هل من حق المعلم أن يستبدل إبلاغ النيابة العامة ضده بموشح (تهزىء)؟. وأى العقوبتين أكثر قسوة: تطبيق القانون أم إهدار كرامة المدرس؟ لقد أصبحت القاعدة التربوية هى النقل أو الإقالة، منذ اصطحب الدكتور «أحمد زكى بدر» وزير التربية والتعليم كاميرا التليفزيون لتسجل تردى أوضاع المدارس. وفى مشهد عبثى أقرب لفانتازيا فيلم «التجربة الدنماركية» اقتحمت الكاميرات (المزبلة) -أى المدرسة- فلم يكن هناك مدرس يقوم بواجباته، ولا مدير للمدرسة، والمشهد لا ينقصه إلا (عشة فراخ) لممارسة النشاط الاقتصادى، وزغرودة تعلن (دخلة فرج) لتتوج النشاط الاجتماعى!. نعم سيادة الوزير، هذا هو حال مدارسنا، وتلاميذنا ممن أرهبتهم طلعتكم البهية!. هذا هو حال مدرسين، لم يسعفهم «الكادر» ولا أغاثتهم فلوس «الدروس الخصوصية»!. المدرس يا دكتور «بدر» هو ضحية العملية التعليمية نفسها، الضحية تُجلد دون نظرة رحمة، لتنمية قدراتها المهنية والإنسانية. أما الطالب الذى وقف «مذعورا» لا يملك دليلا على أنه يتعلم إلا كراسا مهملا، بدون زى مدرسى، فهو عنوان لجيل «المستقبل» الذى يصور «السلطة» بكاميرا «الموبايل» شماتة فيما يليها فى سلم السلطات. فعن أى مستقبل نحدث الأطفال الذين تابعوا إهانة «معلمهم» ونقله من مكانه؟ لقد نظم طلاب مدرسة الخلفاء الراشدين الإعدادية بنين، وقفة احتجاجية، لمطالبة وزير التربية والتعليم بوقف تنفيذ قراراته بنقل جميع العاملين بالمدرسة إلى إدارة أطفيح. فهل معنى ذلك أن الوزير أرسى أول دروس الديمقراطية بين الطلاب، أم أنهم واقعون تحت «قهر» يتجاوز وعيهم وقدراتهم النفسية؟ الإجابة أنهم يسيرون بفعل «الخوف» وحده!!. ففى نفس اليوم تمت إحالة مشرف نشاط بمدرسة إعدادية بإدارة ههيا التعليمية إلى الشؤون القانونية بالمديرية للتحقيق معه فى واقعة تحميل جهاز الكمبيوتر الخاص به بالمدرسة بمشاهد مخلة بالآداب. هناك إذن حالة تواطؤ بين المدرس والطالب والأهل، حالة تآمر على الطالب من مناهج التعليم المتحجرة، لبيزنس الثانوية العامة، والأبنية التعليمية الآيلة للسقوط، وكأن الوزارة أصبحت ترفع شعار: (لا تربية ولا تعليم)!!. المدارس الآن تعلم المراهقين تدخين «البانجو» أو الانخراط فى مافيا التطرف، أو القفز فوق أسوار العيب والحرام!. نعم، إنها مزبلة – يا سيادة الوزير- مزبلة فكرية وأخلاقية، لا تُحل بإصلاح صنبور المياه.. ولا بدرس خصوصى فى الرياضة من الوزير شخصيا. الوزير مهمته رسم السياسات والعمل على تنفيذها، وفى عمر وزارتك القصير، لم نر إلا تصريحا يربط هيبة المدرس بالضرب فى المدارس.. حتى إن تراجعت عنه. فلاتزال حظيرة الدواجن أكثر آدمية من المدارس، وعلاقة المدرس بالمجتمع تزداد تعقيدا، والأطفال يتربون على ثقافة الخوف (!!). ليس من حق وزير التربية والتعليم أن يهين معلما –على الملأ- مهما أخطأ، فخطأ الوزير يشوه المدرس، الرمز فى عيون جيل بأكمله.. إذا كان الوزير يمارس الإرهاب المعنوى، فليعد الضرب فى المدارس؟!