على خطى أجدادهم الفراعنة، فى صورة لما كان يجرى على أرض مصر القديمة قبل آلاف السنين، توافد الملايين أمس على الحدائق العامة والشواطئ وضفاف النيل، حاملين البيض الملون والفسيخ احتفالا بأعياد الربيع وشم النسيم، وفى دراسة تاريخية أكدت أن للمصريين تاريخ طويل مع أكل الأسماك المملحة المعروفة ب«الفسيخ»، وتعد مدينة الأقصر أقدم مركز لصناعة الفسيخ والأسماك المملحة فى التاريخ. وأوضحت الدراسة أن منطقة «إسنا» جنوبالأقصر، والتى تشتهر بمعبدها الذى يحمل اسمها كانت أول مدينة تعرف صناعة الفسيخ فى التاريخ، كما أنه كان ضمن وجباتهم الأساسية أثناء احتفالاتهم بعيد «الشمو» والمعروف ب«شم النسيم» وكان الفراعنة يستخدمون سمك «قشر البياض» فى إعداد «الفسيخ»، وكانت مدينة إسنا من المدن الشهيرة فى صناعة وتقديم الأسماك المجففة، والتى تقدم كنذور للآلهة داخل المعابد. وبعد ذلك صار السمك المجفف رمزا للمدينة فى العصر البطلمى، وصار اسمها «لاثيبولس» أى مدينة سمك قشر البياض. وقد عرف المصريون بحسب الدراسة عدة أنواع من الأسماك التى رسموها على جدران مقابرهم مثل سمك البورى والشبوط والبلطى والبياض. كما عرفوا «البطارخ» منذ عصر الأهرام، وفى الأعياد كان جميع أفراد الشعب يأكلون السمك المقلى أمام أبواب المنازل فى وقت واحد. وكانت مظاهر الاحتفالات بقدوم الربيع تقام دائما على ضفاف النيل ووسط الحدائق والساحات المفتوحة وهو الأمر الشائع لدى جموع المصريين حتى اليوم. يرجع تاريخ خروج المصريين القدماء فى جماعات الى الحدائق والشواطئ احتفاء بقدوم الربيع تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف، إذ تعود جذور الاحتفال بأعياد الربيع إلى عهد الفراعنة، ولا تزال احتفالات المصريين بشم النسيم تحمل الكثير من عادات وتقاليد أجدادهم الفراعنة. وبحسب الدراسة فقد كان المصرى القديم يقضى أكثر الأوقات بهجة فى فصل الربيع وكانوا فى ذلك الفصل يحرصون على ارتداء الملابس الشفافة ويهتمون بتصفيف شعورهم، ويزيدون من استخدام العطور والأدهنة لإظهار مفاتنهم وهكذا كانت وستظل عودة الربيع تحمل الفرح والبهجة للمصريين على مر العصور. وتشهد مدينة الأقصر اليوم احتفالات متفردة بعيد الربيع وشم النسيم كما عرف أهلها «تقديس» الزهور منذ آلاف السنين وكان للزهور مكانة كبيرة فى نفوسهم ونفوس كل الفراعنة إذ كانت زهرة اللوتس هى رمز البلاد. كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته، وأن مقابر مدينة الأقصر الأثرية الفرعونية تمتلئ بالصور واللوحات المرسومة على جدرانها لصاحب المقبرة وهو يشق طريقه فى قارب وسط المياه المتلالاة بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردى ونباتات أخرى كما تشكل باقات الورود اليوم كما ترى أعمدة المعابد الفرعونية مزخرفة فى طراز «لوتسى» يحاكى باقات براعم الزهور، وأن قدماء المصريين صوروا أنفسهم على جدران مقابرهم ومعابدهم وهم يشمون الأزهار فى خشوع يرجع بعضه إلى الفرحة ويوحى بسحر الزهور لديهم.