأولى بالرعاية هى التصنيع الزراعي، وتدوير المخلفات الزراعية لاستخراج الأسمدة الحيوية والأعلاف والفحم النباتى وغير ذلك، واستخراج الطاقة النظيفة من المخلفات مثل البيو جاز، وتدوير القمامة وإعادة تصنيعها لاستخراج الزجاج والكرتون والأسمدة الحيوية وغير ذلك وهذا ما يجعل البيئة نظيفة ويساعد على سلامة وصحة الإنسان. وأكدت سها سليمان - الأمين العام للصندوق الاجتماعى للتنمية - أن حجم تمويل الصندوق الاجتماعى للتنمية للمشروعات الصغيرة بلغ خلال فترة أبريل 2014حتى يوليو 2015 قيمة 3.178 مليار جنيه، وحازت المشروعات الصغيرة مبلغ 2.18 مليار جنيه لعدد 15.8 ألف مشروع ووفرت 66 ألف فرصة عمل، كما أن المشروعات متناهية الصغر حازت مبلغ 995 مليون جنيه لعدد 149.6 ألف مشروع وفرت 156 ألف فرصة عمل. وأشارت الأمين العام إلى أن الصندوق يعمل على تبسيط المستندات لمنح قروض مباشرة من خلال المكاتب الإقليمية المختلفة به، والمساهمة فى دمج القطاع غير الرسمى فى القطاع الرسمى من خلال تسهيل توفيق أوضاع تلك المشروعات من خلال الشباك الواحد وتوفير حزم تمويلية ميسرة لها، حيث أصدر رئيس مجلس الوزراء قرار رقم 1034 يهدف إلى تمكين وحدات الشباك الواحد التابعة للصندوق الاجتماعى للتنمية للقيام بجميع خدمات تأسيس وترخيص المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، من موافقات تراخيص وتصاريح التشغيل بجميع المحافظات مع تمتع جميع ممثلى الجهات بجميع تفويضات وصلاحيات إصدار الخدمة التى تقدم من داخل وحدة الشباك الواحد دون الرجوع إلى جهات عملهم. واستطردت: نعمل على تطوير نظام الشكاوى والاستفسارات وإنشاء قاعدة بيانات وتقارير إحصائية لها حيث يتم حاليا الرد بصورة سريعة وإيجابية على جميع الجهات سواء الداخلية أو الخارجية والتى من ضمنها الصفحة الرسمية للصندوق على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» والتى أظهرت الدور الإيجابى فى الرد على شكاوى وطلبات واستفسارات المواطنين، كما نبحث استحداث آلية جديدة لإقامة المعارض الإقليمية داخل المحافظات تقوم على إقامة معارض مجمعة لكل منطقة تضم مستفيدى الصندوق بمحافظات المنطقة. وننسق مع وزارة البيئة لتوفير التمويل اللازم لمشروعات كبس قش الأرز والذرة والاستفادة منها فى مجال توليد الطاقة الحيوية فى المحافظات التالية (الشرقية، الغربية، الدقهلية) كمرحلة أولى، وتوقيع اتفاقية تعاون مع هيئة الأممالمتحدة للمرأة (UN - WOMEN) بالتعاون مع إحدى الشركات والمؤسسات الأهلية، لتأهيل السيدات لبدء مشروعات صغيرة فى جميع المجالات، بهدف تدريب وتمويل 4000 سيدة من صاحبات المشروعات متناهية الصغر بمحافظات القاهرة والجيزة والفيوم وبنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج.