بما أننا مشغولين بالتعليم فإننا أصبنا بآفة الإفراط فى التعليم وهى الظاهرة التى يشعر فيها التلاميذ بأنهم محمولين بأعباء كثيرة أو واقعون تحت ضغط بسبب المهام التعليمية التى يقضى فيها التلاميذ أوقات طويلة مُكرهاً وبالتالى يكون التعليم عقبة أمام سعادته. هذا ما يحدث فى مصرنا. يذهب التلاميذ إلى المدرسة ويعودون منها ليستكملوا رحلتهم التعليمية فى المراكز التعليمية أو مع المدرس الخصوصى فى المنزل. تندرج الدروس الخصوصية تحت إطار التعليم المتوازى للتعليم المدرسى.. فإذا كانت الدولة تسمح بالتعليم الموازى. فلماذا لا تعترف الدولة بالتعليم المنزلى وفيما يناسب المجتمع المصرى؟ لماذا يُلزم أولياء الامور بإرسال أبنائهم إلى المدرسة؟ لماذا لا يكون التعليم إلزامياً من غير إلزام؟ اقترف البشر أخطاء كثيرة ولكن أسوأ جريمة اقترفت على الإطلاق هى التخلى عن الاطفال وترك مسئولية تعليم الاطفال بين فكى المؤسسات التعليمية ولا ننكر أبداً أن المدارس فى مصر تمر بأزمة خطيرة هى أزمة مؤسسة سياسية (وهى جزء من أزمة المجتمع المعاصر) تتطلب إعادة النظر فى فكرة التعليم النظامى الإلزامى ذاته وليس فى أشكاله أو وسائل تطبيقه. من دلائل هذه الأزمة: ارتفاع نسبة التسرب من التعليم، تزايد شعور الإحباط عند التلاميذ والمدرسين، وعجز المدارس عن تأدية وظائفها (وإلقاء اللوم على نقص المال أو المبانى أو التجهيزات)، وتحول هدف التعليم إلى استئناس الأطفال وتطبيعهم لكى يتوافقوا مع المجتمع، وأخطر من ذلك أن التعليم فى مصر على الرغم من التقدم التكنولوجى والثورة المعلوماتية، لم يستطع الوفاء بتقديم التعليم الإلزامى وذلك لالتزامه بطرق تعليمية ووسائل عقيمة اعتاد عليها التعليم داخل الفصول الدراسية. تدعى المدرسة بأنها مؤسسة تقوم بدور: الرعاية والانتقاء الاجتماعى والتلقين والتعليم ولكن المدرسة عندما تقوم بأدوارها الثلاثة الاولى تقضى على أمل تحقيق الوظيفة الرابعة. وبعبارة أدق فإن المدرسة لا تقوم بدورها الأساسى وهو التعليم ولذلك جاء الوقت الذى يستوجب علينا سحب السجادة من بين قدمى المؤسسات لتعليم أبنائنا. مع العلم أننى لا أعلن الموت على المدارس ولا أطالب إلغاءها ولكن يتحتم النظر خارج القالب الجامد للتعليم والتجديد فى التعليم الراديكالى الذى سئمنا منه. قد يكون التعليم المنزلى حلاً فى ظل الأزمات المتكررة للدولة كالأزمات السياسية والأمراض وقد يكون مخرجاً للأسر التى تعيش فى مناطق نائية أو ذوى الاحتياجات الخاصة مع العلم أن التعليم المنزلى لا يكون ملائما لكل الاسر ولكنه بديل للتعليم المدرسى يختار ولى الأمر النافع له وهذا حق من حقوق الانسان. باحثة تربوية