تبقى الثقافة ودورها أحد أهم أسلحة الشعب الفلسطينى التى يدافع بها عن قضيته، وهو الدور الذى تدعمه وزارة الثقافة والإعلام الفلسطينية والتى يتولاها حاليا الدكتور أنور أبو عيشة، وأبو عيشة ابن مدينة الخليل الذى يزوه معرض القاهرة الدولى للكتاب للمرة الأولى..عن الثقافة ودورها فى البناء والمحافظة على كيان الشعوب وتاريخها ضد معاول الهدم والخراب، وعن المعرض كان لنا معه هذا الحوار. - كيف ترى معرض القاهرة الدولى للكتاب خاصة دورة هذا العام؟ - حقيقة منذ بدأت أدرس الدكتوراه فى فرنسا عام 1980، كنت كل عام أتمنى أن أزور معرض القاهرة الدولى الكتاب، لكنى لم أنجح إلا هذه المرة، فهذا العام هو العام الأول لى هنا فى المعرض، وأرى أن المعرض ممتاز جدا، متسع ومليء بالعناوين لدرجة أننى مكبوت، حيث كنت أريد أن اشترى الكثير من الكتب، خاصة أن هناك العديد من الكتب القيمة والتى كنت أتمنى وجودها فى بيتي، لكن لا يوجد إمكانية لذلك، وأرى أن اللحظات القليلة التى عشتها هنا فى معرض القاهرة للكتاب وعلى الرغم من قصرها هى أكثر اللحظات التى عشت فيها ثقافتى العربية كثقافة، وجدت نفسى محاطا من كل جانب بإخوتى من جميع الدول العربية وسط انتاجات عربية متنوعة تختلف عن بعضها، كلنا هنا نكمل بعضنا ونتبادل وجهات النظر، نتحدث فى الكثير من الأمور وهو شيء ايجابى جدا، فيجب أن يكون هناك تواصل بين كل أهل الثقافة العربية، بالثقافة وحدها نستطيع أن نواجه كل أشكال التطرف والتجهيل، وأن نقوم بالتوعية للمخاطر الحقيقية التى تحيط بالشعوب العربية. - ما رؤيتك لحال الثقافة المصرية؟ وهل تأثرت بالأحداث السياسية؟ سواء فى مصر أو فلسطين أرى أن الإنتاج الثقافى لا يتوقف ولم يتوقف ولن يتوقف، فهناك إنتاج دائم، ومن الطبيعى أن الإنتاج الثقافى وفى كافة مناحيه يتأثر سلبا وإيجابا بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية كحال أى مجتمع فى العالم، ولكن من الواضح جدا أن الإنتاج الثقافى المصرى جيد جدا ومتواصل كما عهدناه دائما. - تمارس دورك الثقافى وسط أجواء الاحتلال الإسرائيلى الغاشم، ما أهم التحديات التى تواجهك؟ دور وزارة الثقافة أن تعمل أولا على أن تصل الثقافة للجميع، خاصة من هم على أطراف البلاد، المناطق النائية المحاذية للجدار العازل، المناطق المعروفة بالمنطقة «ج» الواقعة تحت سيادة المحتل الإسرائيلي، ومن أهم واجباتنا أن يكون فى مقدور أى فلسطينى الوصول إلى الكتب، المسارح، الأفلام، وغيرها، ثانيا أن تكون ثقافتنا ثقافة صمود، أن يبقى الفلسطينى صامدا على أرضه وفى مكانه وألا يخضع للترهيبات الإسرائيلية التى تحاول دفعه للمغادرة وهجره الوطن، وثالثا نحن نعمل على التوعية على أن تكون الدولة الفلسطينية دولة قانون وعدالة اجتماعية سواء كان ذلك قريب المنال أو بعيدا، وبالتأكيد فى كل تلك المواضيع هناك تشابك مع الثقافات العربية، لأن كل الدول العربية تعانى مما نعانيه عدا موضوع الاحتلال، لذلك هناك تشابك وتشابه كامل بين أهل الثقافة فى فلسطين وأهل الثقافة فى كل الدول العربية، ودورنا هو التشجيع والمواكبة والمبادرة، نبادر ما استطعنا نقاوم ما استطعنا، نتحمل الاحتلال ما استطعنا، لكن لأشك أن النكد الاحتلالى موجود فى حياتنا يوميا وعلى مدار الساعة. - هل تقوم الثقافة الفلسطينية على المؤسسات الحكومية فقط أم هناك مؤسسات أخرى تقوم بهذا الدور؟ منذ عام 1967 وبشكل أساسى فى الضفة الغربية وفى غزة نشأت جمعيات أهلية نشيطة جدا، ومثال ذلك عندما أنشأت 14 جامعة فلسطينية منها 9 كانت جمعيات أهلية ومازالت كذلك، ومن سير أعمال الشعب الفلسطينى فى الشئون الثقافية والصحية والاجتماعية. أثناء الاحتلال كانت هى الجمعيات الأهلية والتى مازالت تعمل، ونحن دورنا كوزارة ثقافة هو دعم الإنتاج الثقافى لا إنتاج الثقافة، فنحن مثلا ندعم ناشرى القطاع الخاص بشراء كتبهم وتوزيعها على المكتبات، ندعم المبدعين لمساعدتهم فى إبداعهم وهكذا دواليك، لكننا ليس من ينتج هذه الثقافة، على الرغم من إننا أحيانا نطبع كتبا إذا ما تعسر نشرها فى القطاع الخاص، ولذلك أستطيع أن أقول أننا نواكب أهل الثقافة فى نشاطاتهم لتشجيعهم ودعمهم للوصول إلى إنتاج ثقافى قوى، خاصة أن العلم والإبداع والمال لا تجتمع. - وما دور الوزارة فى ظل عمليات التهويد ومحاولات المحتل الإسرائيلى تغيير الهوية الفلسطينية؟ نقاوم سلميا ونحتج لدى المنظمات الدولية ونتحدث عنها ونستنكرها، ولكن كل ذلك لا يمنع إسرائيل من مواصلة التهويد والاستيطان والاستيلاء على الأراضى والاعتداء على المقدسات، وبالأساس نحن نطالب بتطبيق القانون الدولى والذى يضمن حماية تلقائية لكل تلك الأمور، ولكنها ترفض ذلك، بل وحتى تطبيق اتفاقيات أوسلو التى وقعت عليها بالتوقف عن الاستيطان والاعتداء على المقدسات وطمس التراث التاريخى الفلسطينية، ولدينا فى وزارة الثقافة دائرة تسمى «أدب السجون» تهتم بكل الأسرى وخاصة من تحرر منهم و لديهم إنتاج أدبى جيد، بل إنتاجنا غزير جدا فى كل أنواع المقاومة ثقافيا. - ما هى معوقات الثقافة العربية من وجهة نظرك؟ من أهم مشكلات الثقافة العربية هى مواجهة «العولمة» الوحش الكاسر الطاغي، الذى له ايجابيات بالتأكيد، لكن له سلبيات أراه تؤثر فى إنتاجنا الثقافي، وأرى أننا يجب أن نمارس حب الكتاب، على الرغم من أنها ليست مشكلة الشعب العربى وحده، بل هى مشكلة أممية حتى فى أمريكا نفسها، فعلى كل من يرى ويكتشف هذه السلبيات أن يعمل على التقليل من تأثيرها السلبي، وهو ما نعمل عليه. - ما تعليقك على تدخل جماعات فلسطينية فى الشئون المصرية وصلاتها بجماعات بعينها؟ نحن مستاءون جدا ونرفض أى تدخل فلسطينى أو غير فلسطينى أو أى فئة فى الشئون الداخلية للشعب المصري، هذا مبدأ ثابت وقاطع سارت عليه منظمة التحرير الفلسطينية منذ قيامه، نرفض أى تدخل فى الشئون الداخلية المصرية بأى طريقة كانت، كما نحافظ على أنفسنا ونرفض أى تدخل خارجى فى شئوننا الداخلية، ونحن نعلم أن هناك تطابق بين مصلحة مصر وأمنها القومى ورؤيتها السياسية مع الأمن الفلسطينى ورؤيته السياسية، فهناك وحدة حال حتى اجتماعيا واقتصاديا، وأؤكد أن رجل الشارع والشعب الفلسطينى فى كل مكان يتألم بأى ضرر يحصل فى مصر، ويدين كل عنف يحدث ضد الشعب المصري، وأننا لن نكود سعداء إلا عندما تستقر الأمور وأن نرى تفعيل دولة القانون مع الدستور الجديد لتبقى مصر دائما دولة قانون كما عهدناها.