تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    خلال لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى.. وزير الخارجية يؤكد على ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية    "الزراعة" تنفذ سلسلة من الأنشطة الإرشادية والتواصل الحقلي لدعم المزارعين بالمحافظات    الذهب يتجاوز اليورو ليصبح ثاني أكبر أصل احتياطي بالبنوك المركزية خلال 2024    تداول 4 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة و228 شاحنة بمواني البحر الأحمر    الفراخ البيضاء ب90 جنيهًا.. أسعار البيض والدواجن اليوم الخميس 12 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    12 يونيو 2025.. الدولار يقفز 37 قرشا في بداية التعاملات.. ويقترب من ال50 جنيهًا مرة أخرى    أمريكا تحظر على موظفيها وعائلاتهم التحرك خارج تل أبيب الكبرى والقدس وبئر السبع    انقطاع كامل خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة    مسئول إيراني: طهران لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم    سوريا: مقتل شاب واعتقال 7 آخرين في توغل إسرائيلي بريف دمشق    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 36    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    النيابة العامة بسوهاج تُعاين مسرح الجريمة في منزل الأب الذي شنق نفسه بعد ذبح أبنائه الثلاثة    النيابة تسلم عروس الشرقية القاصر لوالدتها في واقعة الزواج من مصاب بمتلازمة داون    تفاصيل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير.. فيديو    مجانًا.. قصور الثقافة تقدم العرض المسرحي هيموفيليا بالزقازيق    يحتل المركز الثاني.. فيلم ريستارت يحقق 3 ملايين جنيه في شباك التذاكر أمس    ننشر قائمة أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية للمكفوفين في الشرقية    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    تأييد السجن المشدد والغرامة لتاجر مخدرات بمصر القديمة    وزير الشباب يصل محافظة دمياط لتفقد عدد من المنشآت الرياضية    شوبير يكشف مركز بن شرقي الجديد مع الأهلي في وجود تريزيجيه    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى إنبي للفوز بالميدالية البرونزية    تقرير يكشف حقيقة مفاوضات النصر السعودي مع إيمري    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    كانسيلو: المشاركة في كأس العالم للأندية مصدر فخر لجماهيرنا.. ومواجهة ريال مدريد صعبة    قرار جمهوري بالموافقة على محضر تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى    «المالية»: تخصيص أرض بمحافظة البحر الأحمر للوزارة لا يعني بيعها    احذر منهم.. 5 أبراج أكثر غدرًا وخيانة في العلاقات    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    لجنة الإسكان بجامعة القاهرة: حصر الوحدات التجارية المباعة ولا مساس بحساب وديعة الصيانة    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    خطة ال1000 يوم.. الصحة تُطلق مبادرة التنمية السكانية تحت شعار بداية جديدة    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    الغفوة الصباحية بين الراحة الوهمية وتشويش دورة النوم.. ماذا يقول العلم؟    أقرب رفيق.. برقية تهنئة من زعيم كوريا الشمالية لبوتين بمناسبة يوم روسيا    لهذا السبب.. مصطفى شعبان يتصدر تريند "جوجل"    كمال الدين رضا يكتب: بطولة المليار دولار    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بمصر القديمة    أثار البلبلة بمنشور غامض، أول قرار من الزمالك ضد أحمد حمدي    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    محافظ الدقهلية في زيارة ليليلة مفاجئة لمدينة جمصة    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزوة تدمير مقومات الدولة العصرية المنشودة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 31 - 03 - 2011

يأتي هذا المقال في سياق الأحداث التي شهدتها البلاد منذ قيام الثورة المصرية الشعبية، والتي فجرها الشباب، ونخص بالحديث هنا بعض مظاهر هيمنة التيار الإسلامي بمختلف فصائله علي هذه الثورة، منذ أن اعتلي الشيخ القرضاوي المنبر في ميدان التحرير، ليؤم المصلين، مؤكدا شكلا وموضوعا علي إسلامية الثورة، ومن بعد اعتلاء أحد القيادات الإخوانية المنصة إلي جوار دكتور عصام شرف عند توليه رئاسة الوزراء، ليضفي جوا إخوانيا في هذه المناسبة الهامة. وتوالت الأحداث بعد ذلك ممثلة في تلك المظاهرات التي قام بها السلفيون أمام مجلس الوزراء، ورفعهم صور كاميليا شحاتة، ووفاء قسطنطين في وجه رئيس الوزراء، منادين باقتحام الأديرة للبحث عن المتأسلمات إلي جانب مظاهراتهم في شارع قصر العيني مندين ومكفرين كل من ينادي بالديمقراطية، وما حدث من جانب المجلس العسكري بإرسال الشيخ محمد حسان، وصفوت حجازي إلي قرية صول للحوار مع متطرفي القرية الذين قاموا بهدم الكنيسة، وبالفعل اقتنع المتطرفون بكلام الشيخين، مع الوعد من جانبهما أنه لن يحاسب من دمر الكنيسة من هؤلاء المتطرفين، مما كان له تأثيره الخطير لدي المسلمين قبل المسيحيين والسؤال الملح كيف لا يحاكم هؤلاء الإرهابيون؟ كما أدي إلي أحداث المقطم والتي راح ضحيتها العديد من القتلي والإصابات. ولا يقل عن هذا خطورة ما حدث قبل الاستفتاء علي التعديلات الدستورية من توزيع للمنشورات والإعلان في الصحف، بل وبالرشاوي والبلطجة للاستفتاء بنعم، باعتبار أن هذا هو توجه التيارات الإسلامية، وكاتجاه مضاد للأقباط الذين قالوا «لا» لهذه التعديلات، وبدا وكأن الاستفتاء - من وجهة نظرهم إن لم يكن كذلك - هو الاستفتاء علي الدين. وحدثت يوم الاستفتاء عشرات الأحداث التي قام بها التيار الإسلامي علي اختلافه وتنوعه، وبالزي المعروف للرجال والنقاب، والتحرش بالمستفتين. وغيرها من الأحداث التي حولت الاستفتاء إلي استفتاء علي الدين، وتكفير من استفتي، بلا وهذا ما عبر عنه وبدقة الداعية السلفي الشيخ محمد حسين يعقوب في تصريحاته التي تعود بنا إلي عصور الجاهلية الأولي، وعصور تخلف المسلمين، واعتبار ما حدث بأنه «غزوة الصناديق» وانتصار للدين، وقال في كلمته بمسجد الهدي في إمبابة «كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز، واليوم يقولون بيننا وبينكم الصناديق، وقالت الصناديق للدين نعم» مطالبا حضور هذا الهذيان بترديد تكبيرات العديد احتفالاً بموافقة 77% من المستفتين علي التعديلات الدستورية، وقال هذا السلفي «الدين هيدخل في كل حاجة.. مش دي الديمقراطية بتاعتكم؟.. الشعب قال: نعم للدين.. واللي مش عاجبه ألف سلامة عندهم تأشيرات كندا وأمريكا» وأضاف «القضية مش قضية دستور، وإنما نحن في بلد انقسم الناس فيه فسطاط الدين والمشايخ وقصارهم من الناحية فسطاط ناس تانية وكان شكلهم وحش لأنهم مش في الناحية اللي فيها المشايخ» وختم كلامه العبثي الذي ينم عن جهل بأبسط مفردات السياسة «خلاص البلد بلدنا»، وقد لا نكون بحاجة إلي بيان خطورة مثل هذا الهراء، بل والذي يعد خيانة لدماء شهداء الثورة، فلقد دعا إلي عدم الخروج علي الحاكم لأن في الخروج عليه فتنة كبري، كما ينص علي هذا الفقه الوهابي الذي يحمي عروش مماليك وأمراء الخليج، وما أفتي به هيئة كبار العلماء في السعودية من أن المظاهرات ضد خادم الحرمين حرام شرعا. ومما زاد من عمق الكارثة المتوقع أن تعيشها مصر إذا استمر هذا الجهل والتخلف، قيام شباب السلفيين إقامة الحد علي مصري مسيحي بقطع أذنه، وإحراق شقته وسيارته، بعد محاكمة علنية في الشارع، ويقال: إنه تم عقد صلح بين أطراف الكارثة، وتمت عملية تقبيل الرءوس. ويبقي السؤال: أين القانون الذي يوجب إقامة الحد القانوني علي من أقاموا الحد باسم الدين، وهو منهم براء.
عشرات المظاهر والمآسي التي تكشف عن هيمنة التيارات الإسلامية، وفي القلب منهم السلفية علي مجمل الحياة المصرية، يزيد من هذه الهيمنة طبيعتهم في استخدام العنف والتضليل، والضحك علي بسطاء المصريين، إلي جانب الإعلام الذي بات يعمل علي تفريغ الثورة المصرية من مضمونها وبالفلوس والشو الإعلامي لا يخجل من استضافة زعماء التطرف والإرهاب، وإظهارهم بمظهر البطولة مع أنهم القتلة والسفاحون، ولعل في الاحتفاء والاحتفال الإعلامي بعبود الزمر المشارك في اغتيال السادات، مبررًا هذا بأنه فتوي من العلماء المشهود لهم بالكفاءة الشرعية.
باختصار: إن مثل هذه الأحداث، وما هو متوقع من المزيد منها في ظل الفوضي السائدة - نقول: إن مثل هذه الأحداث والمفاهيم والأفكار الجامدة المتخلفة، إنما تؤدي إلي تدمير مقومات وثوابت الشخصية المصرية: بوسطيتها، وسماحتها، ووحدتها، كما أنها تعوق قيام الدولة المدنية العصرية المنشودة، والتي يعد من أهم مقوماتها: إعمال القانون، وتطبيقه علي الكل دون تفرقة، وتحقيق المواطنة بين جميع أبناء الوطن دون تمييز أو تفرقة بسبب الدين والمعتقد، أو اللبس واللون. فالكل في حق الحياة سواء، إنها الدولة المبدعة، والحافظة علي الفن الرفيع والثقافة المتحضرة، كما أنها الدولة التي تتخذ من «العلم» أداة نهضتها وتقدمها، عشرات المقومات للدولة المدنية العصرية المنشودة، والتي كشف عنها شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير، في شعاراتهم التي رفعوها من ضرورة تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وغيرها من الشعارات والأهداف النبيلة، التي باتت وبكل الصدق مهددة، بل واغتيال هذه الثورة، وتدمير مقومات الدولة المصرية المدنية العصرية. وهذا ما يفرض علينا جميعًا التصدي له ومقاومته في كل الميادين والمجالات وعلي كل المستويات، وفي القلب المؤسسات الثقافية والتعليمية، والدينية المستنيرة. وعاشت الثورة المصرية الشعبية، شبابية النشأة، المتفاعلة مع الكفاءة والخبرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.