يبدو أن كلام القائمين علي الآثار بأنهم سيضربون بيد من حديد علي أي متعد علي منطقة آثرية ما زال حبراً علي ورق، فما تشهده منطقة آثار المطرية خير دليل علي ذلك، حيث تتعرض المنطقة لهجمة شرسة من أناس راحوا يتعدون علي أرض الآثار بل ويصرون علي إعادة بناء تعدياتهم بعد إزالتها وهو ما أثبتته مستندات حصلت عليها «روزاليوسف» تكشف عن وقائع إهمال وتعديات علي الآثار منذ سنوات وحتي الآن لم تتخذ حيالها أي إجراءات. أحد المستندات خطاب موجه إلي مدير إدارة الترميم بالمطرية من منطقة عرب الحصن ويحمل رقم 58 بتاريخ 28-5-2008 وموقع عليه من مدير المنطقة وكبير المفتشين يفيد بوجود آثار حريق علي الكتلة الحجرية الجرانيتية المنقوشة بالهيروغليفية وتمثال أبوالهول الذي تراكمت عليه الأملاح والرطوبة وزادت نسبتها نتيجة صرف الأرض الزراعية المجاورة لموقع التمثال، كذلك وجود آثار أملاح علي نقوش بوابة كبير الرائيين بمعبد الملك رمسيس وكذلك النقوش الهيروغليفية الأخري الموجودة علي الأعمدة وعتب بوابات المعبد، وانتهي الخطاب بالمطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لترميم ما تم تأكله وإزالة آثار الأملاح والرطوبة. مستند آخر عبارة عن مذكرة صادرة بتاريخ 24-7-2008 جاء فيها أن منطقة آثار العرايضة بعرب الحصن زادت بها نسبة التعديات نتيجة لعدم وجود حراسة بها حيث قام بعض الأهالي بالتعدي عليها وقام شخص يدعي «سمير كامل محمد إبراهيم» ببناء غرفة بدائية «عشة» من البوص داخل السور الأثري و«هدي حسين أحمد شحاتة» قامت بنفس التعدي و«أحمد كمال أبوعرضية» قام بكسر السور الأثري تمهيدا لعمل جراج سيارات و«سليمان حسين الأحمدي» قام بغرس أشجار داخل حفائر هيئة الآثار و«شحات حسن» قام بفتح البوابة الحديدية الخاصة بسور حفائر هيئة الآثار وعمل تشوينات من بقايا مواد البناء أدت لطمس معالم الحفائر الأثرية هناك كذلك يسعي لوضع يده علي أرض الآثار وهو دائم التعدي عليها منذ عام 1970 وصدرت ضده قرارات إزالة لتعديات قام بها منذ عام2003 لم تنفذ إلا في عام 2009 بشكل جزئي. المذكرة جاء فيها أنه تم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد تلك التعديات وإبلاغ شرطة السياحة والآثار وتمت إزالتها إلا أن المتعدين أعادوا بناءها مرة أخري بالمخالفة لقانون حماية الآثار. مسابك ومكامير فحم وعلي ما يبدو أن منطقة عرب الحصن باتت معقلا للتعديات في المطرية، حيث توجهت لجنة في 15-1-2008 لمعاينة منطقة الفحامات لتنفيذ الإزالات الخاصة بالمسابك والفحامات الواردة ضمن قرارات الإزالة رقم 301 و382 و1901 لعام 2001 و2318 لعام 2002. وطبقا لمحضر اللجنة رقم 463 فإن كلاً من محمد سعد محمد ولولو حسن خليفة وحسن علي محمد وحلمي إبراهيم إسماعيل قاموا بتعديات تمثلت في بناء مكامير فحم وتشوينات أخشاب، أما كلاً من رمضان زكي إبراهيم وشعبان سيد نوح وناصر محمد السيد وسيد فؤاد محمد ومحمد عبد الرحمن الجبلاوي وكمال عبد الرحمن الجبلاوي فقاموا بعمل مسابك، فيما تعذر تنفيذ إزالة التعدي الذي قام به حسين سيد حسين وهو عبارة عن مسبك لصعوبة دخول لودر الإزالة حيث يقع التعدي داخل عقار سكني، وعادل ضاحي عبدالواحد الذي تعدي بإقامة ورشة أخشاب تمت إزالة جزئية لها. التعديات جميعها تقع داخل القطعتين رقم 819 و820 في حوض الحصن وحسب مصدر بالآثار فإن أغلبها إن لم يكن كلها أزيل مرات عديدة في السابق وأعاد المتعدون بناءها مرة أخري متحدين في ذلك المنطقة والمسئولين عن الآثار فيها. المصدر كشف عن تقصير في تأمين الآثار بالمطرية وعرب الحصن، وعين شمس، وسوق الخميس، والمسلة مما أدي إلي وقوع عمليات سرقة بها، وأن الإهمال وعدم تأمين تلك المناطق جيدا سيُعرِّضها لمحاولات السرقة مرةً أخري. وأشار إلي انتشار التنقيب عن الآثار في المطرية خاصة منطقة عرب الحصن حيث تم مؤخرا إلقاء القبض علي 5 عاطلين، أثناء الحفر والتنقيب داخل أحد المنازل، وداهمت الشرطة المنزل وألقت القبض عليهم. ولفت أن انتشارعمليات الحفر خلسة بحثا عن الآثار في المطرية خاصة منطقة عرب الحصن يرجع إلي ثراء المنطقة أثريا وتاريخيا وتكرار عثور العديد من الأهالي علي آثار تحت منازلهم أثناء إحلالها وتجديدها مما أدي إلي وجود اعتقاد سائد لدي الأهالي بأن بيوت المنطقة تحتوي علي آثار، وأشار المصدر إلي أن أرض نقابة المحامين الأثرية التي تقع ضمن أملاك الآثار يقوم البعض باستخدامها جراجا لتروسيكلات بيع الخبز. رد مسئول عادل السعدني مدير عام آثار المطرية وعين شمس أكد أن التعديات زادت كثيرا علي أرض الآثار بسبب الانفلات الأمني الذي أعقب الأحداث التي شهدتها مصر مؤخرا، لافتا إلي أن الأوضاع الحالية تحتاج لجهود مكثفة لإعادة ضبط المنطقة ومقاومة هجمات المتعدين. وأضاف: المتعدون يحاولون استغلال ما يحدث وإعادة بناء تعدياتهم مرة أخري ومن جانبنا نبذل جهوداً لمواجهة ذلك، ونلاحق المتعدين علي طريقة القط والفأر وطالما أن الفئران «المتعدين» وضعها ليس قانونيا فإن الغلبة للقط «الآثار» في النهاية. وأوضح أن المقابر قريبة جداً للمنطقة الأثرية بعرب الحصن ومنذ عشرات السنين تشهد تعديات علي جانب كبير من المنطقة الأثرية وتمثل واحدة من أعقد أنواع التعديات ونواجه حساسية كبيرة في التعامل معها حتي لا يتم المساس بحرمة الموتي، وقال: عرب الحصن هي أسوأ منطقة عشوائية في المطرية بسبب التعديات الكثيرة علي أرض الآثار بها والتي أصبحت مثل «الطاعون». المطرية.. هليوبوليس القديمة عرفت المطرية تاريخيا باسم «هليوبوليس» أو «أون» وتعتبر من أهم المناطق الأثرية في مصر حيث كانت علي مدي التاريخ الفرعوني مركزًا رئيسيا لعبادة الشمس، واهتم الملوك بالتقرب إلي إله «الشمس» وتشييد المعابد له في المنطقة وعثر فيها علي شواهد ترجع إلي حضارات ما قبل التاريخ ومقابر من الأسرتين الأولي والثانية واهتم بها الملك زوسر وفي الدولة الوسطي شيد الملك أمنمحات الأول معبدًا لاله الشمس زين مدخله ابنه سنوسرت الأول باقامة مسلتين من الجرانيت مازالت إحداهما قائمة وازداد الاهتمام بالمنطقة في الدولة الحديثة وشيدت العديد من المعابد والمقاصير في عصر تحتمس الثالث وامنحتب الثالث ورمسيس الثاني ورمسيس الثالث ورمسيس التاسع واستمر هذا الاهتمام في العصر المتأخر. ومن أهم الآثار الموجودة في المطرية «مسلة سنوسرت الأول» من حجر الجرانيت الوردي، طولها20م ووزنها 20 طنا وترجع إلي عصر الأسرة الثانية عشرة وعلي جوانبها الأربعة كتابات بالهيروغليفية تحمل اسم الملك سنوسرت الأول وشيدت تمهيداً لعبادة الإله رع الشمس وقد أخذت شكل قمتها من طائر البن وكانت تطلي برقائق الذهب لتعكس أشعة الشمس المستمدة من الإله رع علي الأرض كناية عن الخير الذي يعم البشرية في ذلك الوقت. أما «منطقة عرب الحصن» التي تقع بجوار المسلة فتحوي بقايا مدينة «أون- هليوبوليس القديمة» وبها بعض الرموز الأثرية الهامة مثل منطقة المعابد وأبوالهول وتقع خلف جبانات المسلمين بمنطقة المسلة الجديدة. وهناك «شجرة العذراء مريم» التي ارتبطت برحلة العائلة المقدسة من بيت لحم بفلسطين مرورا علي بعض المدن المصرية وانتهاء بدير المحرق بأسيوط ثم العودة مرة أخري إلي فلسطين، وهي شجرة «جميز» قديمة غير مورقة ويقال إن السيدة العذراء استظلت هي وطفلها المسيح بها، أجريت بعض الحفائر العلمية بجوارها وأسفرت عن بئر يرجع إلي العصر الروماني.